أرباح بالملايين ومخدرات ومحتويات هابطة، خبراء يناقشون ظاهرة «لايف» تيك توك بعد حملة التطهير

الأحد، 03 أغسطس 2025 10:21 م

تيك توك

أ ش أ

بعد انتشار المحتوى غير الهادف في الأونة الأخيرة في مصر، أجرت وزارة الداخلية حملات تطهير على رواد الـ«تيك توك»، وأشاد خبراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر بالجهود التي تبذلها وزارة الداخلية للحفاظ على قيم المجتمع المصري وثوابته الأخلاقية، من خلال الحملة التي تشنها أجهزة الداخلية على البلوجرز وصناع المحتوى، ممن ينشرون محتوى منحلًا وغير أخلاقيًا، يؤثر سلبا في وعي الشباب المصري.

وقال خبراء في علم الاجتماع والاتصال، إن المحتوى الخارج لبعض البلوجرز يهدد استقرار المجتمع المصري وثوابته الأخلاقية، ولا يقل في خطورته عن انتشار المخدرات، لا سيما أن التحقيقات بينت أن تعاطي المخدرات هو القاسم المشترك لكافة البلوجرز ممن تم إلقاء القبض عليهم.

ملاءمة بعض المحتويات المتداولة لقيم المجتمع وأخلاقياته

واتفق خبراء في تكنولوجيا المعلومات وعلم الاجتماع، على ضرورة وضع إطار تنظيمي واضح لضبط آليات عمل منصات البث المباشر والتواصل المجتمعي وفي المقدمة تطبيق "تيك توك"، مؤكدين أهمية فرض رقابة فعالة على المحتوى المنشور عبرها، بما يراعي الخصوصية الثقافية والمجتمعية، ويحول دون انتشار الممارسات الرقمية غير المنضبطة.

وأشار الخبراء إلى تصاعد استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي بين مختلف الفئات العمرية، ما أثار جدلًا واسعًا بشأن مدى ملاءمة بعض المحتويات المتداولة لقيم المجتمع وأخلاقياته، وسط غياب المعايير الحاكمة للبث المباشر.

وأكد الخبراء أن منصات التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد أدوات للتسلية أو الترفيه، بل تحولت إلى قنوات مؤثرة في تشكيل الوعي الجمعي والذوق العام، مما يفرض الحاجة إلى تحرك تشريعي مدروس، يضمن توازنًا بين حرية التعبير وحماية المجتمع من المحتوى الرقمي الضار، بما في ذلك وضع بدائل محلية أكثر توافقًا مع البيئة الثقافية المصرية والعربية.

وقال المهندس محمد الحارثي الخبير في تكنولوجيا المعلومات - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن تطبيق "تيك توك" من المنصات التي استحوذت علي عدد كبير من المستخدمين منذ بدايتها، إذ إنها تبث تحديدًا فيديوهات قصيرة (short reels)، وقد انطلقت هذه الفكرة من "تيك توك" ثم انتقلت إلى باقي منصات التواصل الاجتماعي المتنوعة.

إعداد محتوى رقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي

وأضاف أن المنصة باتت تتمتع بخصائص تمكّن أي شخص من إنتاج محتوى رقمي قصير دون ضوابط، مشيرًا إلى أن المشكلة الأساسية في التطبيق تتعلق بسياقين رئيسيين يتمثلان في وجود محتوى جيد وآخر رديء، كما أن "تيك توك" كمنصة تواصل اجتماعي تشبه غيرها من المنصات مثل "فيسبوك"، "إكس"، "إنستجرام"، و"يوتيوب".

وأكد الحارثي أن المشكلة الكبرى تكمن في "البث المباشر"، وهو ما يُعرف على "تيك توك" تحت عنوان "امتيازات" أو "برامج الداعمين"، حيث تقوم مجموعة من الأشخاص بعمل بث مباشر واستخدام رموز تتحول لاحقًا إلى مقابل مادي. وبالتالي، فإن هذه المسألة تُعد ضارة بالمجتمع، محذرًا من استمرار هذا الأمر بهذا الشكل، لما له من انعكاسات سلبية واضحة على المجتمع، وهو ما نشهده حاليًا

وأوضح أن هذا النوع من المحتوى لا يقتصر على الأجيال الجديدة فقط، بل يشمل الجيل الجديد والقديم على حد سواء، حيث نرى الأب والأم والأبناء يشاركون في هذا المحتوى الرقمي، بهدف المكسب المادي، وهو ما لا يتفق مع الكود الأخلاقي للمجتمع المصري.

وأكد أن هذا الوضع انعكس أيضًا بشكل سلبي على المجتمع، إذ انصرف الشباب عن العمل في الصناعة والإنتاج، واتجهوا بدلًا من ذلك إلى إعداد محتوى رقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي، من خلال فتح البث المباشر على التطبيق، حيث يقوم كثير من المتابعين بإرسال الرموز التي تتحول إلى أموال.

ونبه الحارثي إلى أن "تيك توك" لها تمثيل قانوني في مصر، وبالتالي فإن برامج "امتيازات الداعمين" يجب أن تخضع للتشريع والرقابة من قبل الجهات المسؤولة، بما في ذلك كيفية محاسبتها ضريبيًا، ومدى التزامها بالأكواد الإعلامية والإعلانية، لا سيما فيما يتعلق بالمحتوى الرقمي والبث المباشر، شأنها في ذلك شأن باقي القنوات الأخرى الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للإعلام.

وفيما يخص حملة وزارة الداخلية لمكافحة المحتوى "الهابط" والقبض على صنّاع المحتوى الفاسد، أعرب الحارثي عن سعادته البالغة بهذا الإجراء الحاسم، مؤكدًا أنه أثلج صدور الكثيرين وأسعد كل من هو مواطن مصري.

بدوره، أكد المهندس عمرو محفوظ الرئيس التنفيذي لشركة الدلتا للأنظمة الإلكترونية، على ضرورة وجود البديل المحلي لمثل هذه المنصات.

إنشاء حوكمة وتطبيق قواعده الرقمية بشكل صارم على جميع شركات التكنولوجيا

وأشار إلى ضرورة توافر إطار حوكمة لعمل هذه المنصات وتداول البيانات التي يتم تناقلها، ونضع شروط العمل لها في مصر؛ مثل "فيس بوك" حيث لها Point of Presence" (PoP) نقطة تواجد في مصر، بما يسهل تسهيل الوصول إلى الشبكة، وتحسين توزيع المحتوى والخدمات.

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي نجح في إنشاء حوكمة وتطبيق قواعده الرقمية بشكل صارم على جميع شركات التكنولوجيا الكبرى، دون اعتبار لمكان تأسيسها أو هوية مديريها التنفيذيين، مضيفا أنه يمكن الاقتداء بهذا الأمر بالتعاون مع أكثر من دولة بالمنطقة بوضع أطر حوكمة مشتركة بما يتناسب مع عادتنا وتقاليدنا.

وطالب محفوظ بضرورة وضع أطر حوكمة مشتركة لدول المنطقة لضبط المحتوى الرقمي لمنصات الشركات الكبرى بما يتفق مع القيم والتقاليد المجتمعية للمنطقة.

بدورها، أوضحت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن تطبيقات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "تيك توك"، شهدت مؤخرًا انتشارًا واسعًا، خاصة في ظل غياب النماذج الإيجابية في وسائل الإعلام التي يُفترض أن تكون قدوة يُحتذى بها من قبل الشباب.

وأضافت خضر، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن أكثر من ثلثي الشباب المصريين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي، وهم يمثلون القاعدة الأكبر في الهرم السكاني، خاصة مع الزيادة السكانية السنوية التي تتجاوز مليون نسمة.