لعبة الكبار، الرابحون والخاسرون في عصر الفائدة الأمريكية المرتفعة
الإثنين، 25 أغسطس 2025 05:05 م

معدل الفائدة الأمريكي
منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة بوتيرة غير مسبوقة منذ عام 2022، يشهد العالم انقسامًا واضحًا بين دول حولت هذه السياسة إلى مصدر أرباح ضخمة، وأخرى وجدت نفسها تغرق في تكاليف الدين، واضطرابات الأسواق، ومخاطر التضخم، والفيصل هنا هو شيء واحد؛ القدرة على امتلاك الأصول الدولارية.

لماذا رفع الفائدة الأمريكية يربك العالم؟
الفائدة الأمريكية هي حجر الأساس للنظام المالي العالمي، لأن الدولار هو العملة الاحتياطية الرئيسية، وعندما يرفع الفيدرالي أسعار الفائدة، ترتفع معها عوائد السندات الأمريكية، وتزداد جاذبية الدولار.
وهذا يعني أن رؤوس الأموال تتدفق إلى الولايات المتحدة بحثًا عن عوائد أعلى، وهو ما يضعف عملات الدول الأخرى، ويزيد من كلفة اقتراضها.
لكن التأثير لا يتوقف هنا، والدول التي تعتمد على الاقتراض الخارجي بالدولار، أو التي لا تملك احتياطات دولارية كافية، تجد نفسها في مواجهة ضغوط هائلة على ميزانياتها وأسواقها المالية.
دول تحول الفائدة المرتفعة إلى أرباح
في الجهة المقابلة، هناك دول نجحت في قلب المعادلة لصالحها، دول مثل ألمانيا، الصين، اليابان، سويسرا، تايوان، والنرويج، تمتلك ما يمكن تسميته كنزًا من الأصول الدولارية.
هذه الأصول، سواء كانت احتياطات نقدية أو صناديق سيادية، تستثمر في سندات الخزانة الأمريكية أو أدوات مالية مقومة بالدولار.
- ألمانيا مثلًا تملك صافي أصول خارجية بقيمة 3.4 تريليون دولار.
- الصين تمتلك أصولًا أجنبية تقارب 3.3 تريليون دولار حتى نهاية 2024.
- النرويج من جهتها، حصدت أرباحًا تفوق 210 مليارات دولار في 2024 من صندوقها السيادي.
- سويسرا تقترب من حاجز تريليون فرنك سويسري في صافي أصولها الخارجية.
كل نقطة مئوية واحدة في الفائدة تعني زيادة مباشرة في العوائد التي تحققها هذه الدول من استثماراتها الدولارية، وبالنسبة لها، فإن سياسة التشديد النقدي الأمريكي لا تعني ضغطًا، بل أرباحًا.
الوجه الآخر للعملة.. الخسائر الدفترية وتقلبات الدولار
ورغم المكاسب الكبيرة، إلا أن الصورة ليست وردية تمامًا، بعض الصناديق السيادية والمؤسسات المالية في هذه الدول، تتكبد خسائر دفترية مؤقتة نتيجة انخفاض أسعار السندات القديمة، فارتفاع الفائدة يؤدي تلقائيًا إلى انخفاض القيمة السوقية للسندات، حتى لو لم تتغير عوائدها الفعلية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التحوط ضد تقلبات الدولار أصبح أكثر تكلفة، والدول التي لا تحتفظ بعائداتها الدولارية داخل الولايات المتحدة، تحتاج إلى أدوات مالية للتحوط من تقلبات سعر الصرف، مما يقلل من صافي العائدات المحققة.
اقرأ أيضًا:
أبرزها خفض أسعار الفائدة، تصريحات رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول (فيديو)
الخاسرون.. الاقتصادات المثقلة بالديون
على الجانب الآخر، تقف الدول النامية ومتوسطة الدخل في موقف حرج، هذه الدول غالبًا ما تعتمد على تمويل عجز الموازنة من خلال الاقتراض الخارجي، وغالبًا ما يكون ذلك بالدولار، ومع ارتفاع الفائدة الأمريكية، ترتفع تكلفة خدمة الديون، وتنهار القدرة على الاستدانة مجددًا.
تضاف إلى ذلك مشكلات مثل:
- انخفاض قيمة العملة المحلية
- خروج رؤوس الأموال
- تراجع الاستثمارات الأجنبية
- تزايد معدلات التضخم المستورد
كل هذه العوامل تضعف قدرة الحكومات على تحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي، وتفتح الباب لأزمات اقتصادية محتملة.

تأثير الفجوة.. اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء
هذه الديناميكية العالمية تساهم في تعميق فجوة الثروة بين الدول، وأيضًا داخل كل دولة، فالدول التي تمتلك فوائض مالية واستثمارات خارجية بالدولار تحقق مكاسب دون جهد إضافي، أما الدول ذات الاقتصادات الهشة، فتزداد معاناتها، وتضطر لتقليص الإنفاق أو اللجوء للمساعدات الدولية.
حتى داخل الولايات المتحدة، أدى ارتفاع الفائدة إلى اتساع فجوة الثروة، أصحاب الأصول مثل الأسهم والعقارات استفادوا من موجات التحفيز السابقة، واليوم يستفيدون من الفوائد المرتفعة عبر العوائد الاستثمارية، بينما تتآكل دخول الطبقات المتوسطة والفقيرة بفعل التضخم وتباطؤ الأجور.
اقرأ أيضًا:
تضخم عالمي تحت المراقبة، الأسواق تترقب قرارات الفائدة وسط ضغوط التضخم والتجارة
ماذا بعد؟.. العالم بانتظار التغيير
اليوم، بدأت مؤشرات التحول تظهر على سياسة الفيدرالي، حيث تزايدت الدعوات إلى خفض الفائدة بعد تباطؤ سوق العمل وتراجع مؤشرات النمو، وهذا قد يخفف الضغط عن الدول المتضررة، لكن الضرر الذي وقع قد يستغرق سنوات لإصلاحه.
اللافت أن أكثر من 15 بنكًا مركزيًا حول العالم خفض أسعار الفائدة في مايو 2025 وحده، في محاولة لاحتواء التداعيات، بينما لا يزال الفيدرالي يتردد، وهذا يضع الاقتصاد العالمي أمام مفترق طرق، إما موجة تخفيف قادمة، أو موجة ركود أكثر عمقًا.

عصر الفائدة المرتفعة ليس حياديًا
السياسات النقدية ليست قرارات فنية فقط، بل أدوات تعيد توزيع الثروة والنفوذ في العالم، وفي عصر الفائدة الأمريكية المرتفعة، هناك من يجني الأرباح بهدوء، وهناك من يصارع للبقاء، والفيصل في هذا السباق ليس حجم الاقتصاد فقط، بل مدى الاستعداد المالي والسيادي لمواجهة تقلبات الدولار.
وفي انتظار خفض الفائدة، يظل العالم يعيش في ظل قرارات تصدر من واشنطن، لكنها تحدث موجات مد وجزر من طوكيو إلى بوينس آيرس.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الوقود الأخضر في السماء، كيف يمكن للهيدروجين أن يغير قواعد لعبة الطيران؟
25 أغسطس 2025 06:21 م
السعودية تنافس، 9 مليارات دولار مبيعات صادرات لحم الضأن والخرفان عالميًا في 2024
25 أغسطس 2025 03:07 م
النفط يسير على حبل مشدود، بين هجمات أوكرانيا وتلميحات الفيدرالي
25 أغسطس 2025 03:02 م
أكثر الكلمات انتشاراً