إيران على شفا الانهيار، كلفة الحرب تضرب قلب الاقتصاد وتُربك الحسابات الاستراتيجية

السبت، 28 يونيو 2025 12:22 م

الاقتصاد الإيراني

وسط ركام منشآتها النووية، وتصاعد دخان العقوبات الذي خنق اقتصادها منذ عقود، وجدت إيران نفسها تواجه واحدة من أعقد اللحظات في تاريخها الحديث، فعلى مدى 12 يومًا فقط، كشفت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، هشاشة البنية الاقتصادية الإيرانية، كما فاقمت جراحًا مالية لم تلتئم أصلًا.

وفي بلد يحكمه الضغط المزدوج للحصار الخارجي، وسوء الإدارة الداخلي، جاءت الضربات الإسرائيلية، المدعومة أمريكيًا، لتضع طهران على مسار خطر، إما إعادة الحسابات، أو الانحدار السريع نحو الانهيار.

خسائر بمليارات الدولارات وعقود ضاعت في دقائق

الضربة لم تكن رمزية، فالمنشآت النووية التي استهدفتها الهجمات، كلفت إيران نحو 30 مليار دولار، على مدار ثلاثة عقود، فيما تؤكد الرواية الأمريكية، أن هذه الهجمات ألحقت أضرارًا فادحة بالبنية التحتية النووية، وهو ما أقر به وزير الخارجية الإيراني، في نبرة نادرة في الخطاب الرسمي.

لكن الرقم الصادم، ليس وحده ما يشغل المحللين، فمقتل 600 شخص، بينهم نخبة من العلماء النوويين وقادة من الجيش، يمثل ضربة إستراتيجية مزدوجة، وتفريغ للبرنامج من كفاءاته، وإهانة سياسية، تمس هيبة النظام أمام الداخل والخارج.

أستاذ تمويل: الكلفة الاقتصادية على إسرائيل تجاوزت المليار دولار يوميًا

اقتصاد تحت الحصار ووظائف وهمية تنهك الخزينة

الضربات جاءت في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإيراني، من آثار أكثر من 5,475 عقوبة، خلفت -بحسب تقديرات رسمية- خسائر تقارب 1.5 تريليون دولار خلال أربعة عقود، بل إن النظام يواجه اليوم أزمة سوء إدارة شاملة، تتجاوز ساحة المعركة لتطول تفاصيل الاقتصاد اليومي.

وبدأت تداعيات الحرب تظهر سريعًا على المشاريع الكبرى والمتوسطة، في حين لا تزال الحكومة تدفع رواتب نحو 8 ملايين شخص يشغلون وظائف وهمية بهدف شراء الولاء السياسي، الأمر الذي يمثل عبئًا قد يفوق، في بعض الأحيان، كلفة الحروب نفسها.

الطبقة الوسطى تختنق ورأس المال يفر

وفي شوارع طهران والمدن الكبرى، بدأت الطبقة المتوسطة، تختفي تدريجيًا تحت وطأة التضخم، وانعدام اليقين الاقتصادي، في الوقت الذي لم تعد الشركات قادرة على الوصول إلى العملة الأجنبية أو تصدير منتجاتها، وسط حصار مالي خانق، أما رأس المال المحلي، فيسلك طريق الهروب السريع نحو الخارج، تاركًا الاقتصاد أكثر عجزًا وتبعية.

وبينما تنهار المنظومة من الأعلى، لا تزال بعض القطاعات الصغيرة، كالزراعة والصناعات المحلية، تُظهر مقاومة نسبية، إذ تعتمد على الدورة المحلية للعملة، لكن تأثيرها على الناتج القومي يبقى محدودًا، وعاجزًا عن إنقاذ السفينة من الغرق.

مستشار عسكري: تكلفة التصدي لصواريخ طهران 300 ألف دولار يوميا

رسائل الحرب للأسواق لا استثمار في ظل الخطر

واقتصاديًا، الخطر لا يكمن فقط في حجم الخسائر، بل في الرسائل التي بعثتها هذه الحرب إلى الأسواق الدولية، إيران، ورغم إنفاقها العسكري الضخم، غير قادرة على حماية منشآتها الحيوية.

وانهارت الثقة بالريال في بيئة استثمارية متدهورة، فيما تراجعت قدرة البلاد، على جذب أي تمويل خارجي حقيقي، باستثناء الدعم الأيدولوجي القادم من بعض الحلفاء، أما الاقتصاد الرسمي، فيغرق أكثر في الاعتماد على شبكات موازية، متمثل في الحرس الثوري، التجارة الرمادية، والتهريب عبر الحدود.

بين الإنكار والمواجهة، ما خيارات طهران المقبلة؟

ويبقى السؤال هنا، هل تدفع هذه الكلفة الهائلة إيران نحو مراجعة خياراتها الإستراتيجية؟ أم أن النظام سيواصل سياسة الإنكار والمواجهة، مهما كان الثمن؟

السؤال لا يخص طهران وحدها، بل يهم أيضًا مستقبل المنطقة، ففي حال واصلت إيران تعنتها، فإن السيناريوهات الأكثر ترجيحًا، تتراوح بين إعادة هيكلة قسرية لاقتصاد الدولة، أو انهيار متسارع يطال النظام ذاته.

وفي كلتا الحالتين، لا يبدو أن المعركة انتهت، فالأشهر القادمة قد تكون مفصلية، ليس فقط لمصير البرنامج النووي، بل لمعادلات القوة والسياسة في الشرق الأوسط بأسره.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ “أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.