«البلوك تشين» يعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بسوق يقدر بـ1.4 تريليون دولار

الخميس، 19 يونيو 2025 10:10 ص

تقنية البلوك تشين

في عالم تتسارع فيه وتيرة الرقمنة، لم تعد البيانات الرقمية مجرد وسيلة مساعدة، بل أصبحت عصب الحياة الذي تعتمد عليه المؤسسات والمنظمات الكبرى حول العالم.

ومع ازدياد حجم البيانات وتشعب مصادرها، تبرز الحاجة إلى تقنيات حديثة تعزز من قدرة المؤسسات على تنظيم هذه البيانات، وتتبع مسارها، وضمان مصداقيتها.

وهنا تبرز تقنية البلوك تشين كأحد الحلول الثورية التي تسهم في تحويل طريقة التعامل مع البيانات وتبادلها بين الأطراف.

البلوك تشين تمكن مرونة الأعمال وتخفض التكاليف

وأشارت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" في تقرير حديث لها، إلى أن تقنية البلوك تشين تمثل نقلة نوعية في بنية الأعمال، من خلال قدرتها على تسجيل وتتبع تدفق البيانات بين المرسل والمستلم بسلاسة وشفافية، عبر قاعدة بيانات غير قابلة للتلاعب أو الحذف.

ويعتبر القطاع المالي والمصرفي من أبرز المستفيدين من هذه التقنية على مستوى العالم، حيث تشير الإحصاءات إلى أن البلوك تشين يمكن أن تساهم في خفض تكاليف البنية التحتية للمصارف بنسبة تصل إلى 30%.

نمو سريع في حجم السوق العالمي لتقنية البلوك تشين

ووفقًا لتقرير منشآت، قدرت قيمة سوق البلوك تشين عالميًا في عام 2021 بنحو 5.92 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يشهد السوق نموًا تراكميًا بنسبة 84% سنويًا، ليصل إلى 1,431 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.

ويأتي هذا النمو مدفوعًا بتزايد اعتماد المؤسسات في مختلف القطاعات على حلول البلوك تشين، لما توفره من أمان، وشفافية، وتوفير في التكاليف.

من توثيق الوثائق إلى إطلاق العملات الرقمية

تعود جذور تقنية البلوك تشين إلى عام 1991، عندما قدم الباحثان ستيوارت هابر وسكوت ستورنيتا حلًا رياضيًا لتوثيق المستندات الرقمية وضمان عدم التلاعب بها، من خلال استخدام سلسلة من الكتل الزمنية المشفرة.

وفي عام 1992، تم تعزيز التقنية بإضافة شجرة "ميركل" التي سمحت بجمع عدة مستندات في كتلة واحدة، ما جعل النظام أكثر كفاءة.

ولم تحظى هذه التطويرات بالانتشار المطلوب حتى عام 2008، حينما نشر ساتوشي ناكاموتو ورقته البحثية التي قدم فيها نظام الدفع الإلكتروني القائم على البلوك تشين، مطلقًا بذلك أول عملة رقمية في العالم، وهي البيتكوين.

تعريف تقنية البلوك تشين وأنواعها

تعرف تقنية البلوك تشين بأنها قاعدة بيانات رقمية موزعة، تشبه "دفتر الأستاذ" في علم المحاسبة، حيث تسجل كافة التعاملات الرقمية بين الأطراف، دون الحاجة إلى وجود وسيط. تنقسم التقنية إلى نوعين:

بلوك تشين عام: يتيح التعامل المباشر بين المستخدمين دون وسيط (peer-to-peer).

بلوك تشين خاص: يعمل ضمن شبكة مغلقة تخضع لإدارة مركزية، ويستخدم غالبًا في المؤسسات المصرفية والشركات الكبرى.

العملات الرقمية والعملات السيادية.. مستقبل جديد للنقود

تعد العملات المشفرة مثل البيتكوين التطبيق الأول لتقنية البلوك تشين، حيث تعتمد على التحويلات المالية ونقل الملكية دون وجود طرف ثالث.

ووفقًا لتقارير متخصصة، تعمل أكثر من 40 دولة حول العالم على تطوير عملات رقمية للبنوك المركزية (CBDC)، وقد أطلقت خمس دول بالفعل عملاتها السيادية الرقمية، على رأسها الصين التي تقود هذا التحول من خلال مبادرة البنية التحتية الرقمية المدعومة حكوميًا.

البلوك تشين في مواجهة التحديات العالمية

أبرزت جائحة كوفيد-19 الحاجة الماسة لتسريع الرقمنة في القطاعات المختلفة، وكان القطاع المالي من بين الأكثر تأثرًا. دفع تقلص الأرباح وتغير سلوك المستهلكين العديد من المؤسسات المالية إلى تسريع تبني التقنيات الحديثة، ومنها البلوك تشين، لتحديث خدماتها وتلبية متطلبات العملاء في العصر الرقمي.

تنظيمات جديدة مرتقبة من الحكومات حول العالم

ومع ازدياد الاعتماد على التقنية المالية، بدأت الحكومات في مختلف الدول في صياغة أطر تنظيمية جديدة لضبط تعاملات العملات الرقمية والبلوك تشين. من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة موجة من التشريعات واللوائح، خاصة في ظل تزايد القلق من مخاطر غسل الأموال وسوء استخدام الأصول الرقمية.

5.61 مليار دولار بحلول عام 2025

لا تقتصر فوائد البلوك تشين على القطاع المالي فقط، بل تمتد لتشمل قطاع الرعاية الصحية، حيث من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق على دمج التقنية في هذا القطاع إلى 5.61 مليار دولار بحلول عام 2025، مع اعتماد 55% من تطبيقات الصحة عليها في نفس العام.