رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان في حوار لـ«إيجي إن»: 60 مليون فرد لا يستحقون الدعم، والحكومة تخطط لصرف 3000 جنيه سنويا لكل مواطن
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025 01:11 م

فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب
- استمرار الدولة في الاستثمارات العامة يرفع عجز الموازنة
- على الحكومة البحث عن تمويل دون ديون وأعباء جديدة
- قطر تستثمر في "علم الروم" بـ 4 مليارات دولار
- الاستثمارات الأجنبية وأدوات الدين تغنينا عن صندوق النقد الدولي
- مصر لا تحتاج إلى تمويل من صندوق النقد
- 18 تريليون جنيه قيمة الدين العام الداخلي والخارجي على مصر
- الانتهاء من 80% من البنية الأساسية بتكلفة 550 مليار دولار
- نحتاج إلى استثمارات طموحة لا تقل عن 17% خلال العام الحالي
- 4.5% النسبة المستهدفة لنمو الاقتصاد بنهاية العام الجاري
أثار الجدل المتصاعد حول الدين العام والفجوة التمويلية، إلى جانب مستقبل الدعم في مصر، تساؤلات عديدة لا تنتهي بين المواطنين، فمع تزايد الأعباء على الموازنة العامة وتنامي الضغوط الخارجية، تتجه الأنظار نحو صانعي القرار للبحث عن حلول تضمن الاستقرار الاقتصادي وخاصة للفئات الأكثر احتياجاً.
وتحدث الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في حوار لـ"إيجي إن" عن كيفية تعامل الدولة مع الدين العام، ورؤيتها في خفض الفجوة التمويلية وسدها، بالإضافة إلى خطتها لتطوير منظومة الدعم ليصبح نقدي بدلاً من عيني، فضلاً عن تقييم الإصلاح الاقتصادي والعلاقة بين مصر وصندوق النقد.

وإليكم نص الحوار….
الدعم الموجه للحماية الاجتماعية أصبح لا يغطي الطبقة المتوسطة بكفاءة.. ما رأيك؟
المواطن يريد الدعم النقدي وليس الدعم العيني، فقد خصصت الدولة لدعم المحروقات من البنزين والسولار والغاز وغيرهم حوالي 155 مليار جنيه في موازنة العام الماضي، ولكن هذا الدعم شمل جميع الطبقات وجميع الجنسيات الموجودة في مصر، ولم يقتصر على الطبقة المتوسطة فقط، بل تستفيد الطبقة العالية من هذا الدعم بدرجة أكبر من الطبقة المتوسطة، نظراً لامتلاكهم سيارات تحتاج إلى بنزين، ومن ثم يحصلوا على البنزين المدعم الذي من حق المواطن البسيط.
فكرة توزيع الدعم على جميع الطبقات شاملة الضيوف الأجانب في مصر، والسلك الدبلوماسي، والطبقات العالية وغيرهم بما يمثل 110 ملايين نسمة، فهذا الدعم العيني لا يستفيد منه الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة، بل يذهب منه نسبة 30% لمن لا يستحق، ولذلك الدولة تناقش خلال الفترة الحالية فكرة تقديم الدعم النقدي إلى المواطن الذي يستحق هذا الدعم، والبالغ متوسط عددهم نحو 50 مليون مواطن، وتحويل هذا الدعم إلى نقدي يصل للمواطن.
ما خطة الدولة لتقديم الدعم النقدي إلى المواطنين بدلاً من الدعم العيني؟
نخطط لعمل كارت موحد للمواطنين المستحقين البالغ عددهم 50 مليون أو أكثر لهذا الدعم، وتقسيم مبلغ الدعم الكامل مثل دعم المحروقات البالغ 155 مليار جنيه على عدد المواطنين المستحقين، ومن ثم شحن الكارت بمبلغ الدعم الذي قد يصل إلى 2500 أو 3000 جنيه في السنة المالية الواحدة، حتى يتمكن المواطن من الاستفادة بالدعم بشكل نقدي، ليكون هذا الدعم إضافة على راتبه أو معاشه الشهري لشراء مستلزماته واحتياجاته، ويتم تقسيم بقية المستحقات المخصصة للطبقة المتوسطة والأكثر احتياجاً بنفس النمط على الـ 50 مليون مواطن الذي يحتاج إلى الدعم، لتكون هذه التقسيمة أكثر كفاءة وعدالة للطبقة المتوسطة الذي ترى الدعم غير كافي.
ويمكن للمواطن سحب المال المتوفر في الكارت من خلال ماكينات السحب أو من خلال الدفع بالكارت في محلات السوبر ماركت وغيرها، فقد تم تجربة هذا الكارت حالياً في محافظة بورسعيد كتجربة أولية لقياس مدى نجاحها، وننتظر نتيجة نجاحها من عدمه لاتخاذ قرار توزيعها على جميع محافظات مصر.

كيف تقيم توجه الدولة نحو الاعتماد على أدوات الدين المحلي بدلاً من الاقتراض الخارجي؟
اعتماد الدولة على أدوات الدين المحلي بدلاً من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، تعني أن الدولة تسير في الطريق الصحيح، فالاستراتيجية الخاصة بالدين العام والتي تتضمنها السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، فقد عرض أحمد كجوك وزير المالية 4 نقاط هامة في هذه السردية، ومن ضمنها إدارة الدين ووضع استراتيجية لإدارة الدين العام وخفضه في مسار نزولي خلال الـ 5 سنوات القادمة.
هناك 4 مكونات في أي اقتصاد:
- الأول: الحكومة وموازنتها متضمنة الإيرادات والمصروفات.
- الثاني: قطاع الأعمال سواء العام أو الخاص، وهو المنتج للسلع والخدمات وله إيراداته ومصروفاته أيضاً وصافي الربح الخاص به.
- الثالث: وهو القطاع العائلي، أي التعداد السكاني المكون من 110 مليون نسمة.
- والرابع: القطاع الخارجي المتضمن التصدير والاستيراد وانتقالات رؤوس الأموال وانتقالات الأفراد في شتى الأغراض من وإلى هذه القطاعات الاقتصادية.
ويعد المحرك الرئيسي لهذا الهيكل الاقتصادي، الجهاز المصرفي بما فيه البنك المركزي وبنوك مصر الذي يبلغ عددهم نحو 38 بنكًا.
وفي استراتيجية مصر لإدارة الدين، وضعنا سقف في موازنة الدولة على الاستثمارات العامة للحكومة، لإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص غير المولدة لديون على الحكومة والذي يقود القطاع الاقتصادي وليس الحكومة، ويقتصر دور الحكومة على استكمال البنية التحتية دون الدخول في مشروعات جديدة، وأيضاً استكمال المشروعات التي وصلت إلى 70% فأكثر، مثل المونوريل والقطار الكهربائي السريع، وحياة كريمة التي تم إنتهاء المرحلة الأولى منها، والدولة تمضي قدماً في استكمال المرحلتين المتبقيتين.
ومن الأسباب التي ترفع الدين هي ضمان وزارة المالية للهيئات الاقتصادية، فكان هناك 59 هيئة اقتصادية خلال العام الماضي، ولكن ارتفع عددهم هذا العام ليصل إلى 63 هيئة، وهذه الهيئات قد تقترض لإنشاء مشروعات أو استيراد قاطرات من الخارج، أو تطوير الاستثمار الخاص بها، مما يدفعها للاقتراض من الخارج مع وجود وزارة المالية كضامن لها، وفي حالة عدم سدادها تسدد وزارة المالية المبلغ بدلاً من الهيئة، وهو ما يتسبب في ارتفاع الديون، ولذلك فالدولة وضعت سقف للضمانات الحكومية.
لو استمرت الدولة في إنشاء استثمارات عامة بالإضافة إلى استكمال مشروعات البنية التحتية، يزداد عجز الموازنة، قد تم الإنتهاء من 80% من البنية الأساسية بمساعدة القطاع الخاص، بتكلفة تصل إلى 550 مليار دولار، أي بما يعادل 25 تريليون جنيه، فالدولة عند إنشاء مدينة العلمين تخلصت من جميع الألغام وطورت البنية الأساسية، وهو ما دفع الإمارات للاستثمار فيها، وبالتالي تقليل الاقتراض من الخارج.

إلى أي مدى أسهم الإصلاح الاقتصادي في خفض عجز الدولة وسد الفجوة التمويلية؟
الفجوة التمويلية في الموازنة تمثل جانب صغير في موازنة الحكومة، بينما هناك فجوة تمويلية أخرى في الهيكل الاقتصادي الكلي، بسبب ضعف المدخرات المحلية في جميع مكونات الاقتصاد لمصر باعتبارها دولة نامية، فمثلاً مدخرات قطاع الأعمال عام وخاص هي صافي الربح المتبقية بعد دفع المصاريف والضرائب وكل الالتزامات، كما أن القطاع العائلي وخاصة الفئة الغنية تكون مدخراتها دائماً موجبة، وبذلك يكون هناك قطاعين داخل هيكل الاقتصاد يوفروا مدخرات، وبجمع متوسط المدخرات للقطاعين نجد أنهم يدخروا حوالي 20% من دخلهم.
بالنسبة للقطاع الحكومي، فدائماً هناك عجز في الموازنة بمتوسط بلغ حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2024/2025 – 2025/2026، وبالمقارنة مع نسبة العجز منذ 10 سنوات التي كانت تمثل 14%، نجد أن نسبة العجز تراجعت النصف، مما يدل على التطور الملحوظ في الإصلاح الاقتصادي، والنسبة المثالية التي نسعى لها في مصر هي الوصول لنسبة 3% في العجز.
ويبلغ صافي الإدخار المحلي في مصر حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة ضعيفة، ففي حالة الاكتفاء المحلي والاستثمار بنسبة الـ 13% المتاحة وعدم الاقتراض من الخارج سواء من صندوق النقد أو المستثمر الأجنبي أو غيره، تصبح نسبة معدل نمو الاقتصاد 2% فقط، وهي ما لا يكفي عدد السكان الذي يزداد يوماً بعد يوم، ولذلك تسعى الحكومة خلال العام المالي الجاري 2025/2026، أن ينمو الاقتصاد بمعدل 4.5%، بعد أن حقق في نهاية السنة المنتهية في 30 يونيو 2025 نسبة 4.2% ، والتي فاقت التوقعات المحددة سلفاً بنسبة 4%، مما يدل على الأداء الجيد للاقتصاد، وهو ما يعني أنه يجب أن تكون الاستثمارات طموحة نظراً لوجود علاقة طردية بين الاستثمارات ومعدل النمو.
ما حجم الاستثمارات المطلوبة لتحقيق معدل النمو المقدر بنهاية العام المالي الحالي؟
الدولة تسعى للنمو بنسبة 4.5% العام المالي الحالي، و5% للسنة التي تليها، و5.5% للعام المالي الذي يليه، وهكذا يزداد نصف بالمئة كل عام حتى نصل إلى نسبة الـ 7% معدل نمو خلال الخمس سنوات القادمة، وهو ما يتطلب وجود استثمارات طموحة لا تقل عن 17% من الناتج المحلي الإجمالي، لإنتاج معدل نمو بنسبة 4.5% وسد الفجوة التمويلية للاقتصاد البالغة 4% ، بما يتراوح بين 16 و17 مليار دولار، وهو ما تسعى الدولة لسده من الخارج عبر طريقتين:
الأولى: من خلال تمويل بدون ديون على الدولة، مثل دعوة المستثمرين الأجانب (العرب) للاستثمار داخل مصر، وهو استثمار يفيد الدولة ولا يغرمها أي ديون، حيث إن المستثمر يختار المكان الذي يريد الاستثمار فيه داخل الدولة، ومن ثم الحصول على قطعة أرض من هيئة التنمية الصناعية بوزارة الصناعة ثم إقامة المشروع الاستثماري فيها، ومثال على ذلك هو تعاقد مجلس الوزراء مع شركتي إعمار مصر و سيتي ستارز، باستثمارات لإقامة المشروع الأكبر من نوعه على ساحل البحر الأحمر، بمساحة تبلغ حوالي 2500 فدان، وهو مشروع تابع للقطاع الخاص، بمبلغ 7.5 مليار دولار، وغير مولدة لديون على مصر، وهو ما يسمى استثمار أجنبي مباشر(عربي)، مما أدى لتراجع الدولار نسبياً.
وتدور نقاشات خلال الفترة الحالية بشأن حصول دولة قطر على قطعة أرضية بعد مرسى مطروح، تسمى علم الروم، بنظام حق الانتفاع وبمساحة 55 ألف فدان، لإقامة استثمارات جديدة في مصر بقيمة تقريبية قد تصل إلى 4 مليار دولار، وهو ما يساعد على سد حوالي 11 مليار دولار من أصل قيمة الفجوة، ولذلك تضطر الدولة إلى اللجوء للطريقة الثانية المتمثلة في الاقتراض.
وتتمثل الطريقة الثانية في الاقتراض من خلال السندات وتويع أسواق المال التي تقترض منه، فمثلاً تقترض من سوق لندن بسندات بالدولار، وسوق اليابان بسندات بالين الياباني، وسوق الصين باليوان الصيني، والاتحاد الاوروبي باليورو، مما أدى لتنوع الأسواق والعملات .
كيف تستفيد مصر من تنويع أسواق المال العالمية في الاقتراض وإدارة الديون؟
تنويع أسواق المال التي تقترض منه مصر، تضيف ميزة تحقيق تراجع في سعر الفائدة إلى أقل ما يمكن، بالإضافة غلى فترات استحقاق أطول طويلة الأجل، حيث تعمل استراتيجية الدولة في إدارة الديون على إطالة فترة السداد حتى تتمكن الدولة من التقاط انفاسها.
ما حجم الدين العام المصري حالياً مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي؟
الدولة تُقدر الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري 2025/2026 بحوالي 20,4 تريليون جنيه، بما يعادل تقديره بحوالي 420 مليار دولار، والدين العام جميعه محلي وأجنبي مقدر له خلال العام المالي الحالي حوالي 18 تريليون جنيه، بما يعادل حوالي 160,2 مليار دولار، منهم حوالي 10,5 تريليون جنيه ديون محلية، و7,5 تريليون جنيه للدين العالمي، بما يمثل 35% دين خارجي و 65% دين محلي، وكلما قل العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كلما تراجعت نسبة الدين، وهو ما عملت عليه الدولة خلال السنوات الأخيرة، فقد تراجعت نسبة الدين العام م 89% إلى 82,5%.
تضاربت الآراء خلال الفترة الأخيرة بين مؤيد ومعارض لسياسة مصر مع صندوق النقد... فهل تؤيد استكمال مصر في برنامجها مع صندوق النقد الدولي ؟
مصر هي التي أظهرت صندوق النقد الدولي عندما انضمت له منذ 80 عاماً في 1945، بعد اجتماعها مع الدول الأعضاء منذ انضمامها لوضع قواعد صندوق النقد، فنظام الصندوق يساهم في تمويل الدول التي تتعثر في اقتصادها، ويقدم مساعدات فنية وتمويلية، وكل دولة تضع حصة لها في صندوق النقد، وبلغ إجمالي الرصيد من حصص الدول في الصندوق حوالي تريليون دولار.
عند حدوث مشكلة في مصر تلجأ للصندوق باعتبارها عضوة فيه ومُنشأة له، وكل البرامج التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، برامج وطنية تساعدنا وقت الحاجة، ولكن في حالتنا وحالة الفجوة التمويلية، فالاستثمارات الأجنبية المباشرة وأدوات الدين المتنوعة، تغنينا عن الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وبما إن الدولة خططت لموازنات السنوات الخمس القادمة مع وضعها في الاعتبار الاعتماد على الاقتصاد المحلي والاستثمارات الأجنبية، فبالتالي لا تحتاج للصندوق إلا في حالة الحاجة إلى تمويل لملئ الفجوة التي لا تسدها الاستثمارات وأدوات الدين، مع أهمية وجود ضمانات بالالتزام بالسداد.
وصندوق النقد يمول الدول من حصص الدول الأخرى المشتركين في العضوية، وبالتالي يراجع كل 6 أشهر الاقتصاد للتأكيد من التزام الدولة بالسداد في الوقت المحدد، كما أن صندوق النقد بشكل عام يراجع كل الدول الأعضاء.
مصر لا تحتاج لتمويل كبير من صندوق النقد لأن اقتصادها في تحسن ونمو ملحوظ، ولكن حتى لو انهت برنامجها مع الصندوق فهي عضوة فيه، ويتابعها الصندوق باستمرار للتأكد من التزامها بالمعايير وسير اقتصادها في الاتجاه السليم، بحيث لا يتضرر أي اقتصاد من اقتصادات الدول الأخرى، وهو ما ينص عليه مشاروات المادة الرابعة.
Short Url
المناطق الاقتصادية الخاصة، من الجدران الجمركية إلى المدن الذكية
16 سبتمبر 2025 11:53 ص
من الحسابات البنكية للتمكين المالي، لماذا أصبح الشمول المالي مجرد وهم في العالم العربي؟
15 سبتمبر 2025 04:53 م
بين القمامة والكهرباء، كيف تستفيد مصر من سوق عالمي قيمته 73 مليار دولار؟
15 سبتمبر 2025 04:30 م
أكثر الكلمات انتشاراً