الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التقنية لتسريح الآلاف
السبت، 19 يوليو 2025 12:18 م

قطاع التكنولوجيا
محمد السيد
يواجه قطاع التكنولوجيا العالمي، الذي كان يومًا مرادفًا للابتكار السريع والرواتب الخيالية والأمان الوظيفي، واقعًا جديدًا ومؤلمًا.
فمع تسارع وتيرة تبني الشركات الكبرى للذكاء الاصطناعي وإعادة هيكلة عملياتها، يشهد هذا القطاع موجة غير مسبوقة من تقلص الرواتب، وتراجع الفرص للمبتدئين، وتصاعد حالة عدم اليقين، مع اتجاه شركات مثل مايكروسوفت، إنتل، وجوجل نحو إعادة هيكلة قائمة على الذكاء الاصطناعي.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: ما الذي يدفع هذه الموجة الهائلة من التسريحات؟ وكيف سيتكيف المحترفون مع هذا المشهد الجديد؟
يوليو 2025، شهر التسريحات الدموي
يُعد شهر يوليو 2025 من أكثر الشهور قسوة على العاملين في قطاع التكنولوجيا. فوفقًا لبيانات موقع "Layoffs.Fyi"، قامت 159 شركة بتسريح ما يقرب من 80,003 موظفًا حتى الآن.
هذا الرقم الصادم يكشف عن تحول جذري في استراتيجيات شركات التكنولوجيا العملاقة.
فمع مطلع الشهر، فاجأت مايكروسوفت السوق بإعلانها عن تسريح 9,000 موظف ضمن جهودها لتقليص حجم القوى العاملة وإعادة توجيه الاستثمارات نحو مجالات الذكاء الاصطناعي.
وفي ذات السياق، نفذت شركة إنتل هذا الأسبوع حملة تسريحات كبرى شملت نحو 5,000 وظيفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، في خطوة تعكس ضغوطًا متزايدة على عمالقة الرقائق لمواكبة التغيرات التكنولوجية.
_1787_120956.jpg)
الموجة الضخمة من التسريحات التي اجتاحت شركات عملاقة
وفقد ما يقرب من نصف مليون موظف في مجال التكنولوجيا وظائفهم حول العالم منذ عام 2022، ويعزى ذلك في الغالب إلى الموجة الضخمة من التسريحات التي اجتاحت شركات عملاقة مثل مايكروسوفت، أمازون، جوجل، ميتا، سيلزفورس، وإنتل. ولكن، ما الذي يقف خلف هذا التسارع غير المسبوق في وتيرة التسريحات؟
القطاع يمر بمرحلة تحول عميقة
واحدة من أبرز سمات هذه الموجة تتمثل في أن القطاع يمر بمرحلة تحول عميقة، يعيد خلالها تشكيل نفسه ليتماشى مع عالم يتغير بسرعة بفضل تطورات الذكاء الاصطناعي. ففي حين كانت أزمة عامي 2008 و2009 ناتجة عن أزمة مالية عالمية، تبدو الموجة الحالية من التسريحات ناتجة عن ضغوط متزايدة على الشركات لتكون أكثر رشاقة وكفاءة، وفي صميم هذا التحول يقع الذكاء الاصطناعي.

سرحت شركة "ميتا" نحو 13% من قوتها العاملة
وفي نوفمبر 2022، سرحت شركة "ميتا" نحو 13% من قوتها العاملة (حوالي 11,000 موظف)، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ الشركة. في المقابل، لجأت جوجل إلى خيار أكثر هدوءًا عبر عروض "شراء الخدمات" لتقليل عدد الموظفين في أقسام مهمة مثل الإعلانات والتجارة. تبعت ذلك خطوات مماثلة من مايكروسوفت وأمازون. وتبدو كل هذه التحركات كجزء من إعادة تموضع كبرى للشركات في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي.

بحسب تقرير من "جولدمان ساكس" عام 2023، من المتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى أتمتة نحو 300 مليون وظيفة حول العالم خلال السنوات القادمة. ويبدو أن هذا التغيير قد بدأ بالفعل، حيث أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة أن نحو 27% من وظائف المبرمجين (وليس كل أدوار البرمجة) اختفت بين عامي 2022 و2024.
ومن المؤشرات البارزة أيضًا، تصريح مارك بينيوف، الرئيس التنفيذي لشركة سيلزفورس، بأن الذكاء الاصطناعي بات يؤدي ما بين 30% إلى 50% من مهام العمل داخل شركته. هذا التصريح لا يُعد مجرد تقدير، بل يعكس واقعًا تشغيليًا آخذًا في الترسخ.
ففي وقت كانت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي تعمل على تعزيز أداء الموظفين، يبدو الآن أنها أصبحت تحل محلهم كليًا. فقد انخفضت الحاجة إلى العنصر البشري في العديد من مجالات العمل التكنولوجي بسبب انتشار أدوات مثل روبوتات خدمة العملاء المؤتمتة، ومساعدات البرمجة، والتصميم التوليدي.
وبينما تندفع الشركات بقوة نحو إعادة الهيكلة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، يواجه المهنيون في المجال التكنولوجي مشهدًا وظيفيًا مغايرًا تمامًا. فالتقارير تشير إلى تراجع الوظائف ذات الرواتب العالية، وانخفاض كبير في عدد الوظائف المخصصة للمبتدئين منذ عام 2023.

أما أولئك الذين ما زالوا على رأس عملهم، فهم يعيشون في ظل حالة من القلق وعدم الاستقرار نتيجة التغييرات الهيكلية المتكررة وتجميد التوظيف. ورغم أن معدل البطالة الرسمي في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة تراوح بين 3.4% و4% حتى مايو 2025، إلا أن هذه الأرقام تخفي واقعًا أكثر تعقيدًا؛ فالكثير من العاملين أصبحوا تحت التوظيف، يعتمدون على عقود عمل قصيرة أو يعملون كمستقلين عبر منصات مثل Fiverr وUpwork، وهي وظائف تفتقر إلى الأمان الوظيفي والمزايا.
ولعل من أبرز مظاهر العام الجاري أيضًا، هو لجوء الشركات الكبرى إلى برامج "الشراء الطوعي" بدلاً من التسريحات الرسمية. فعبر تقديم حزم تعويضات مغرية، تدفع شركات مثل جوجل وميتا موظفيها إلى المغادرة طواعية، وهو ما يُمكنها من تقليص عدد العاملين دون إثارة ضجة إعلامية.
ماذا بعد التسريح؟
من بين من فقدوا وظائفهم في الشركات الكبرى، نجح البعض في الحصول على فرص جديدة داخل شركات تكنولوجيا تقليدية أو شركات أقل شهرة. كما اتجه عدد منهم إلى مجالات تزداد فيها الحاجة إلى الأمن السيبراني وتحليل البيانات، لا سيما في القطاع المالي. آخرون اختاروا تقديم خدمات استشارية لشركات تقليدية أو العمل في القطاع الصحي لتقديم حلول رقمية للمستشفيات.
البعض الآخر وجد فرصًا في قطاعي التصنيع واللوجستيات، أو حتى في القطاع الحكومي، مثل وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الأمن السيبراني CISA، التي تقوم بتوظيف مختصين في مجالي الذكاء الاصطناعي والأمن الرقمي. ويُعد ذلك مؤشراً على لامركزية المواهب في القطاع.
لكن الواقع المؤلم أن الكثير من المسرّحين لم ينجحوا في الحصول على وظائف بديلة، حيث تشير التقارير إلى أن نحو نصفهم ما زالوا بلا عمل حتى بعد مرور ستة أشهر على التسريح. وتظهر الإحصائيات أن النساء تضررن أكثر من الرجال، كما يواجه من هم في منتصف مسيرتهم المهنية (10 إلى 20 سنة من الخبرة) تحديات تتعلق بالعمر والانطباعات عن امتلاكهم لمهارات غير محدثة.
وفي الوقت ذاته، يدخل ملايين الخريجين الجدد إلى سوق العمل. ويبلغ معدل البطالة بين هؤلاء نحو 6% حتى منتصف 2025، وهو أعلى من المعدل العام للبطالة في الولايات المتحدة البالغ نحو 4%، مما يعكس أزمة حقيقية في فرص التوظيف للمبتدئين.
وفي ظل هذا المشهد المتشابك، يظهر مشهدٌ ثنائي حاد: من جهة، مجموعة محدودة من مهندسي التعلم الآلي، والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي، ومعماريي الحوسبة السحابية الذين يتقاضون ما يفوق 200,000 دولار سنويًا في مدن مثل نيويورك وسان فرانسيسكو. ومن جهة أخرى، شباب في بداية مشوارهم المهني يواجهون رواتب راكدة، وتجميدًا في التوظيف، وبيئة عمل لا تضمن الاستمرارية.
اقرأ أيضًا
قفزة في تأسيس شركات التكنولوجيا، 953 شركة جديدة في 3 أشهر
روبوتات الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي، دعم عاطفي أم خطر حقيقي؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الهند تستدعي «جوجل» و«ميتا» بتهمة غسل الأموال، ما القصة؟
20 يوليو 2025 12:38 ص
كل ما تريد معرفته عن خطة تطوير البنية التحتية والإنترنت
19 يوليو 2025 10:38 م
عند توقيع عقد خدمة الاتصالات، تعرف على بنود العقد القانونية لحماية حقوقك
19 يوليو 2025 09:16 م
أكثر الكلمات انتشاراً