-
"أزمة لوجستيات المناخ"، جزيرة إندونيسية تضع "هولسيم" أمام القضاء السويسري
-
"البيتكوين سلاح مالي جديد"، أكبر الحكومات المالكة للعملة المشفرة حول العالم خلال 2025
-
البنوك المركزية تعيد الذهب إلى صدارة النظام المالي العالمي
-
ترامب صناع السلام غير المقصود، كيف أسهمت الحرب التجارية في تحسين العلاقات بين الصين والهند؟
"فرنسا"، من قاطرة الاتحاد الأوروبي إلى نقطة ضعف تهدد استقراره
الجمعة، 05 سبتمبر 2025 09:10 م

اقتصاد فرنسا
في وقت كان ينظر فيه إلى فرنسا كإحدى ركائز الاتحاد الأوروبي الاقتصادية والسياسية، باتت باريس في صيف 2025، تواجه أعنف اختبار داخلي منذ أزمة اليورو في العقد الماضي، فالأرقام لم تعد مجرد مؤشرات مالية أو نسب نمو تقرأ في تقارير البنوك، بل تحولت إلى إشارات إنذار تنذر بتغيرات عميقة، تهدد ليس فقط النسيج الداخلي الفرنسي، بل بنية الاتحاد الأوروبي نفسه.

جبل من الديون.. ونمو يتعثر
الواقع المالي في فرنسا بات مقلقًا إلى حدٍ لا يمكن تجاهله، فقد تخطى الدين العام بشقيه الحكومي والخاص حاجز 8.6 تريليونات دولار، ما يوازي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي، في وقت لا يتجاوز فيه معدل النمو 0.6%، وهو الأدنى منذ أكثر من عقد.
وما يزيد الطين بلة، أن الدين يرتفع بوتيرة مذهلة تبلغ 450 ألف دولار في الدقيقة الواحدة، وهذه المعطيات تضع الحكومة أمام استحقاق اقتصادي خانق، حيث باتت خدمة الدين تلتهم حصة متزايدة من الموازنة، على حساب الإنفاق الاجتماعي والاستثماري، وفي ظل مجتمع يشيخ بسرعة، ويثقل كاهل المالية العامة.
أزمة اقتصادية.. لكن السياسي أخطر
والتحدي الأكبر الذي يفاقم هذه الأزمات، لا يكمن فقط في الأرقام، بل في الفراغ السياسي العميق، ويقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم دون أغلبية برلمانية، وحكومته برئاسة فرانسوا بايرو تبدو عاجزة عن تمرير أي خطة إصلاحية دون الاصطدام بجدار من المعارضة.
وقرار بايرو بطلب التصويت على الثقة، كان محاولة بائسة لإعادة ترتيب الصفوف، لكن الحقيقة أن التفكك البرلماني بات عائقًا بنيويًا أمام أي إصلاح جاد، الأمر الذي يعزز الانطباع بأن فرنسا دخلت مرحلة شلل سياسي حقيقية.

ضغوط ديمغرافية.. ونظام اجتماعي في خطر
التركيبة السكانية، تشكل عاملًا ضاغطًا لا يقل خطورة، فأكثر من 14 مليون فرنسي تجاوزوا سن الـ65، ما يزيد من فاتورة التقاعد والرعاية الصحية، في وقت تتقلص فيه قاعدة دافعي الضرائب، وهذا الواقع يضع النظام الاجتماعي الفرنسي في مأزق وجودي، خصوصًا مع محدودية قدرة الدولة على زيادة الضرائب دون إشعال الشارع.
اقرأ أيضًا:-
منطقة اليورو: الحكومة الفرنسية تواجه انهيارًا محتملًا آخر بسبب قضايا الميزانية
المعارضة تتقدم.. بخطط مثيرة للجدل
وفي هذا المشهد المعقد، تقدم المعارضة، وتحديدًا حزب الاستعادة، خطة بديلة تعد بتوفير أكثر من 63 مليار يورو دون زيادة الضرائب، وتتضمن إجراءات مثيرة للجدل، مثل:-
- إلغاء استقبال المهاجرين بحجة التكلفة الباهظة 40 – 80 مليار يورو سنويًا.
- إلغاء الهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون لتوفير 5 مليارات يورو.
- حل بعض الوكالات الإدارية التي تعتبرها زائدة عن الحاجة.
وهذه المقترحات، رغم واقعيتها من الناحية المالية، تصطدم بالحساسية السياسية، واتهامات بالتمييز أو تقويض المؤسسات الديمقراطية.

أوروبا تدفع الثمن
لكن الأزمة الفرنسية لا تقف عند حدود باريس، ففرنسا تمثل ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، واهتزازها يربك الأسواق الأوروبية، ويهدد استقرار العملة الموحدة، ومع تباطؤ الاقتصاد الألماني وأزمة إيطاليا السياسية المستمرة، يخشى من تشكل مثلث ضعف أوروبي، قد يعرض الاتحاد بأكمله لهزة عنيفة.
الأسواق المالية بدأت بالفعل في استشعار الخطر، مع تصاعد التوتر في سوق السندات وانخفاض شهية المستثمرين تجاه الأصول الأوروبية، في ظل غياب خطة إنقاذ أوروبية واضحة.
اقرأ أيضًا:-
بورصة فرنسا تهبط 0.29% خلال التعاملات ومؤشر "فوتسي" يصعد 0.19%
ماكرون أمام سيناريوهات صعبة
الحلول الدستورية المطروحة محدودة ومحفوفة بالمخاطر:-
- استقالة رئيس الوزراء وتعيين بديل، وهو خيار غير مرجح في ظل الانقسامات.
- حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، ما قد يفتح الباب أمام تصاعد اليمين المتطرف.
- استقالة الرئيس ماكرون، وهو سيناريو غير مطروح حاليًا، لكنه لا يستبعد تمامًا إذا تأزمت الأمور أكثر.

لحظة الحقيقة
وما يجري اليوم في فرنسا ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل لحظة مفصلية في تاريخ الجمهورية الخامسة، فبين فشل حكومي، وانقسام سياسي، وشروخ اجتماعية، أصبحت فرنسا في قلب عاصفة تهدد مستقبلها ودورها كدولة محورية في أوروبا.
فهل تنجح باريس في اجتياز العاصفة بسلام، أم تتحول إلى نقطة ضعف مزمنة داخل جسد الاتحاد الأوروبي المثقل أصلاً بالضغوط؟ الإجابة تتوقف على قرارات الأيام والأسابيع المقبلة، لكنها بلا شك ستكون لها تداعيات تاريخية على الداخل الفرنسي والمشهد الأوروبي بأكمله.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أزمة المصانع المتعثرة في مصر، الأسباب والحلول المقترحة
05 سبتمبر 2025 05:29 م
80 عامًا من إدارة الأزمات والبحث عن الاستدامة، رحلة مصر مع صندوق النقد
05 سبتمبر 2025 03:15 م
الذكاء الاصطناعي ومستقبل الاقتصاد العربي.. هل نحن على أعتاب نقلة نوعية؟
04 سبتمبر 2025 02:41 م
أكثر الكلمات انتشاراً