-
رئيس شعبة الاقتصاد الرقمي في حوار لـ«إيجي إن»: مصر تقود الثورة الرقمية بالمنطقة وينقصنا توطين صناعة الرقائق
-
مصر تدخل عصر الرقمنة، إطلاق تقرير تقييم الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعي
-
السعودية تخفض أسعار النفط لآسيا بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج
-
«الحكومة» تستعرض مقترحات التحالفات العالمية لإدارة حي المال والأعمال بالعاصمة
الكنز الملعون، 24 تريليون دولار تُحول الكونغو لأفقر دول العالم
الأحد، 07 سبتمبر 2025 10:49 م

الكونغو
نفيسه محمود
العبودية والاستعمار والفساد أسباب رئيسية أطاحت بفرص جمهورية الكونغو الديموقراطية في أن تكون من أغنى دول العالم، لتصبح واحدة من أكثر البلاد فقرًا، وعندما نرى مواردها الطبيعية، نتفاجأ أنها في أواخر مراكز مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، ويأتي السؤال هنا، كيف أصبحت موارد الكونغو لعنة أطاحت بالبلاد؟

موارد الكونغو الاستثنائية مطمع للجماعات الإرهابية
مساحة جمهورية الكونغو الديموقراطية تعادل مساحة أوروبا الغربية تقريبًا، وتتميز الكونغو بموارد طبيعية هائلة لا توجد في أي دول أخرى، وتتنوع هذه الموارد بين النحاس والكوبالت والزنك والألماس، والكثير من المعادن الثمينة، بجانب وفرة الطاقة الكهرومائية، وخصوبة التربة الزراعية، والتنوع البيلوجي الرائع، الذي تتميز به الكونغو نتيجة امتلاكها ثاني أكبر غابة مطيرة في العالم، وعلى الرغم من كل هذه الموارد، إلا أن تاريخ الصراعات والاضطرابات السياسية في الكونغو، جعلتها مطمع للدول الأجنبية والميلشيات المسلحة.
حتى وصل الحال إلى أن تصبح جمهورية الكونغو الديمقراطية، واحدة من أفقر خمس دول في العالم، وتشير تقديرات البنك الدولي أن 73.5% من مواطني الكونغو، يعيشون بأقل من 2.15 دولار خلال اليوم، كما يعيش واحد من كل ست أشخاص في فقر شديد في البلاد.
كل هذا الفقر ينتشر بين كل هذه الموارد، فأين تذهب هذه الموارد؟ ولماذا لا يستطيع مواطني الكونغو الاستفادة منها؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة، يجب أولًا أن نستعرض كمية الموارد المهوولة التي تمتلكها جمهورية الكونغو الديموقراطية.
تمتلك الكونغو 10% من النحاس العالمي و70% من الكوبالت و80% من الكولتان
تمتلك الكونغو حوالي 10%، من احتياطات النحاس العالمية، حيث تمتلك حوالي 75 مليون طن من النحاس، وينتج حزام النحاس في كاتانغا خام النحاس بدرجات تتراوح بين 3-5%، مقارنة بالمتوسط العالمي، الذي يتراوح بين 0.6-0.8%.
كما تمتلك الكونغو 70% من احتياطات الكوبالت العالمية، حيث تشير التقديرات إلى وجود احتياطات تصل لـ6 ملايين طن، وهو يعتبر منتج ثانوي لتعدين النحاس بجانب النيكل، ويعتبر الكوبالت أثمن مورد معدني للكونغو، ونتيجة لتزايد الطلب على بطاريات أيونات الليثيوم المستخدمة في إنتاج السيارات الكهربائية، ومع زيادة أسعار الكوبالت يعتبر الكوبالت ثروة هائلة للكونغو، وخاصة أن منجم موتاندا ينتج أكثر من 20 ألف طن من الكوبالت سنويًا، ويعتبر هذا الإنتاج 15% من الكوبالت الذي يتم إنتاجه عالميًا كل عام.
وبالنسبة للتنتالوم والنيوبيوم، فتمتلك الكونغو مناجم إنتاج الكولومبيت والتانتاليت ( الكولتان) في منطقة بحيرة كيفو، حيث تمتلك الكونغو 80% من احتياطات العالم في الكولتان، والذي يعتبر أساس تصنيع الإلكترونيات.

معادن الكونغو الأنقى في العالم
كما تعتبر الكونغو منتج رئيسي للألماس والذهب والمنجنيز والتانتالوم، وهي مصدر مهم للزنك والكادميوم والقصدير والجرمانيوم والفحم، حيث تمتلك احتياطات كبيرة من القصدير، يتميز بتركيزات عالية من الكاسيتريت تصل لـ75%، وقد كشف إحصائيات 2024، أن الكونغو كانت أكبر منتج للقصدير خلال العام الماضي، حيث صدرت حوالي 34.5% من إجمالي القصدير المصدر عالميًا بقيمة 604.1 مليون دولار.
وبالنسبة للتنجستين، فيتميز الخام بأنه يحتوي على 2-3% من أكسيد التنجستين، والذي يعتبر ضعف المتوسط العالمي، وبالنسبة للزنك، فيتميز بوصول تركيزاته لـ 10%، أما بالنسبة لليثيوم فتظهر رواسب منطقة مانونو أن الليثيوم الموجود يحتوي على أكسيد الليثيوم بنسبة تتراوح بين 1.5 إلى 2% والتي تعتبر من أجود رواسب الليثيوم الصخري الصلب في العالم، كما تظهر احتياطات الكونغو من المنجنيز احتواؤه على مستويات نقاء استثنائية تتجاوز الـ 50%.
الكونغو أكبر منتج للألماس في إفريقيا
أما بالنسبة للألماس فالكونغو أكبر منتج له في إفريقيا، ورغم هذه الميزة نجد أن منجم باكوانغا MIBA الذي يمتلك امتياز تجاري رسمي للألماس، نتيجة الشراكة بين حكومة الكونغو والشركة البلجيكية سيبيكا، لا ينتج سوى ثلث الألماس الموجودة في الكونغو، فالبلاد تمتلك احتياطات ألماس تصل لـ 150 مليون قيراط، والذي يعتبر 30% من احتياطات الألماس العالمية، وتتميز منطقة مبوجي- مايي بإنتاجها لأحجار ألماس عالية الجودة ذات نقاء استثنائي.
حتى الآن، معظم الألماس الذي يتم تداوله في الكونغو غير معروف مصدره، كما أن سوق الألماس في الكونغو يعاني من السرقة وأعمال العنف حتى أنه يطلق عليه لقب "الألماس الدموي"، وهو ما يعود بخسائر فادحة على جمهورية الكونغو، حيث تشير التقديرات أن أكثر من 40% من الألماس المنتج لا يتم تسجيله في دفاتر الحكومة، وتقدر الخسائر الناتجة عن تهريب الألماس في البلاد إلى نصف مليار دولار سنويًا.
ووفقًا لمجلس الذهب العالمي، فإن تقديرات احتياطات الذهب في الكونغو لعام 2023 وصلت لـ 600 مليون طن، وتمتلك البلاد رواسب ذهب تتميز بمستويات نقاء عالية تتراوح بين 22-24 قيراط في منطقة إيتوري.

24 تريليون دولار ثروات الكونغو غير المستغلة، والشعب يعاني
وعلى الرغم من أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تعتبر موطنًا لأهم المعادن الموجودة في العالم، ولكن الشعب الكونغولي لا يتمتع بهذه الثروات، حيث تبلغ قيمة الثروات غير المستغلة أكثر من 24 تريليون دولار، نتيجة سيطرة الجماعات المسلحة، والدول الأجنبية على هذه الموارد، وتتركز هذه الثروة المعدنية للبلاد في المناطق الشرقية والجنوبية، وخاصة في محافظات:
- كاتانجا وهي غنية بالنحاس والكوبالت
- شمال وجنوب كيفو وتعتبر مناطق رئيسية للقصدير والتنجستن والتنتالوم والذهب.
- إيتوري تمتلك رواسب ذهبية كبيرة.
- مانيما وهي المصدر الأساسي لرواسب القصدير والتنجستين والتنتالوم والذهب.
- كاساي تعتبر موطن عمليات استخراج الماس.
الكونغو تمتلك ثاني أكبر نهر في العالم وأكبر مشروع طاقة كهرومائية
أما بالنسبة الموارد الطبيعية للطاقة الكهرومائية التي تمتلكها الكونغو، فالكونغو تمتلك ثاني أكبر نهر في العالم من حيث الحجم وهو نهر الكونغو، والذي يوفر كميات ضخمة من الطاقة الكهرومائية، حيث يفرغ النهر تقريبًا 41 ألف متر مكعب في الثانية الواحدة، والذي إذا استغل بشكل صحيح، يستطيع توليد كميات ضخمة من الكهرباء، أما سد إنغا، والذي يعتبر أكبر مشاريع الطاقة الكهرومائية في العالم، فتشير التقديرات أنه قادر على توليد ضعف قدرة سد الخوانق الثلاثة، الموجود في الصين.

غابات الكونغو تحتجز 1.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا
وبالنسبة للغابات، تتركز معظم غابات الكونغو المطيرة داخل الكونغو الديمقراطية بنسبة 60%، في حوض الكونغو، والتي تزيد مساحتها عن 3.7 مليون كيلومتر مربع، كما تعتبر من أهم مصادر الكربون في العالم، إذ يتم تخزين تقريبًا 8% من كربون الغابات العالمية في العالم، كما أنها تحتجز حوالي 1.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج سنويًا، وتعتبر هذه الغابات ثاني أكبر غابة مطيرة في العالم بعد غابات أمازون، وتمتلك أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات، وألف نوع من الطيور، و400 نوع من الثدييات.
ولا ننسى أن الكونغو تصدر مجموعة متنوعة من الأخشاب، وخاصة أنها تمتلك غابات على مساحات شاسعة، وتستطيع الكونغو صناعة أخشاب تدخل للناتج القومي من 2 إلى 3 مليار دولار سنويًا، ولكنها غير مستغلة بشكل صحيح.
مساحة الأراضي الزراعية للكونغو 80 مليون هكتار، والمستغل 10% فقط
وبالنسبة لموارد الكونغو الزراعية، فهي تمتلك مساحة أراضي صالحة للزراعة تصل لـ 80 مليون هكتار، ولكن المساحة المستغلة لا تتعدى الـ 10%، ولا يزال متوسط المساحة المزروعة عند 1.5 هكتار، بالإضافة إلى مناطق مناخية ممتازة، لمحاصيل مثل البن والكاكاو وزيت النخيل والمطاط والكثير، من أنواع الأغذية الأساسية، وقدر الخبراء أنه إذا تم استغلال مواد الكونغو الزراعية بشكل صحيح، تستطيع هذه الموارد إطعام حوالي مليار شخص.
_1759_042521.jpg)
موارد كونغو.. لعنة وليست فرصة ازدهار اقتصادي؟
على الرغم من ثروات الكونغو الهائلة، إلا أنها تعتبر من أفقر الدول ويرجع ذلك إلى عدة أسباب:
نتيجة للصراعات الموجودة في الكونغو وخاصة شرق الجمهورية، وأدى ذلك إلى استغلال المعادن مثل الذهب والقصدير والتنجستين والتنتالوم، لتكون مصدر لتمويل الجماعات المسلحة، حيث تجني هذه الجماعات الإرهابية أكثر من 150 مليار دولار سنويًا من أنشطة التعدين في القانون وتهريب المعادن.
كما أن استغلال الشركات الأجنبية لموارد الكونغو المتاحة قد سمح للشركات المتعددة الجنسيات أن تهيمن على معظم مناطق إنتاج المعادن في الكونغو.
وقد ساهم انخفاض أسعار المواد في التدهور الاقتصادي للكونغو وخاصة أن الكونغو تصدر المعادن بشكل خام، بالإضافة إلى انتشار الفساد، فقد تم اكتشاف أن عائدات التعدين بين 2018-2022، والتي تزيد قيمتها عن 750 مليون دولار لم يتم تسجيلها في الحكومة.
ومع ضعف البنية التحتية الكونغو، والذي يعيق النقل وجميع عمليات التعدين، تسببت في خسائر إنتاجية تتراوح بين 15-20% في قطاع التعدين، وتعاني الكونغو من قلة الوصول إلى الكهرباء، حيث أن نسبة الوصول للكهرباء على مستوى البلاد لا تتعدى الـ 9%.
وتعاني الحكومة في الكونغو من التعدين غير الرسمي، الذي لا تستطيع تسجيله أو الوصول إليه، والذي يعود عليها بخسائر تتجاوز الـ 2 مليار دولار سنويًا، وإذا تم مكافحة هذا الفساد قد تستطيع الحكومة استرداد بين 1-1.5 مليار دولار.
توقعات مستقبلية إيجابية
وهناك بعض التوقعات المستقبلية المتفائلة أن الطلب على كوبالت الكونغو سيزداد بنسبة 300% بحلول عام 2030، والذي يمكن أن يوفر للكونغو بين 25-30 مليار دولار سنويًا، ومع تطوير المصافي المحلية يتوقع أن تزيد قيمة الصادرات بنسبة 30-40%.
وباعتبار أن الكونغو توفر حوالي 70% من المعادن الأساسية لإنتاج البطاريات عالميًا، فهذه الميزة ستخلق فرص تسويقية كبيرة للبلاد إذا تم استغلالها بشكل صحيح.
وفي حالة تطبيق شرط قانون التعدين بتوجيه 10% من إيرادات التعدين، سيؤدي ذلك إلى توليد من 250 إلى 300 مليون دولار سنويًا لصناديق التنمية المحلية.

اقرأ أيضًا:
صادرات القصدير تقفز لـ 562% في خمس سنوات والكونغو تتصدر قائمة المنتجين
سر "الكولتان"، المعدن الذي يغذي التكنولوجيا بـ"دم" عمال الكونغو (فيديو)
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أمريكا في قلب الفجوة التكنولوجية.. عجز تجاري متصاعد يكشف أزمة في العمق
08 سبتمبر 2025 05:00 م
74.9 مليار دولار واردات مستحضرات الجمال العالمية خلال 2024، والصين أكبر المستوردين
08 سبتمبر 2025 03:48 م
أكثر الكلمات انتشاراً