الإثنين، 08 سبتمبر 2025

02:14 م

المرونة مع النساء في العمل، خطوة نحو مستقبل اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة

الإثنين، 08 سبتمبر 2025 10:30 ص

العمل المرن

العمل المرن

حتى وقت قريب، كان ينظر إلى المرونة في العمل سواء من حيث الوقت أو المكان كميزة إضافية تمنح للموظفين في بعض القطاعات، أو كحافز لجذب الكفاءات، لكن السنوات الأخيرة، وبالأخص خلال جائحة كورونا، غيرت هذه النظرة بشكل جذري.

العمل المرن

واليوم، أصبح العمل المرن أداة فعالة لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل، ووسيلة لتقليص فجوات النوع الاجتماعي، وتحسين الإنتاجية والتوازن بين الحياة الشخصية والمهنية.

يقدم تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" الصادر عن البنك الدولي منظورًا فريدًا مبنيًا على بيانات قانونية شاملة تمتد لـ 50 عامًا في 190 اقتصادًا حول العالم، ويسلط الضوء على أهمية هذا التحول، ويكشف عن التحديات والفجوات المتبقية في الطريق نحو مرونة عمل حقيقية ومستدامة.

المرونة في العمل.. أداة لتمكين المرأة وتعزيز الإنتاجية

تشير بيانات التقرير إلى أن القوانين التي تضمن ترتيبات العمل المرن تخلق بيئة محفزة لانخراط النساء في سوق العمل، بما يعزز مشاركتهن الاقتصادية ويدعم النمو على المدى الطويل. 

ففي تقدير للبنك الدولي، يمكن أن يرتفع نصيب الفرد من الدخل بنسبة تصل إلى 20% إذا ساهمت النساء في سوق العمل بنفس مستوى مشاركة الرجال.

لا يقتصر هذا التأثير على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى النواحي الاجتماعية، حيث تسهم هذه الترتيبات في تمكين الأسر من موازنة الالتزامات العائلية والمهنية، وتعد حلاً حقيقيًا للتحديات التي تواجه مقدمي الرعاية، خصوصًا النساء.  

العمل المرن

تاريخ العمل المرن.. مسيرة بطيئة نحو الاعتراف القانوني

على الرغم من أن مفهوم العمل المرن ظهر في بعض الأدبيات منذ السبعينيات، فإن اعتماده القانوني تأخر كثيرًا، فقد كانت فرنسا أول دولة تعتمد تشريعًا بشأن الوقت المرن في عام 1974، واستغرق الأمر حوالي عقدين حتى لحقت بها بلغاريا في عام 1993، بينما تأخر الاعتراف بـ"العمل عن بعد" أكثر، حيث بدأت بعض الدول في تقنينه مطلع الألفية الثالثة.

تحقق إنجاز لافت في سلوفاكيا عام 2003، حيث كانت أول دولة تدمج بين "العمل عن بعد" و"الوقت المرن" في تشريع واحد، لتقدم بذلك نموذجًا متقدمًا في فهم التحديات الواقعية التي تواجه العاملين، خصوصًا النساء، في التوفيق بين العمل والحياة.

 

اقرأ أيضًا:

كاسبرسكي تقدم نصائح للعمل عن بعد بأمان

الجائحة.. محفز تشريعي لتغيير نماذج العمل

شكلت جائحة كورونا نقطة تحول محورية في مسار التشريعات المتعلقة بالعمل المرن، وفي الفترة ما بين 2020 و2023، اتخذت العديد من الدول خطوات غير مسبوقة لتقنين العمل عن بعد والوقت المرن، استجابةً للقيود التي فرضتها الجائحة.

  • 16 دولة سنت قوانين جديدة لدعم الوقت المرن
  • 38 اقتصادًا تبنت تشريعات تتيح العمل عن بعد

ولم يكن هذا التغيير محصورًا فقط بالاستجابة للأزمة، بل كان في بعض الحالات جزءًا من التزام دولي، كما هو الحال في دول الاتحاد الأوروبي التي عملت على دمج توجيه الاتحاد بشأن التوازن بين العمل والحياة الشخصية في تشريعاتها الوطنية، قبل الموعد النهائي في أغسطس 2022.

العمل المرن

الفجوات الإقليمية.. تفاوت واضح بين الشمال والجنوب

رغم التقدم المحرز، تكشف بيانات التقرير عن تفاوتات إقليمية كبيرة في تبني العمل المرن:

منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)

تتصدر هذه الدول المشهد، حيث أن 56% من اقتصاداتها لديها تشريعات تغطي كلًا من الوقت المرن والعمل عن بعد.

أوروبا وآسيا الوسطى

تسجل نسبة جيدة، حيث أن 11 من أصل 23 اقتصادًا في المنطقة لديها تشريعات مزدوجة تغطي كلا النوعين من المرونة.

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي

الوضع متوسط، حيث أن 25% فقط من الاقتصادات لديها قوانين لتنظيم كلا الترتيبين، بينما يقتصر البعض على تنظيم جانب واحد فقط.

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الوضع أكثر تأخرًا،  الإمارات العربية المتحدة فقط لديها تشريع بشأن العمل عن بعد، ولا توجد قوانين بشأن الوقت المرن في أي من بلدان المنطقة.

إفريقيا جنوب الصحراء

غينيا بيساو هي الدولة الوحيدة التي تملك تشريعات تغطي كلا الترتيبين، في حين أن معظم الدول تفتقر إلى أطر قانونية واضحة في هذا المجال.

جنوب آسيا

لا يوجد أي تشريع قانوني لتنظيم العمل المرن في أي من دول المنطقة، ما يعكس فجوة تشريعية تستدعي معالجة عاجلة.

العمل عن بعد

أرقام تكشف حجم الفجوة

من بين 190 اقتصادًا، 42 فقط أي ما يمثل 22% لديها تشريعات بشأن الوقت المرن، و61 اقتصادًا بنسبة 32% تعتمد قوانين تسمح بالعمل عن بعد، لكن فقط 23 اقتصادًا بواقع 12% تقدم كلا الخيارين، مما يبرز الحاجة إلى نموذج أكثر شمولاً في تنظيم العمل.

اقرأ أيضًا:

لأول مرة.. قانون العمل الجديد ينظم العمل عن بعد عبر المنصات الرقمية

العمل المرن.. أكثر من مجرد خيار وظيفي

يؤكد التقرير أن غياب الأطر القانونية يجعل ترتيبات العمل المرن مجرد ممارسة اختيارية تعتمد على تقدير أصحاب العمل، وليست حقًا مضمونًا لجميع العاملين. 

وهذا يضعف قدرة النساء على الاستفادة من هذه الترتيبات، خاصة في القطاعات التي تفتقر إلى ضمانات قانونية.

العمل المرن لا يجب أن ينظر إليه كاستجابة طارئة لجائحة أو كأداة لتحسين بيئة العمل فقط، بل يجب أن يكون جزءًا من منظومة العدالة الاقتصادية والاجتماعية، ويسهم في تقليص الفجوات الجندرية، ويعزز من فرص الوصول إلى عمل لائق ومستقر للجميع.

العمل عن بعد

من التكيف المؤقت إلى الحق القانوني الدائم

تؤكد بيانات التقرير أن الوقت قد حان للانتقال من سياسات ظرفية إلى تشريعات دائمة تنظم العمل المرن، وجعل المرونة جزءًا من القانون لا يمنح العاملين حقوقًا متساوية فقط، بل يساعد الاقتصادات أيضًا على بناء القدرة على الصمود أمام التغيرات العالمية، سواء كانت صحية أو تكنولوجية أو بيئية.

العمل المرن يجب أن يكون هو القاعدة، لا الاستثناء، وعلى صانعي السياسات أن يعيدوا النظر في تشريعاتهم، وأن يضعوا نصب أعينهم أن مستقبل العمل مرن، رقمي، ومتعدد الأشكال وأن من لا يواكب هذا التحول سيتأخر عن ركب التنمية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search