التفوق الرقمي الأمريكي يربك السوق العالمي، هل حان وقت الاستقلال السيادي؟

الإثنين، 23 يونيو 2025 08:10 م

التفوق الرقمي الأمريكي

بين خطوط الشيفرة وبروتوكولات البيانات، تدور معركة جديدة على السيادة، معركة رقمية يخوضها الاتحاد الأوروبي ضد هيمنة تكنولوجية أمريكية تتجاوز الاقتصاد، لتلامس عمق القرار السيادي.

فالتفوق الرقمي الأمريكي، الذي تبلور عبر شركات عابرة للحدود مثل مايكروسوفت وجوجل وميتا، لم يعد مجرد تفوق تقني، بل صار ورقة ضغط جيوسياسية فاعلة بيد واشنطن، حتى تجاه أقرب حلفائها.

قضية المحكمة الجنائية الدولية، حين جُمد بريدها الإلكتروني بضغط من إدارة ترامب، لم تكن حادثة عابرة، بل كانت نقطة تحول فجرت قلقًا أوروبيًا دفينًا، فماذا لو بات قرار سيادي لدولة أوروبية رهينة مزاج سياسي في البيت الأبيض؟ كيف يمكن لقارة بأكملها أن تعتمد في بنيتها الرقمية على منصات لا تملك السيادة عليها؟

سوق يتخطى 100مليار ريال، البلوك تشين بوابة استثمارية واعدة في قلب الاقتصاد الرقمي السعودي

الهيمنة الناعمة والتكنولوجيا كسلاح

أوروبا اليوم ليست فقط مستهلكًا رئيسيًا للتكنولوجيا الأمريكية، بل تعتمد كليًا على بنية رقمية توفرها شركات مقرها في كاليفورنيا، من خدمات الحوسبة السحابية إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تهيمن أمريكا على مفاصل الاقتصاد الرقمي الأوروبي، وما يزيد الطين بلة، هو أن هذه الهيمنة محمية بقوانين أمريكية، تتيح للحكومة التدخل المباشر في نشاط الشركات حتى خارج أراضيها، ما يفتح الباب لتوظيف الحياد التكنولوجي كسلاح سياسي.

وليس من قبيل المصادفة، أن تتزامن هذه السيطرة مع تصعيد أمريكي على جبهات متعددة، من الرسوم الجمركية على الصادرات الأوروبية، إلى انتقادات مباشرة لطريقة الاتحاد في تنظيم الأسواق الرقمية، وفي المقابل تطالب أوروبا بحقوقها الرقمية، دون امتلاك أدوات الحماية الكافية.

مشاريع أوروبية في مواجهة وادي السيليكون

وفي مواجهة هذا الواقع، تحاول أوروبا إعادة رسم خريطتها الرقمية، فمن دعم البنى التحتية المستقلة مثل مشروع Gaia-X للحوسبة السحابية، إلى تشريعات أكثر صرامة كقانون الأسواق الرقمية DMA، وقانون الخدمات الرقمية DSA، وتسعى المفوضية الأوروبية، لتقليص الفجوة مع أمريكا، وبناء ما بات يُعرف بالسيادة الرقمية.

وتسعى أوروبا أيضًا إلى تعزيز البحث والتطوير، خاصة في الذكاء الاصطناعي الآمن، وزيادة الإنفاق على الابتكار وضمن خططها، كما تعزز التعاون بين الدول الأوروبية في مشاريع استراتيجية، وتعمل أيضًا على بناء دفاع سيبراني موحد، وتعديل بيئة الأعمال لتشجيع الريادة والمخاطرة.

وهنا تأتي خطة اختر أوروبا للبدء والتوسع، التي تهدف إلى تحويل القارة إلى بيئة خصبة للشركات الناشئة، عبر تقليل الأعباء الإدارية، وسد فجوة التمويل، وجذب المواهب العلمية من داخل وخارج الاتحاد.

«MIT تدق ناقوس الخطر»، الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي يهدد النشاط الذهني

شراكات جديدة ومخاوف قديمة

وبينما تتحسس أوروبا طريقها نحو الاستقلال الرقمي، بدأت بعض الدول الأعضاء، بتعميق التعاون مع قوى تقنية صاعدة كاليابان وكوريا الجنوبية، في محاولة لتقليل الاعتماد الأحادي على أمريكا.

لكن تبقى المفارقة أن أوروبا رغم ريادتها التاريخية في الفلسفة والسياسة، لا تزال تتعثر تقنيًا، وتعاني من فجوة تمويل وإبداع تفصلها عن وادي السيليكون بسنوات ضوئية.

اختبار تاريخي وسيادة على المحك

إن أوروبا اليوم أمام اختبار حضاري تاريخي، فالسيادة في العصر الرقمي، لم تعد تُقاس بحجم الجيوش أو الناتج المحلي، بل بالقدرة على حماية البيانات، وتنظيم المنصات، وتوجيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بما يخدم مصالح القارة.

الرهان على الاستقلال الرقمي يتطلب من أوروبا إرادة سياسية لا تقل صلابة عن تلك التي أخرجت الاتحاد من رماد الحروب، حيث لا يكفي الاستثمار في التقنية، بل يجب أن تقترن هذه الجهود، برؤية موحدة وتكامل فعلي بين دول الاتحاد، لتجنب الوقوع في فخ التبعية الرقمية المكلفة.

فالمستقبل الرقمي لن ينتظر المترددين، وإذا لم تصنع أوروبا منصاتها، فسيتحكم الآخرون بخياراتها، وربما بقوانينها ومصيرها أيضًا.

والسؤال الأهم هنا، هل ترى أن لدى أوروبا فرصة واقعية لتحقيق السيادة الرقمية، أم أن التفوق الأمريكي بات جزءًا لا يُفك من المعادلة العالمية؟

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.