إعادة رسم الخريطة، كيف تعيد رؤية 2030 توزيع الثروة بالسوق المالية السعودية؟
الثلاثاء، 01 يوليو 2025 09:29 ص

البورصة السعودية
منذ إطلاق السعودية لرؤيتها الطموحة رؤية 2030، تشهد سوقها المالية تحولاً عميقًا يتجاوز الأرقام ومؤشرات النمو، إنه أشبه بزلزال اقتصادي أعاد توزيع الثروة داخل السوق، حيث لم تعد الربحية حكرًا على القطاعات التقليدية، بل تحولت إلى سباق ديناميكي تقوده قطاعات صاعدة، مدفوعة بالإصلاحات الهيكلية واستثمارات الدولة في البنية الاقتصادية الجديدة.

أرباح تتضاعف لكن الصورة أعقد
في غضون 8 سنوات فقط، قفزت أرباح الشركات المدرجة باستثناء أرامكو العملاقة من نحو 94.7 مليار ريال إلى 160.7 مليار ريال.
على السطح، تبدو هذه قفزة مذهلة، لكن عند التركيز في التفاصيل نكشف مفارقة بارزة، ثلاثة قطاعات فقط كانت وراء نصف هذا النمو تقريبًا، ما يثير تساؤلات حول عدالة توزيع مكاسب الإصلاحات الاقتصادية، وتفاوت فرص القطاعات في مواكبة التحول الجاري.
وقد استُبعدت أرامكو من هذا التحليل نظرًا لضخامتها، إذ حققت وحدها أرباحًا بلغت 398 مليار ريال في عام 2024، وهو ما يعادل أكثر من ضعفي أرباح باقي السوق مجتمعة، ووجودها في الحسابات العامة كان سيحجب التحولات الهيكلية الحقيقية التي تمس الشركات الأخرى.
اقرأ أيضًا:
بـ90 مليار دولار، أرامكو السعودية تعلن توقيع 34 اتفاقية مع شركات أمريكية
تاسي بين الصدمات والتحولات
رغم العواصف، صمد المؤشر الرئيسي للسوق المالية تاسي مسجلاً نموًا بنسبة 67% منذ نهاية 2016 وحتى 2024، ليبلغ 12,036 نقطة.
لكنه لم يكن نموًا مستقيمًا، فعام 2020 كان نقطة انعطاف تاريخية، حين دفعت جائحة كورونا تاسي للهبوط إلى ما دون 6,000 نقطة، ومع ذلك، عادت السوق إلى الصعود، بدفع من سياسات تحفيزية واستثمارات استراتيجية في قطاعات ذات أولوية وطنية.

البنوك تحقق ربحية من قلب التحولات
لعل القطاع المصرفي هو أبرز المستفيدين من هذه المرحلة، إذ سجل نموًا في الأرباح بلغ 38.3 مليار ريال، فعمليات الاندماج الكبرى مثل الأهلي مع سامبا، وساب مع الأول لم تُعد تشكيل القطاع فحسب، بل منحته قوة نارية لمواكبة الطفرة في التمويل العقاري، وتمويل المشروعات الكبرى.
كما أسهمت بيئة الفائدة المرتفعة في تعظيم هوامش الربحية، دون أن تعرقل التوسع في الإقراض، لا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومع اقتراب المملكة من استضافة أحداث عالمية مثل "إكسبو 2030" وكأس العالم 2034، يبدو أن الزخم في هذا القطاع سيستمر.
اقرأ أيضًا:
الاستثمار الأجنبي في السعودية يرتفع لـ24% بالربع الأول من عام 2025
الاتصالات من البنية إلى العصب الرقمي
قفز قطاع الاتصالات بأرباحه إلى 28.4 مليار ريال، مستفيدًا من بيع شركة stc لحصتها في "توال" في صفقة ضخمة، لكن حتى بعد استبعاد هذه الأرباح الاستثنائية، لا يزال النمو قويًا، مدفوعًا بتوسع شبكات الجيل الخامس، والتحول الرقمي الحكومي، وزيادة الطلب على خدمات الحوسبة السحابية ومراكز البيانات.
هذا القطاع، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كمزود خدمة تقني، يتحول الآن إلى بنية تحتية استراتيجية لعصر الاقتصاد الرقمي.

الغذاء والأمن القومي
ربما يكون قطاع إنتاج الأغذية أقل لفتاً للأنظار إعلاميًا، لكنه كان أحد ركائز التحول الاستراتيجي، مسجلاً أرباحًا غير مسبوقة بفضل صفقة بيع صافولا لحصتها في المراعي، لكن حتى بعد استبعاد هذه المكاسب، فإن النمو المتحقق يعكس استثمار المملكة في ملف الأمن الغذائي.
معدلات الاكتفاء الذاتي في الألبان والبيض والدواجن ارتفعت، بينما تتجه الخطط المقبلة نحو تعزيز إنتاج اللحوم والمخبوزات والعصائر.
اقرأ أيضًا:
السعودية تكسر الأرقام القياسية، البطالة تهبط لأدنى مستوياتها التاريخية
التقنية أصبحت الرهان الجديد
لم يكن لقطاع التقنية وجود فعلي قبل عام 2017، لكنه بات اليوم أحد أكثر القطاعات ديناميكية، بأرباح تجاوزت 3.7 مليار ريال في 2024.
أداء شركات مثل "علم" و"solutions by stc" يُظهر كيف تحولت رقمنة الخدمات الحكومية إلى مصدر دخل حقيقي، وليس فقط تحسينًا إداريًا.
ومع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي، وارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية في قطاعات مثل السياحة والصحة والتعليم، فإن التقنية لا تُعد قطاعًا صاعدًا فقط، بل محركًا للنمو في قطاعات أخرى.
قفزات استثنائية لكنها محدودة التأثير حتى الآن
بعض القطاعات مثل السلع الرأسمالية والاستثمار والتمويل والرعاية الصحية، سجلت نسب نمو تفوق 500%، لكنها لا تزال في مراحل التبلور.
إدراج شركات جديدة مثل "كابلات الرياض" و"سليمان الحبيب" و"مجموعة تداول" أسهم في رفع الأرباح، لكن يبقى السؤال، هل هي قفزات مستدامة أم مؤقتة؟

قطاعات متراجعة رغم الزخم الاقتصادي
في المقابل، لم تنجُ كل القطاعات من التحولات. قطاع المواد الأساسية، مثلاً، خسر نحو 60% من أرباحه نتيجة تراجع سابك وأرباح الأسمنت.
المرافق العامة والطاقة والخدمات الاستهلاكية والعقارات شهدت تراجعًا مماثلاً، رغم زيادة عدد الشركات المدرجة واتساع النشاط الاقتصادي.
يرى محللون أن بعضها يمر بقاع دورة استثمارية، خاصة الأسمنت، الذي يتوقع له تعافي تدريجي بدعم من المشاريع العقارية الضخمة وزيادة الإقراض السكني.
اقرأ أيضًا:
الأسطول السعودي يتصدر المركز الأول بـ80% من النقل البحري
التأمين والدواء يحققا نمو هادئ ومستدام
من دون ضجيج، سجلت قطاعات مثل التأمين والصناعات الدوائية نموًا صحيًا ومستقرًا، كما استفاد التأمين من سياسات القيادة النسائية والتوسع في التأمين الصحي، بينما نمت الصناعات الدوائية بفضل طلب حكومي متزايد ومبادرات تصنيع محلي.

أين يتجه النمو في 2025؟
ترجح المؤشرات استمرار النمو في قطاعات البنوك، التقنية، الرعاية الصحية، الاتصالات، الأسمنت، والصناعات الدوائية، بدفع من المشاريع العملاقة المرتبطة بـ"رؤية 2030"، غير أن الأعين بدأت تتركز أيضًا على قطاعات جديدة واعدة، مثل السياحة، الترفيه، التعليم، الخدمات اللوجستية، والطيران.
السوق يتغير ومعها مفاهيم الربحية
السوق المالية السعودية لم تعد تُقاس فقط بعوائد الشركات وأرباحها، بل بكيفية تموضعها داخل خارطة الاقتصاد الجديد.
ومع دخول المملكة مرحلة التنفيذ الكامل لمشاريع "رؤية 2030"، فإن السوق تعيش اليوم حالة إعادة هيكلة صامتة ستحدد مستقبل الشركات، لا بناءً على تاريخها فقط، بل على مدى جاهزيتها للمستقبل، ببساطة، من لا يركب قطار التحول، سيتحول إلى هامش.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، بالإضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
لتسهيل شراء الأوراق المالية، بوتين يصدر مرسوم بإنشاء حسابات خاصة للمستثمرين
01 يوليو 2025 08:34 م
سهم أسترازينكا يقفز 3% بعد قرار الرئيس التنفيذي بإدراج الشركة في أمريكا
01 يوليو 2025 07:25 م
ضخ 10 مليارات دولار، إيلون ماسك يعيد تشكيل خريطة الذكاء الاصطناعي (تفاصيل)
01 يوليو 2025 06:33 م


أكثر الكلمات انتشاراً