القبة الحرارية تجتاح العالم، عندما تتكلم أمواج البحار بلغة الاقتصاد
الإثنين، 07 يوليو 2025 05:31 م

القبة الحرارية
في زمن بات فيه الطقس عنوانًا يوميًا للأخبار الاقتصادية، لم تعد العواصف والموجات الحارة مجرد تقلبات موسمية، بل مؤشرات عميقة على اختلالات هيكلية تهدد أساسات الاقتصاد الأوروبي.

من الخليج العربي عام 1990 حيث ابتلع النفط الطيور، إلى شواطئ المتوسط اليوم، حيث تبتلع الحرارة المواسم الزراعية، ويبدو أن مشهد الكوارث المناخية بات يتكرر بلغة مختلفة ولكن بمعاني أكثر خطورة.
القبة الحرارية.. ظاهرة مناخية أم عقوبة اقتصادية؟
تعيش أوروبا اليوم، تحت قبة حرارية خانقة، وظاهرة مناخية تتسم بتمركز ضغط جوي مرتفع يحبس الحرارة في طبقات الجو الدنيا، لتتحول المدن إلى أفران مفتوحة، تدفع السكان والاقتصادات إلى نقطة الغليان.
منذ عام 2003، الذي سجل وفاة أكثر من 70 ألف شخص بسبب الحر، شهدت القارة تصاعدًا حادًا في درجات الحرارة، ليتضاعف عدد أيام الحر الشديد، وتتحول مواسم الصيف إلى مواسم خسائر.
في ألمانيا وحدها، تسببت موجة حر عام 2022 بخسائر زراعية فاقت 3 مليارات يورو، أما البنية التحتية، من الطرق إلى سكك الحديد، فقد بدأت تذوب حرفيًا تحت ضغط الحرارة.
اقرأ أيضًا:
"معلومات المناخ": موقع مصر الجغرافي يحميها من الأعاصير والعواصف العنيفة
فاتورة المناخ.. خسائر متراكمة وصدمات في الإنتاجية
بحسب وكالة البيئة الأوروبية، تجاوزت خسائر القارة بسبب الكوارث المناخية خلال العقد الأخير 145 مليار يورو، هذه الخسائر لا تقف عند حدود البنية التحتية أو الزراعة، بل تمتد إلى التكاليف الخفية:
- ارتفاع في الإنفاق الصحي نتيجة الإجهاد الحراري وأمراض الجهاز التنفسي.
- انخفاض في الإنتاجية وساعات العمل، لا سيما في القطاعات الخارجية.
- زيادة الإنفاق على التبريد والطاقة، وسط شبكات كهرباء غير مهيأة.
- ارتفاع تكاليف التأمين على المنازل والمزارع، ما يقلّص أرباح الشركات والأفراد.
_1787_033715.jpg)
سلوك المستهلك في ظل القبة الحرارية
مع التغير المناخي، تغير الإنسان الأوروبي نفسه، ولم تعد أجهزة التكييف من الكماليات في دول كالمملكة المتحدة وهولندا، بل ضرورة، مع ارتفاع الطلب عليها بنسبة 20% سنويًا، هذا التحول يضيف عبئًا جديدًا على شبكات الطاقة، ويُعيد رسم أنماط استهلاك الكهرباء، ويرفع فواتير الأسر.
كما بدأت المدن الكبرى تعيد تخطيط بيئتها الحضرية، وذلك من خلال توسيع المساحات الخضراء، وتخفيف الكثافة العمرانية، وتعزيز تقنيات البناء المستدام، وإنها تحولات عمرانية وسلوكية يفرضها المناخ لا المخططون.
اقرأ أيضًا:
تغيرات مناخية مرعبة في المتوسط، هل يقترب البحر من لحظة الانفجار؟
البحر المتوسط.. ترمومتر الكوكب المختل
ربما لا توجد منطقة تجسد اضطراب المناخ كما تفعل منطقة البحر المتوسط، حيث انخفضت نسب الأمطار بنسبة تصل إلى 30%، وأدى ارتفاع حرارة مياه البحر، إلى:
- انهيار مواسم الصيد، واضطراب طرق الملاحة.
- ارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة تراجع المحاصيل في إيطاليا واليونان.
- تفاقم التصحر في تونس والجزائر، مما يهدد بنزوح سكاني واقتصادي من المناطق الساحلية.
كل هذه الظواهر تجعل من المتوسط بوصلة المناخ العالمي، وأحد أكثر المناطق هشاشة رغم ثرائها الحضاري والاقتصادي.

أوروبا أمام مفترق طرق
المعضلة ليست مناخية فحسب، بل اقتصادية واجتماعية، تستدعي تحولًا استباقيًا لا ترقيعيًا، والرهان الآن على إجراءات جذرية تتمثل في:
- التوسع في الزراعة الذكية ومقاومة الجفاف.
- دمج البنية التحتية الخضراء في المدن.
- الاستثمار الجاد في الطاقة المتجددة وتقنيات التبريد المستدام.
- تقنين استهلاك الطاقة ورفع كفاءة البنايات.
لدى أوروبا الأدوات والموارد، لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية وجرأة في تبني اقتصاد مقاوم للمناخ.
اقرأ أيضًا:
الإسكندرية تدق ناقوس الخطر، هل تُغرق التغيرات المناخية المدن الساحلية؟
قبة ترامب الذهبية.. هل تحمي من القبة الحرارية؟
في المقابل، لا تزال بعض القوى السياسية، مثل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتعامل مع المناخ كشأن ثانوي، تصريحات ترامب عن بناء قبة ذهبية فوق أمريكا تحاكي عزلة غير واقعية عن ظواهر كونية عابرة للحدود.
لكن إن كانت أوروبا اليوم تحت قبة حرارية، فقد تكون أمريكا غدًا في الوضع نفسه وربما أسوأ، فالبحار المختلة لا تعرف الجنسيات، والحرائق لا تعترف بالحدود، والمناخ لا ينتظر الإنكار السياسي.

المناخ يتكلم بلغة الخسائر.. فهل من يسمع؟
في عصر القبة الحرارية، لم تعد التقارير المناخية شأنًا بيئيًا بل تقارير أرباح وخسائر، أوروبا أمام اختبار تاريخي، إما أن تقود التحول نحو اقتصاد مقاوم للمناخ، أو أن تظل تدفع فاتورة الإنكار والتردد.
ما تقوله البحار اليوم بصخبها، هو أن الاقتصاد لا يمكنه أن يزدهر تحت سماء مختلة، فهل تفهم القارة الرسالة، قبل أن تُغلق القبة على الجميع؟
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
ترامب يهدد العالم بالرسوم الجمركية، والاقتصاد العالمي على صفيح ساخن
07 يوليو 2025 04:08 م
مركز المعلومات: 2 مليار جنيه مساهمات القطاع المصرفى المصرى بالمسؤولية الاجتماعية
07 يوليو 2025 03:32 م
بعد إقرار قانون الإيجار القديم، كم سيدفع المستأجرون خلال الـ 7 سنوات؟
06 يوليو 2025 05:08 م

أكثر الكلمات انتشاراً