الجمعة، 04 يوليو 2025

08:43 ص

انقسام رقمي وشيك، كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل موازين القوى العظمى؟

الخميس، 03 يوليو 2025 06:24 م

الصين وأمريكا

الصين وأمريكا

في سباق عالمي محموم نحو الهيمنة التكنولوجية، تحتدم المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في ميدان الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد المسألة مجرد تطوير تقنيات أو نماذج لغوية متقدمة، بل تحولت إلى صراع استراتيجي أوسع يشمل سلاسل التوريد، والسيادة الرقمية، وأمن البيانات، والتأثير الجيوسياسي.

ففي الوقت الذي تفرض فيه واشنطن قيودًا صارمة على صادرات الرقائق المتقدمة إلى بكين، تسارع الأخيرة لبناء منظومة مستقلة بالكامل في مجال الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بطموحات لا تقتصر على الداخل الصيني، بل تمتد إلى أسواق ناشئة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وبينما تحافظ شركات أمريكية مثل "OpenAI" و"جوجل" على نماذجها بصورة مغلقة، تطرح شركات صينية كبرى نماذج مفتوحة المصدر، في خطوة تعكس اختلافًا جوهريًا في فلسفة التوسع والتأثير العالمي.

شركات عالمية تعتمد النماذج الصينية

رغم التحفظات الغربية، بدأت مؤسسات مالية كبرى مثل "إتش إس بي سي HSBC" و"ستاندرد آند شارتر Standard Chartered" باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية مثل "ديب سيك" داخليًا، وحتى عمالقة الحوسبة السحابية الأمريكية مثل أمازون وغوغل، أتاحوا هذه النماذج لعملائهم، على الرغم من التحذيرات الرسمية من مخاطر أمن البيانات.

بكين تبني منظومتها المستقلة

في مقابل القيود الأمريكية، تتحرك الصين بخطى حثيثة نحو بناء سلسلة توريد متكاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، تكون بعيدة تمامًا عن أي اعتماد على الغرب، وتستثمر بكثافة في تطوير شرائحها الخاصة، معززة قدراتها التقنية في مواجهة ما تراه "حربًا باردة رقمية" تقودها واشنطن.

تمدد صيني في الأسواق الناشئة

لا تكتفي بكين بالاعتماد على أسواقها الداخلية، بل توسع نفوذها في دول أفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث تسهم شركات صينية في تأسيس بنى تحتية رقمية وفق معاييرها الخاصة، وهو ما قد يمنحها تفوقًا جيوتقنيًا مبكرًا، خاصة في ظل بطء التحركات الغربية في هذه الأسواق.

الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر

نشرت شركات مثل "علي بابا" و"Tencent" نماذجها الذكية كمفتوحة المصدر، ما يتيح للمطورين حول العالم تعديلها حسب احتياجاتهم، ولكن، لا تزال الشركات الأمريكية، وعلى رأسها OpenAI، متمسكة بالنماذج المغلقة، ما أثار تساؤلات حول مبررات الأسعار الباهظة التي تفرضها، وجدوى غياب الشفافية.

من الأفضل؟ مقارنة أداء النماذج عالميًا

وفقًا لمنصة Chatbot Arena ، جاء روبوت "Gemini" من جوجل في المرتبة الأولى عالميًا من حيث جودة الأداء، يليه "ChatGPT"، ثم النموذج الصيني "ديب سيك" في المركز الثالث، بفارق ضئيل عن منافسه الأمريكي.

أما على صعيد الاستخدام، فقد حصد تطبيق ChatGPT نحو 910 ملايين تحميل، مقابل 125 مليونًا لتطبيق "ديب سيك"، بحسب بيانات Sensor Tower.

الذكاء الاصطناعي

تحذيرات من فجوة فهم بين واشنطن وبكين

أشارت تقارير أمريكية، منها تقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، إلى أن واشنطن بدأت تفقد قدرتها على تتبع التطورات التقنية في الصين، مما يضعف من فاعلية قراراتها الاستراتيجية.

ودعت مجموعة من الباحثين الأمريكيين الحكومة إلى تعزيز الانخراط مع بكين في هذا الملف، للحفاظ على توازن القوى التكنولوجية عالميًا.

تراجع الاستثمار الأمريكي في الذكاء الصيني

تُظهر الأرقام تراجعًا كبيرًا في مشاركة المستثمرين الأمريكيين في دعم الذكاء الاصطناعي داخل الصين. ففي 2018، مثل التمويل الأميركي نحو 30% من إجمالي رأس المال المخاطر الموجه لهذا القطاع هناك، لكنه انخفض إلى 5% فقط بحلول منتصف 2025.

الذكاء الاصطناعي - صورة أرشيفية

هل يشهد العالم انقسامًا رقميًا؟

في ظل التباعد المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن التكنولوجيا باتت أحد أبرز معالم الاستقطاب العالمي، فبينما تركز أميركا على الابتكار والريادة البحثية، تتحرك الصين بسرعة مختلفة تقوم على الانتشار العالمي، والتكلفة المنخفضة، والتبني الواسع.

وإذا استمر هذا المسار دون تنسيق أو تفاهمات دولية، فقد نجد أنفسنا قريبًا أمام انقسام تقني عالمي، تتعدد فيه المعايير، وتتباين فيه السيادة الرقمية، لتتحول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى أدوات صراع لا تقل أهمية عن الجيوش أو السلاح.

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي التوليدي تحت المجهر، مكاسب ومخاطر في آن واحد

تحذيرات من خطورة تأثيرات الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف

«قفزة تكنولوجية»، كيف يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحقيق التنمية المستدامة؟

Short Url

showcase
search