وثيقة جديدة، كيف ينقذ الأمن السيبراني الاقتصاد الأمريكي؟

الخميس، 28 أغسطس 2025 04:13 ص

الأمن السيبراني

محمد السيد

كشف "تحالف أمن الإنترنت" (ISA) عن خطة جديدة لتعزيز الأمن السيبراني في الولايات المتحدة، مؤكدًا أنها ستكلف الحكومة الفيدرالية "تقريبًا لا شيء"، وفي الوقت ذاته ستوفر على القطاع الخاص مليارات الدولارات، والخطة التي جاءت في وثيقة من 21 صفحة بعنوان "مسار بلا تكلفة نحو الأمن السيبراني الأمريكي", تضمنت خمس توصيات عملية ترتكز على فلسفة الإدارة الأمريكية السابقة في تقليل التدخلات البيروقراطية.

مواجهة التهديدات المتنامية

وأكد التحالف أن هذه البرامج "براجماتية وقابلة للتنفيذ بسرعة"، مشيرًا إلى أنها ستحدث تحسينات مادية ملموسة في مستوى الأمن السيبراني الوطني بشكل شبه فوري، وستضع البلاد على مسار أكثر استدامة وفاعلية اقتصاديًا لمواجهة التهديدات المتنامية.

مستقبل البلاد الرقمي

وأضافت الوثيقة، "بدعم من البيت الأبيض، يمكن لهذه المبادرات أن تحول الأمن السيبراني من عبء تنظيمي إلى ميزة تنافسية، وتؤمّن مستقبل البلاد الرقمي، وتُرسخ إرث الرئيس كقائد حول فلسفة إلغاء القيود إلى إنجاز وطني في مجال الأمن".

التخلص من ازدواجية القوانين

من أبرز توصيات التحالف دعوة مكتب الإدارة والميزانية الفيدرالي (OMB) إلى استخدام سلطاته الحالية لإلغاء القوانين المكررة الخاصة بالأمن السيبراني.
ووفقًا لدراسة حديثة، فإن ما بين 49% و79% من متطلبات الأمن السيبراني في أربع وكالات فيدرالية كبرى متناقضة مع بعضها البعض، ما تسبب في "فوضى تنظيمية" تستهلك وقت فرق الأمن السيبراني وجهودها على حساب تحسين الحماية الفعلية.
وأكد خبراء أن البنوك والمؤسسات المالية الكبرى تقضي أكثر من 70% من وقت فرقها الأمنية في الامتثال التنظيمي بدلاً من التصدي للهجمات، فيما تنفق بعض الشركات نحو نصف ميزانيتها المخصصة للأمن فقط على ملء تقارير متكررة.

تحليل جدوى اقتصادي للتشريعات السيبرانية

التوصية الثانية تمثلت في فرض تحليل للتكلفة والعائد على جميع القوانين الخاصة بالأمن السيبراني، وأكد التحالف أنه رغم إنفاق تريليونات الدولارات على الامتثال التنظيمي، "لم تثبت أي دراسة حتى الآن أن هذه القوانين حسّنت الأمن فعليًا".
لكن خبراء حذروا من أن فوائد الأمن السيبراني غالبًا ما تكون وقائية ومن الصعب قياسها بالأطر الاقتصادية التقليدية، إذ إن أحداثًا مثل هجمات سلسلة التوريد تظهر أن التكلفة الفعلية للاختراقات تفوق بكثير التقديرات الأولية.

تحديث قانون تبادل المعلومات السيبرانية

كما شدد التحالف على ضرورة إعادة تفويض وتحديث "قانون تبادل المعلومات السيبرانية لعام 2015"، والذي يُعد الركيزة القانونية للتعاون بين القطاعين العام والخاص.
وحذر من أن انتهاء صلاحية القانون في سبتمبر 2025 دون تجديد سيقيد قدرة الحكومة على تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديدات مع القطاع الخاص.
ويرى خبراء أن القانون بات قديمًا مقارنة بواقع التهديدات الحديثة مثل الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي والاختراقات المعقدة لسلاسل التوريد.

سد فجوة الكفاءات في القوى العاملة

الخطة تضمنت أيضًا مقترحًا لمعالجة النقص الكبير في الكفاءات الحكومية في مجال الأمن السيبراني عبر مشروع قانون "PIVOTT"، الذي يتيح للطلاب الالتحاق ببرامج تدريبية ممولة حكوميًا مقابل تقديم خدمة فيدرالية بعد التخرج.
ويستهدف البرنامج استقطاب نحو 10 آلاف طالب سنويًا، بما يكفي لسد الفجوة المقدرة بـ35 ألف وظيفة في غضون أربع سنوات.

لوحة قيادة وطنية للأمن السيبراني

وأوصى التحالف بإنشاء "لوحة قيادة وطنية" لتقييم الاقتصاد السيبراني على المستوى الكلي، وأوضح أن الحكومة تنفق عشرات المليارات سنويًا على مشاريع الأمن السيبراني، لكن غياب نموذج شامل يحول دون فهم التكلفة الاقتصادية الكاملة للهجمات أو قياس فعالية الاستثمارات الدفاعية، واعتبر الخبراء أن هذا المشروع سيعمل بمثابة "مؤشر داو جونز سيبراني"، لا يهدف إلى التنبؤ بالتقلبات اليومية، بل إلى تقييم الصحة البنيوية للاقتصاد الوطني تحت ضغط التهديدات السيبرانية.