كيف يحول الذكاء الاصطناعي مهاراتنا من مجرد عملة لـ بنية أساسية للمستقبل؟
الأحد، 29 يونيو 2025 11:35 م

عصر الذكاء الاصطناعي
في عالم اليوم، حيث تتسارع وتيرة التغيير بصورة غير مسبوقة، لم تعد المهارات مجرد "عملة" قابلة للتبادل تتأثر بقوى العرض والطلب.
لقد حان الوقت لإعادة تعريف دورها الجوهري.
المهارات، في جوهرها، هي بنية أساسية حيوية لا غنى عنها لنمو أي مجتمع وازدهاره، تمامًا كشبكات الطرق والطاقة والاتصالات.
إنها الأساس الذي يدعم الابتكار، ويُسهل الحراك المهني، ويغذي منظومات ريادة الأعمال.
لكن، كيف يمكننا ضمان أن هذه "البنية التحتية للمهارات" تواكب متطلبات العصر المتغيرة؟
الإجابة تكمن في ذكاء المهارات، هذا المفهوم الثوري يسخر الإمكانات الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ليُحوّل بيانات القوى العاملة الضخمة إلى بوصلة دقيقة ورؤى ثاقبة قابلة للتنفيذ.
لم يعد هذا مجرد تصور مستقبلي، بل حقيقة تتشكل على أرض الواقع الآن، لتمكين الأفراد والشركات والدول من التكيف بسرعة وكفاءة مع تحديات الغد.

تحويل المهارات: من قيمة متقلبة إلى بنية تحتية صلبة
العملة هي في جوهرها أداة للمقايضة، تتأثر قيمتها بقوى العرض والطلب وتخضع للتقلبات. أما المهارات، لكي تصبح المحرك الحقيقي للنمو الشامل والقدرة على التكيف، فهي تتطلب منظورًا مختلفًا تمامًا.
المهارات ليست مجرد سلعة يمكن تداولها، بل هي الأساس الذي يحتضن الابتكار، ويمكّن الحراك المهني، ويغذي منظومات ريادة الأعمال.
مثلها مثل شبكات الطرق والطاقة والاتصالات، تشكّل المهارات بنية تحتية لا غنى عنها لأي مجتمع يسعى إلى الازدهار.
وكأي بنية تحتية حيوية، يجب أن تتطور منظومات المهارات لتواكب متطلبات العصر. فالأطر التقليدية والتصنيفات الجامدة لم تعد قادرة على مجاراة سرعة التحول الاقتصادي. من هنا، يبرز الدور المحوري لمفهوم "ذكاء المهارات".
يُعرّف ذكاء المهارات بأنه تسخير الإمكانات الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لتحويل بيانات القوى العاملة الضخمة إلى بوصلة دقيقة ورؤى ثاقبة قابلة للتنفيذ. هذه ليست مجرد رؤية مستقبلية، بل هي حقيقة تتشكل على أرض الواقع الآن.

الذكاء الاصطناعي: مجهرٌ يكشف عن فجوات المستقبل
يقرع "تقرير مستقبل الوظائف 2025" ناقوس الخطر، كاشفًا عن تحولاتٍ عاصفةٍ تضرب أسس القوى العاملة:
بحلول عام 2030، ستشهد 40% من المهارات الأساسية للعاملين إما تحولًا جذريًا أو تقادمًا تامًا.
ورغم ذلك، يرى 63% من أصحاب العمل أن "فجوات المهارات" هي العقبة التي تعترض مسار تطور أعمالهم.
تتباين حدة هذه الاضطرابات بين الدول، مما يعكس بوضوح الفوارق في مستويات التنمية الاقتصادية والاستقرار الجيوسياسي.
ولئن كنّا قد أتقنا سابقًا فن تشخيص هذه الفجوات عبر دراساتٍ واستطلاعاتٍ لا حصر لها، فإن التحدي الأكبر اليوم يكمن في تجاوز مرحلة التشخيص إلى تمكين الحلول.
علينا أن ننتقل من مجرد تعداد مواطن الضعف إلى بناء جسور القوة بفاعلية. وهنا، يُحوِّل "ذكاء المهارات" البيانات المبعثرة إلى خارطة طريق دقيقة، تُمكِّن الأفراد والشركات والدول من التكيف بسرعة وكفاءة.

حين تصدأ الأطر القديمة: ضرورة تحديث أنظمة المهارات الوطنية
شكَّلت أنظمة تصنيف المهارات الحكومية، مثل ONET في الولايات المتحدة و ESCOفي أوروبا، ركيزةً أساسيةً لفهم أسواق العمل.
بيد أن هذه الأطر قد صيغت في حقبةٍ كان فيها الإيقاعُ بطيئًا والتغييرُ متوقعًا؛ أما اليوم، فإن التسارع المذهل للتحولات يجعل هذه الأنظمة، التي يتم تحديثها على فترات متباعدة، قاصرةً تمامًا.
ولمواكبة هذا الواقع المتسارع، لا بد من الانتقال من الأطر الجامدة إلى بنى أساسية للمهارات تتسم بالذكاء والاستجابة الفورية.
والشاهد هنا أن دمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الوطنية يمنح الحكومات القدرة على قياس احتياجات القوى العاملة والتكيف معها بمرونة.
بدأت هذه الخطوات بالتحقق فعلًا، ففي عام 2022، أُنشئ "جسر" رقمي بين نظامي O*NET وESCO، مما فتح الباب على مصراعيه أمام تكامل أوسع وخدمات مبتكرة، كالمواءمة الفورية بين الوظائف والباحثين عنها، وتصميم برامج تدريب فائقة الدقة.
اقرأ أيضًا: هل يفتَح "مسجل الأحلام" أبواب صناعة رقمية جديدة؟
اقرأ أيضًا: من الخيال للواقع، جهاز جديد يحول الأحلام لمقاطع فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي

عصر التعاون: نحو لغة مهارات عالمية موحدة
انطلاقًا من هذه الضرورة الملحة، يطرح المنتدى الاقتصادي العالمي "مجموعة أدوات اعتماد تصنيف المهارات العالمي 2025".
يمثل هذا الدليل العملي أداة قيمة للحكومات والشركات وقادة التعليم على حد سواء.
تمامًا كما تربط البنية التحتية المادية المجتمعات ببعضها، تدعو هذه المبادرة إلى إنشاء منظومات مهارات متناغمة قادرة على معالجة نقص العمالة ودعم تحول القوى العاملة على نطاق واسع. فمن خلال ذكاء المهارات، تستطيع الحكومات تحديد المهارات المتقاربة، وهي الكفاءات المتشابهة التي تسهل انتقال العمال بسلاسة إلى أدوار جديدة وواعدة.
علاوة على ذلك، يمكن للمنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي استخدام بيانات المهارات الموثوقة—وهي سجلات موثقة للقدرات الفعلية للأفراد—لتوجيه المواهب بدقة متناهية حيث تشتد الحاجة إليها، سواء داخل الحدود أو خارجها.
وفي الختام، بينما نقف على أعتاب عصر جديد من ريادة الأعمال، تتجلى بوضوح تام الحاجة إلى إعادة صياغة علاقتنا بأثمن أصولنا: الطاقات البشرية. لقد حان الوقت لنتجاوز الفهم الضيق للمهارات كعملة، ونشرع في ترسيخها كبنية تحتية صلبة تدفع الابتكار، وتعزز المرونة، وتضمن النمو الشامل.
ذكاء المهارات، المدعوم بقوة الذكاء الاصطناعي، ليس مجرد أداة عصرية، بل هو حجر الزاوية في بناء اقتصادات الغد اقتصادات قادرة على تحويل أصعب التحديات إلى أثمن الفرص.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
ترامب يكشف لعبة الحرب الباردة الجديدة، اقتصاد عالمي على خطوط النار
30 يونيو 2025 03:33 م
الخدمات المالية تتصدر مؤشر أداء الأعمال في الربع الأول من 2025
30 يونيو 2025 12:35 م
الذكاء الاصطناعي يهدد ويخدع ويضع العالم أمام تحدي الاستغناء عنه أو مواجهته
29 يونيو 2025 04:15 م


أكثر الكلمات انتشاراً