الرسوم الأمريكية على البضائع الأوروبية.. تصعيد تجاري يهدد الاقتصاد العالمي

الثلاثاء، 15 يوليو 2025 08:08 م

الرسوم الجمركية

في خطوة تذكر بأجواء الحروب التجارية السابقة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30% على البضائع الأوروبية، وذلك اعتبارًا من أغسطس 2025.

أثار هذا القرار قلقًا عميقًا في الأسواق العالمية، مسلطًا الضوء مجددًا على هشاشة العلاقات الاقتصادية بين ضفتي الأطلسي.

بين الميزان التجاري والعصب السياسي

برر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خطوته بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على البضائع الأوروبية برغبته في السيطرة على عجز الميزان التجاري الأمريكي المتفاقم.

وتُظهر البيانات أن حجم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة في عام 2024 بلغ 605.8 مليار دولار، بينما لم تتجاوز الواردات الأمريكية من أوروبا 370.2 مليار دولار. هذا الفارق يعني فائضًا تجاريًا كبيرًا لصالح أوروبا قدره 235.6 مليار دولار.

لكن خلف هذا التبرير الاقتصادي، تكمن حسابات سياسية داخلية واضحة. يسعى ترامب إلى تعزيز الدعم الشعبي، وهو يدرك أن خطاب "استعادة التوازن التجاري" يلقى صدى قويًا، لا سيما في الولايات الصناعية التي تضررت بشكل كبير من تداعيات العولمة.

ترامب يعلن اتفاقًا تجاريًا مع إندونيسيا وسط تصاعد المواجهات التجارية مع الصين

أوروبا في الزاوية.. وتحديات الرد

يجد الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد ثاني أكبر شريك تجاري لأمريكا، نفسه في موقف معقد وحساس للغاية. فرغم امتلاكه القدرة على الرد بالمثل على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، إلا أن القارة العجوز تواجه تباطؤًا اقتصاديًا ملحوظًا.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن معدل نمو منطقة اليورو لن يتجاوز 0.8% في عام 2025، مما يضع الاتحاد في موقف صعب. أي تصعيد من جانب أوروبا قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويهدد بزيادة ضعف ثقة المستثمرين، وتراجع معدلات التوظيف، وتأجيل الانتعاش الاقتصادي المنتظر.

تزداد هذه التحديات حدة في ظل أزمة الطاقة التي أثرت بشكل كبير على الصناعات الأوروبية، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. هذا الوضع يجعل خيارات الاتحاد الأوروبي للرد محدودة وتتطلب حذرًا شديدًا.

خسائر محتملة في الجانبين

رغم أن الرسوم تهدف نظريًا لحماية المنتجات الأمريكية، إلا أن الاقتصاد الأمريكي ذاته ليس بمنأى عن التأثر، الشركات الأمريكية الكبرى تعتمد بشكل كبير على المواد الخام والمكونات الأوروبية، كما أن أوروبا تمثل سوقًا ضخمة للمنتجات الأمريكية عالية القيمة، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والدواء والطاقة.

أي تقلص في هذا السوق نتيجة الرد الأوروبي قد يضربعدد من الشركات الأمريكية العملاقة، ويربك سلاسل التوريد المعقدة التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي الحديث.

الصناعات المتضررة في أوروبا

الصناعات الأوروبية التي تعتمد بشكل أساسي على التصدير للسوق الأمريكية ستتلقى الضربة الأولى، وعلى رأسها صناعة السيارات والآلات الثقيلة، التي تمثل 91% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي إلى أمريكا.

ألمانيا، التي تتربع على عرش هذه الصادرات، ستكون الأكثر تأثرًا، تليها إيرلندا وإيطاليا، وعلى الجانب الآخر، فإن الصناعات الغذائية الفرنسية بدأت بالفعل في دق ناقوس الخطر، خاصة مع تحذيرات من أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى خسائر كارثية.

تسلسل زمني, قرارات ترامب التي أربكت الاقتصاد العالمي

هل تنجح المفاوضات في تجنب التصعيد؟

رغم التصريحات النارية، ولكن هناك احتمالين، إما التوصل لاتفاق قبل الموعد النهائي، أو تمديد المهلة لمواصلة المفاوضات، وهو السيناريو الأرجح، نظرًا لحجم المصالح المتبادلة، ولرغبة الطرفين في تجنب أزمة اقتصادية شاملة.

ومع ذلك، فإن مطالب ترامب المتطرفة والعدوانية، كما وصفها البنك، تصعب التنبؤ بردود الفعل الأوروبية، وتجعل من احتمال الانفجار التجاري أمرًا قائمًا، خاصة إذا دخلت اعتبارات الدعم الشعبي على الخط.

الاقتصاد العالمي على صفيح ساخن

الرسوم الأمريكية الجديدة على الواردات الأوروبية ليست مجرد إجراء تجاري، بل هي قطعة جديدة تضاف إلى لوحة معقدة من الصراعات الاقتصادية الدولية، ففي زمن أصبح فيه الاقتصاد شديد التشابك، فإن أي خلل في أحد أركانه سرعان ما يتردد صداه عبر القارات.

الأسواق العالمية تترقب، والمستهلكون مهددون بارتفاع الأسعار، والشركات قلقة من تعطل سلاسل الإمداد، وفي حال لم تثمر المفاوضات عن تسوية عادلة، فقد لا نكون أمام حرب تجارية عابرة، بل بداية موجة جديدة من الحمائية التي قد تعيد تشكيل النظام التجاري العالمي برمته.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ “أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.