طفرة التكنولوجيا المالية، ملامح التحول الاقتصادي في مصر والعالم

الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025 08:22 ص

التكنولوجيا المالية FinTech

في ظل تسارع التقدم التكنولوجي عالميًا، تبرز التكنولوجيا المالية FinTech كأحد أبرز محركات الاقتصاد الجديد، لما تحمله من إمكانيات هائلة في إعادة تشكيل المشهد المالي والاقتصادي، محليًا وعالميًا.

ويبدو أن المستقبل القريب لن يكون فقط رقميًا، بل أيضًا مدفوعًا بالبيانات والذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعل من التكنولوجيا المالية ركيزة أساسية في الاقتصاد الرقمي، ومحورًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة.

لقد شهد العالم خلال الأعوام الأخيرة تغيرات هيكلية عميقة في أنماط الإنتاج والتبادل الاقتصادي، نتيجة للثورة المعلوماتية، حيث لم تعد المعاملات المالية والتجارية مقيدة بحدود زمنية أو جغرافية.

وفي هذا السياق، تبرز التكنولوجيا المالية كأداة فعالة لتعزيز الشمول المالي، ورفع كفاءة الأسواق، وتحقيق رؤية مصر 2030، التي تضع الرقمنة والشمول المالي ضمن أولوياتها.

FinTech… أكثر من مجرد تطوير مصرفي

تجاوزت التكنولوجيا المالية دورها التقليدي كمجرد تحديث للأنظمة المصرفية، لتتحول إلى صناعة قائمة بذاتها، تدعمها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة، وتقنيات البلوك تشين والعملات الرقمية.

وتقدم هذه الصناعة حلولاً ذكية تسرع عمليات الإقراض، وتحسن إدارة الأموال، وتوفر خدمات مالية غير مسبوقة للأفراد والشركات على حد سواء.

وتبرز أهمية FinTech في كونها تمكن المؤسسات المالية من تحسين كفاءتها التشغيلية، وخفض تكاليفها، وزيادة نطاق انتشار خدماتها، دون الحاجة إلى بنية تحتية تقليدية.

وتتيح للمستخدمين الوصول إلى خدمات مالية متقدمة بمرونة وسرعة، مما يعزز مناخ الابتكار المالي، ويخلق فرصًا جديدة في مجالات التمويل، والتأمين، والاستثمار.

مصر تتحرك نحو التحول إلى مركز إقليمي

انطلاقًا من إدراكها لدور التكنولوجيا المالية كمحفز للنمو الاقتصادي، أطلق البنك المركزي المصري في مارس 2019 استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تطوير قطاع التكنولوجيا المالية، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لهذا القطاع الواعد.

وقد ساهمت هذه الاستراتيجية في خلق بيئة تنظيمية وتشريعية حاضنة، تدعم نمو الشركات الناشئة وتوفر بنية تحتية مرنة للتحول الرقمي.

وبات واضحًا أن التكنولوجيا المالية أصبحت أحد الروافد المهمة للنمو، ليس فقط لكونها تساهم في تسريع وتسهيل العمليات المالية، بل لأنها تفتح المجال أمام فئات جديدة من المجتمع، كانت خارج المنظومة المصرفية، للدخول في النظام المالي الرسمي، بما يساهم في تحقيق الشمول المالي وتقليص الفجوة الاقتصادية والاجتماعية.

التكنولوجيا المالية تقود طفرة المحافظ الإلكترونية في مصر، أبرز الشركات

الأرقام تتحدث.. طفرة استثمارية عالمية

تشير الأرقام إلى أن سوق التكنولوجيا المالية العالمي شهد نشاطًا غير مسبوق خلال النصف الأول من عام 2025، بإجمالي استثمارات بلغ 44.7 مليار دولار موزعة على 2216 صفقة، ما يعكس إقبالًا عالميًا متزايدًا على هذا القطاع.

اللافت أن منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا استحوذت على 13.7 مليار دولار من هذه الاستثمارات، لتأتي في المرتبة الثانية عالميًا بعد الأمريكتين، اللتين استقطبتا 26.7 مليار دولار.

ويؤكد هذا التوجه أن المنطقة، التي كانت حتى وقت قريب خارج دائرة المنافسة الجادة في هذا المجال، باتت اليوم طرفًا فاعلًا على خريطة التكنولوجيا المالية العالمية.

الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية في صدارة المشهد

من بين القطاعات الفرعية التي شهدت اهتمامًا استثماريًا كبيرًا، جاءت التكنولوجيا المالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في المرتبة الثانية، حيث جذبت استثمارات بقيمة 7.2 مليارات دولار، تليها الأصول والعملات الرقمية التي بلغت استثماراتها 4.8 مليارات دولار، مقارنة بـ 10.7 مليارات دولار خلال 2024، ما يعكس تقلبات السوق، ولكنه لا يلغي الاهتمام العالمي المستمر بهذه المجالات.

"التكنولوجيا المالية في مصر"، استثمارات متزايدة ونقلة نوعية في الابتكار الرقمي

تحديات المستقبل.. فرص كامنة

رغم هذه الطفرة، إلا أن التكنولوجيا المالية لا تزال تواجه تحديات تنظيمية وتشغيلية، أبرزها الحاجة إلى تحديث القوانين، ومواكبة المخاطر الناشئة عن الابتكارات المالية المتسارعة، خصوصًا في مجالات الأمن السيبراني، وحماية البيانات، وغسل الأموال.

وفي هذا السياق، تتزايد مسؤوليات الحكومات والبنوك المركزية، ليس فقط لضمان التوازن بين الابتكار والاستقرار المالي، بل أيضًا لدعم بيئة أعمال مرنة، قادرة على احتضان التطور السريع دون إخلال بالنظام المالي.

أكثر من مجرد قطاع

تبدو التكنولوجيا المالية اليوم أكثر من مجرد قطاع واعد، إنها رافعة استراتيجية للنمو، وأداة تمكين اقتصادي، ومفتاح لتحقيق التنمية المستدامة.

ومع استمرار تدفق الاستثمارات، وتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والبيانات، فإن مستقبل الاقتصاد الرقمي قد بدأ بالفعل، ويبدو أن من لا يواكب هذه التحولات، سيجد نفسه على هامش المشهد الاقتصادي الجديد.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.