الإثنين، 14 يوليو 2025

03:56 م

توقعات فيتش: نمو مبيعات الأدوية في مصر لـ 6.8 مليارات دولار عام 2029

الإثنين، 14 يوليو 2025 12:46 م

صناعة الادوية

صناعة الادوية

أحمد مقدامى

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله الاتجاهات العالمية لسوق الدواء، وعددًا من التجارب الدولية في هذه الصناعة وأهم السياسات والإصلاحات التي قامت بها، والفرص والشراكات المحلية للنهوض بقطاع الدواء، حيث أشار المركز إلى أن قطاع الدواء يُعَد من أكثر القطاعات حيوية وأهمية في منظومة الرعاية الصحية العالمية؛ نظرًا لدوره المحوري في حفظ الأرواح وتحسين جودة الحياة؛ فهو لا يقتصر على إنتاج العقاقير فحسب، بل يمتد ليشمل سلسلة مترابطة من البحث العلمي، والتطوير التقني، والتصنيع، والتوزيع، وصولًا إلى الاستخدام الآمن والفعال من قبل المرضى،

وأشار المركز إلى أن عملية إنتاج الدواء تتضمن عدة مراحل تبدأ بمرحلة البحث والتطوير الأولية، مرورًا بالحصول على الموافقة التنظيمية التي تسمح ببيع الدواء في السوق، وصولًا إلى مرحلة التسويق النهائية. وتختلف الخطوات والمتطلبات المحددة باختلاف أنواع الأدوية والشركات المصنعة والدول. وبشكل عام، هناك فئتان من التصنيع المطلوب لإنتاج الأدوية: مصنعو المكونات الصيدلانية النشطة (Active Pharmaceutical Ingredient) الذين ينتجون المكونات الخام المستخدمة في الدواء، ومصنعو الشكل النهائي الذين ينتجون المنتج النهائي الذي يُباع في السوق ويستهلكه المريض.    

وأوضح المركز أن قيمة سوق الدواء عالميًّا بلغت نحو 1.4 تريليون دولار في عام 2023، وتُعد سوق أمريكا الشمالية التي تشمل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا أكبر سوق في العالم بحصة بلغت 53.3٪، لتتقدم بذلك على أسواق أوروبا والصين واليابان وأمريكا اللاتينية البالغة نحو 22.7% و7.5% و4.3% و4.2% على التوالي.

أشار التقرير إلى أنه وفقًا لمؤسسة فيتش من المتوقع أن تصل مبيعات الأدوية عالميًّا إلى نحو 1.7 تريليون دولار في عام 2025، بمعدل نمو سنوي 5.3% مقارنة بعام 2024، كما يُتوقع أن تظل الأسواق المتقدمة تستحوذ على الحصة الكبرى لهذه المبيعات بنسبة 64%، إلا أن الأسواق الناشئة ستتفوق على الأسواق المتقدمة من حيث سرعة النمو؛ حيث ستسجل نموًّا بنسبة 6.3% في 2025، مقارنة بـ 4.4% في الأسواق المتقدمة؛ مما يعكس ازدياد أهميتها في سوق الدواء العالمية. وعلى مستوى الدول، فمن المتوقع أن تحتل الولايات المتحدة المركز الأول في مبيعات الأدوية بنحو 491.2 مليار دولار، تليها الصين بنحو 284.9 مليار دولار، ثم اليابان في المركز الثالث بنحو 100.4 مليار دولار. ومن المتوقع أيضًا أن تحقق الهند مبيعات دوائية تعادل 35.5 مليار دولار، وهو ما سيتجاوز مبيعات إسبانيا المتوقعة البالغة 34.8 مليار دولار. ونتيجة لذلك، ستحتل الهند في عام 2025 المرتبة التاسعة من حيث حجم سوق الأدوية، مع تراجع إسبانيا إلى المركز العاشر.

وبحلول عام 2028، من المتوقع أن يصل حجم سوق الدواء في الشرق الأوسط إلى 36 مليار دولار، وفي إفريقيا إلى 28 مليار دولار.

أشار التقرير إلى أن التجارب الدولية في قطاع الدواء تُعَد مرجعًا مهمًّا لفهم كيفية بناء صناعة دوائية قوية وفعالة تواكب المتغيرات الصحية والاقتصادية العالمية، ولقد أظهرت دول مثل: المغرب والهند والسعودية، مدى قدراتها على النهوض بالقطاع. ومن خلال استلهام الدروس المستفادة من هذه التجارب الرائدة، يُمكن لمصر صياغة سياسات فعالة تُسهم في تحقيق الأمن الصحي وزيادة تنافسية قطاعها الدوائي على المستويين الإقليمي والعالمي.

استعرض التقرير أهم التجارب الدولية في صناعة الدواء وهي:

-تجربة المغرب في قطاع الدواء: يمتلك المغرب تجربة رائدة في صناعة الأدوية؛ حيث إنه ثاني أكبر منتج للدواء في إفريقيا، وضمن أكبر خمس دول رائدة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتصل القدرة الإنتاجية السنوية للمغرب إلى نحو 450 مليون وحدة منتجة. وفي عام 2023، بلغت صادرات المغرب من الأدوية نحو 158 مليون دولار؛ مما يعكس دوره البارز في دعم القطاع الصحي إقليميًّا ودوليًّا. أبرز الإصلاحات والإنجازات التي قام بها المغرب:

1-التشريعات والتنظيمات: وضع المغرب أكثر من 20 نصًّا قانونيًّا لتقنين صناعة الأدوية، شملت تخفيض أسعار 2000 دواء بنسبة تتراوح بين 20% - 80%، وتنظيم عملية التوزيع والبيع لتحقيق العدالة الصحية.

2-التغطية الصحية الشاملة: سعت الحكومة المغربية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة عبر تطوير نظام التأمين الصحي، بدءً من إطلاق التأمين الإجباري عن المرض (AMO) عام 2005، الذي يغطي العاملين النظاميين، وبرنامج المساعدة الطبية (RAMED) لتغطية العاملين غير النظاميين والفئات الهشة. وفي عام 2022، دمجت الحكومة النظامين في برنامج مُوحَّد هو التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الذي يتيح لجميع المواطنين، بمن فيهم غير النظاميين، تلقي الرعاية الصحية من مرافق القطاعين العام والخاص دون دفع اشتراكات إضافية.  

أكد التقرير أن التجربة المغربية قد حظيت بإشادة من جهات دولية مثل منظمة الصحة العالمية التي اعتبرتها نموذجًا يُحتذى به في القارة الإفريقية.

-تجربة الهند في قطاع الدواء: تُعرَف الهند بأنها "صيدلية العالم"؛ نظرًا لدورها الكبير في توفير اللقاحات والأدوية الأساسية والإمدادات الطبية في أثناء جائحة كوفيد-19 وما بعدها. وقد أظهر القطاع قدرات ابتكارية، وأثبت نفسه كعضو أساسي في سلسلة القيمة للدواء عالميًّا. وعن أبرز السياسات والإصلاحات والإنجازات التي قامت بها الهند:    

1-تبنَّت الهند مبادرة لتطوير قطاع الأدوية من خلال إنشاء إدارة منفصلة في يوليو 2008، وتتولى الإدارة مسؤولية وضع السياسات والتخطيط والتطوير وتنظيم الصناعات الدوائية.

2-وأيضًا، قامت الهند بالعديد من الإصلاحات؛ حيث واصلت الحكومة الهندية -مؤخرًا في موازنة عام 2024/ 2025- سياساتها لدعم صناعة الأدوية، ومن بين هذه التدابير: خصصت الحكومة 120 مليون دولار للترويج للأدوية للسنة المالية 2024/2025، بزيادة كبيرة عن العام السابق.، كما تمت زيادة إجمالي الإنفاق على تطوير صناعة الأدوية (156.5 مليون دولار)، بينما تم رفع ميزانية الترويج للمجمعات الصناعية للأجهزة الطبية إلى 18 مليون دولار للسنة المالية 2024/2025.

- تجربة السعودية في قطاع الدواء: تحظى السعودية بمكانة كبيرة كأكبر سوق للأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن المتوقع أن ترتفع مبيعات الأدوية في السعودية من 11.9 مليار دولار في عام 2024 إلى 12.2 مليار دولار في عام 2025، مسجلةً ارتفاعًا سنويًّا بنسبة 5.1%، وبحلول عام 2029، سترتفع هذه القيمة إلى 15.8 مليار دولار، مسجلةً معدل نمو سنوي مركب لمدة خمس سنوات بنسبة 5.2%، ومن المتوقع أن تنمو السوق بمعدل نمو سنوي مركب لمدة عشر سنوات بنسبة 5.5% حتى عام 2034، ليصل إلى 22.1 مليار دولار. ومن أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها السعودية:

1- افتتاح مصنع أدوية الأورام (2023): تم افتتاح أول مصنع لإنتاج أدوية الأورام في مدينة سدير الصناعية، وهو إنجاز مهم يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية المتخصصة. هذا المصنع يُعَد خطوة استراتيجية نحو تقليل الاعتماد على الواردات وتوفير أدوية الأورام بأسعار منافسة للسوق المحلية والإقليمية.

2- تأسيس صندوق الاستثمارات العامة السعودي في عام 2023 شركة الاستثمارات الدوائية لايفيرا "Lifera" لدعم صناعة الأدوية الحيوية، بهدف تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي لصناعة الأدوية الحيوية.  

3- الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية: تهدف الاستراتيجية إلى ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كمركز إقليمي وعالمي للتكنولوجيا الحيوية، مع تأثير واسع النطاق في مجال التصنيع الحيوي والابتكار الطبي. وتمثل هذه الاستراتيجية بداية رحلة تحولية، ليس فقط للمملكة، بل أيضًا لمشهد التكنولوجيا الحيوية العالمي. ومن خلال إعطاء الأولوية للاتجاهات الاستراتيجية المتمثلة في تعزيز الاكتفاء الذاتي للمملكة العربية السعودية في اللقاحات والتصنيع الحيوي وعلم الجينوم، وفتح آفاق قطاع عالي النمو، وتشجيع الابتكار، وتحسين صحة ورفاهية مواطنيها.    

أشار التقرير إلى أنه طبقًا "لمؤسسة فيتش" من المتوقع أن تنمو مبيعات الأدوية في مصر من 5.1 مليارات دولار في عام 2024 إلى 5.7 مليارات دولار في عام 2025، وبحلول عام 2029، ستبلغ قيمة السوق 6.8 مليارات دولار، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6%، وبحلول عام 2034، سترتفع قيمة السوق إلى 7.8 مليارات دولار، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.3%.

كما أنه من المتوقع أن يظل نصيب الفرد من الإنفاق الدوائي مستقرًّا بشكل نسبي؛ ليرتفع بشكل معتدل من 44.6 دولارًا في عام 2024 إلى 58.8 دولارًا بحلول عام 2034، وذلك بفضل التعديلات الحكومية المستمرة على التسعير بهدف ضبط الإنفاق الإجمالي.

هذا، ويُشكِّل النهوض بقطاع الدواء أولوية استراتيجية للدولة المصرية؛ وذلك لضمان الصحة العامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وقد تمثلت أبرز جهود الدولة في هذا القطاع في التالي:

- إنشاء مدينة الدواء "جيبتو فارما" التي تُعَد أحد أهم المشروعات القومية التي سعت الدولة إلى تنفيذها، بهدف توفير علاج دوائي آمن وفعّال وعالي الجودة، وتعزيز الأمن الدوائي والحد من الممارسات الاحتكارية.    

- قانون الاستثمار 72 لسنة 2017 الذي يوفر حوافز ضريبية للمستثمرين في القطاعات المتعددة مثل قطاع الأدوية؛ حيث يقدم القانون حافزًا استثماريًّا في هيئة خصم على الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة بنسبة 30٪ أو 50% من التكلفة الاستثمارية على حسب المنطقة الجغرافية.    

- إعلان الشركة المتحدة للأدوية ومقرها مصر، وهي شركة تابعة للشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (أكديما) في عام 2024، أنها ستبدأ في تصدير الأنسولين المصنع محليًّا إلى كوبا. ويمثل هذا التعاون التجاري أول دخول لمصر إلى سوق الأدوية في أمريكا اللاتينية.  

- حصول مصر على عضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية، ممثلة عن إقليم الساحل والصحراء، وذلك لتعزيز تكامل قطاع الأدوية الإفريقي، وتسهيل نفاذ الأدوية المصرية في القارة الإفريقية.  

أكد التقرير في ختامه أن قطاع الدواء سيظل من أهم الركائز التي يقوم عليها النظام الصحي في أي دولة، ليس فقط لدوره العلاجي، بل أيضًا لأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والبحثية، وقد أثبتت التحديات العالمية، مثل جائحة كوفيد-19، أن الاستثمار في هذا القطاع لم يَعُد خيارًا، بل ضرورة وطنية لتعزيز الأمن الصحي والاستعداد لمواجهة الأزمات. إن مواكبة التطورات العلمية، وتبني سياسات داعمة للبحث والابتكار، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، هي خطوات أساسية لضمان قطاع دوائي فعّال وآمن ومستدام، يخدم الإنسان في كل زمان ومكان.

Short Url

search