الإثنين، 04 أغسطس 2025

08:33 ص

النحاس على صفيح ساخن، ترامب يشعل سوق المعادن ويعيد خلط أوراق التجارة العالمية

السبت، 02 أغسطس 2025 02:20 م

ترامب وسوق النحاس العالمية

ترامب وسوق النحاس العالمية

شهدت سوق النحاس العالمية في الأيام الأخيرة واحدة من أعنف موجات التقلبات في تاريخها الحديث، بعدما فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قنبلة تجارية جديدة بإعلانه فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على منتجات النحاس شبه المصنعة، في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها لحماية الأمن القومي.

رسوم ترامب الجمركية على النحاس

لكن بين سطور هذه الرسوم، تدور معركة أعمق بكثير، تتقاطع فيها الحسابات الاقتصادية مع دوافع استراتيجية، وتنكشف من خلالها التحديات الهيكلية في سلاسل الإمداد العالمية.

ضربة مزدوجة.. سياسة حمائية وتوقيت حساس

القرار الأمريكي بفرض رسوم جديدة، لم يكن مفاجئًا في مضمونه بقدر ما كان مفاجئًا في تفاصيله وتوقيته، إذ سبق لترامب أن لوح بهذه الرسوم قبل أيام، غير أن طريقة تطبيقها عبر استثناء المدخلات الأساسية للنحاس وفرض الرسوم فقط على المنتجات شبه المصنعة أربكت الأسواق وأثارت ردود فعل متباينة.

الهدف المعلن من هذه السياسات هو حماية المصنعين الأمريكيين في قطاعات مثل الإلكترونيات والسباكة من المنافسة الأجنبية، لكن المفارقة أن هذه الرسوم، لن تخدم قطاع التعدين الأمريكي ولا شركات الصهر التي كانت تأمل في حوافز إنتاجية تحميها من الإغراق الأجنبي. 

بل إن المنتجين الأجانب، من أمثال تشيلي وبيرو، قد يجدون في هذه السياسة فرصة ذهبية لتوسيع صادراتهم من النحاس الخام إلى السوق الأمريكية، دون أن تمسهم شظايا الرسوم.

ترامب

 السوق تحت الصدمة.. الأسعار تنقلب والمخزونات تتراكم

قبل سريان القرار، اندفع التجار في سباق مع الزمن لتخزين كميات ضخمة من النحاس داخل الولايات المتحدة، ما تسبب في ارتفاع غير مسبوق للأسعار محليًا، بينما تراجعت الأسعار العالمية نتيجة تراكم المخزونات.

تشير بيانات "وول ستريت جورنال" إلى أن أسعار النحاس في السوق الأمريكية تجاوزت نظيراتها العالمية بفارق كبير، في ظل مخاوف من نقص المعروض بعد سريان التعريفات. 

غير أن المفاجأة كانت في تراجع البيت الأبيض عن فرض رسوم جمركية على النحاس الخام، ما أحدث ارتدادًا حادًا في السوق وهبوطًا في الأسعار، مع بقاء الضبابية تخيم على التوقعات.

كما أن الأسواق تعرضت لـ"صدمة هائلة"، قد تُفضي لاحقًا إلى إعادة تصدير كميات كبيرة من النحاس من الولايات المتحدة إلى الأسواق العالمية، في ظل التشوه الكبير في توزيع العرض والطلب.

اقرأ أيضًا:

ترامب يشعل سوق النحاس بقرار جمركي مفاجئ.. أمريكا تسعى لـ”استقلال معدني” (فيديو)

ضغط متصاعد على الصناعات.. والمستهلك الضحية الأكبر

الأثر المباشر لهذه السياسات يظهر بوضوح في الصناعات المعتمدة على النحاس، شركات البناء، ومصنعو الأجهزة المنزلية، ومطورو أنظمة الطاقة والتكييف، سيواجهون ارتفاعًا في أسعار مدخلاتهم بنسب تصل إلى 50%، مما قد ينعكس على تكلفة الإنتاج النهائي، وبالتالي على أسعار السلع الاستهلاكية.

إن الرسوم ستؤثر بشكل مباشر على سلسلة التوريد الصناعي، وسترفع أسعار الأسلاك والأنابيب والمنتجات النهائية التي تعتمد على النحاس، وأن العبء سيتحول تدريجيًا إلى المستهلك النهائي.

ومن منظور أوسع، فإن هذه السياسات قد تعمق من أزمات القطاعات الصناعية التي تعتمد بشكل هيكلي على استيراد النحاس، خاصة مع محدودية قدرة الولايات المتحدة على تعزيز إنتاجها المحلي في الأجل القصير.

تشكيل النحاس

رهان استراتيجي.. أم مقامرة اقتصادية؟

تبرير الإدارة الأمريكية يتمحور حول حماية الأمن القومي وتقليص الاعتماد على النحاس الأجنبي، وهو ما يكتسب وجاهة في ظل التوترات الجيوسياسية وتزايد استخدام النحاس في الصناعات الدفاعية والطاقة المتجددة. 

لكن تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال تكرير النحاس يتطلب بنية تحتية ضخمة غير متوفرة حاليًا، وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة وربما حتى 2028 لكي يرى مشروع "إيفانهو" النور.

وفي ظل هذه الفجوة، فإن السياسات الحمائية قد تثبت انها سلاح ذو حدين، حيث تقوم بتعزيز الإنتاج المحلي على المدى الطويل، لكنها تفرض تكاليف اقتصادية ضخمة على المدى القصير والمتوسط، وتربك سلاسل الإمداد العالمية، وتدفع الشركات إلى التردد في اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأجل.

اقرأ أيضًا:

احتياطي النحاس عالميًا، تشيلي في الصدارة وكازاخستان الأقل (إنفوجراف)

 إلى أين تتجه البوصلة؟

مع توقعات بأن تخضع هذه الرسوم لمراجعة منتصف عام 2026، وتلميحات بأن التعريفات قد ترتفع تدريجيًا لتشمل النحاس المكرر بنسبة 15% في 2027 و30% في 2028، فإن الطريق لا يزال طويلًا ومليئًا بالتقلبات.

شركة XM تتوقع أن تعاود أسعار النحاس الارتفاع خلال الفترة المقبلة، مدفوعة بمحدودية العرض وزيادة الطلب العالمي، لكن ذلك سيعتمد على مدى قدرة الأسواق على امتصاص الصدمة الأمريكية، وإعادة تشكيل سلاسل الإمداد وفق قواعد جديدة.

النحاس

النحاس بين العولمة والنزعة الحمائية

ما يجري في سوق النحاس اليوم ليس مجرد تحرك جمركي عابر، بل حلقة جديدة في صراع طويل بين العولمة والنزعة الحمائية، بين حرية الأسواق ومنطق الأمن القومي. 

وبينما تحاول الولايات المتحدة إعادة هندسة سياستها الصناعية، فإن العالم كله يدفع ثمن هذه التحولات: من المستثمر، إلى المصنع، إلى المستهلك.

ويبقى السؤال الكبير: هل يمكن لسياسات قصيرة الأجل أن تبني صناعة مستدامة؟ أم أن ما يحدث هو إعادة توزيع للأعباء في نظام اقتصادي لم يعد يحتمل المزيد من الاضطرابات؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search