من الموظف إلى الوكيل الرقمي، هل بدأنا في وداع وظائفنا التقليدية؟
الإثنين، 16 يونيو 2025 10:24 ص

سوق التوظيف
في خضم المخاوف المتزايدة من بطالة جماعية محتملة بفعل صعود الذكاء الاصطناعي، خرجت شركة مانباور جروب ثالث أكبر شركة توظيف عالميًا برؤية مغايرة وأكثر تفاؤلًا.

فالمستقبل، حسب مدير الابتكار فيها توماس تشامورو بروموزيتش، لا يحمل نهاية وشيكة للوظائف، بل ولادة لحقبة جديدة تُعاد فيها صياغة المهارات المطلوبة.
خلال مشاركته في معرض فيفاتيك بباريس، أكد تشامورو بروموزيتش أن الأتمتة لن تُقصي البشر من المشهد، لكنها ستُجبرهم على التكيف، وسط تحول نوعي في طبيعة الكفاءات التي يبحث عنها أصحاب العمل، حيث لم يعد السؤال ما الذي تعرفه؟، بل أصبح ما الذي يمكنك أن تتعلمه بسرعة؟
من الموظف إلى الوكيل الرقمي.. هل نحن أمام نماذج عمل جديدة؟
أحد أبرز المشاريع التي ظهرت خلال مسابقة للشركات الناشئة التابعة لمانباور كان يهدف لتأجير وكلاء ذكاء اصطناعي مستقلين بدلاً من الموظفين، في تجربة تعكس تغيرًا جذريًا في شكل العلاقة التقليدية بين الشركات والموظفين.
ورغم التشاؤم الذي عبر عنه رئيس شركة أنثروبيك داريو أمودي، حين حذر من احتمال اختفاء نصف الوظائف الإدارية الأولية خلال فترة قصيرة، فإن مانباور ترى أن هذه التوقعات ليست إلا امتدادًا لتاريخ طويل من المبالغات حول الأتمتة.
اقرأ أيضًا:
حج المستقبل يبدأ الآن، روبوتات تتحدث وتُرشد الحجاج بخدمة فاخرة (صور)
الذكاء الاصطناعي يعيد هيكلة سوق العمل من الجانبين
الثابت الوحيد الآن في سوق التوظيف هو التغيير نفسه، فالمتقدمون للوظائف باتوا يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي لصياغة سيرهم الذاتية، وتحسين خطابات التقديم، بل وحتى إجراء مقابلات العمل باستخدام روبوتات مبرمجة.
في المقابل، تعتمد الشركات بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لصياغة الإعلانات الوظيفية، وفرز الطلبات الواردة، وتقييم المتقدمين، لكن الأهم أن الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم فقط لأتمتة العمليات، بل لإعادة صياغة ما يُعتبر ميزة تنافسية في الموظف.

تحول من المؤهلات إلى الإمكانات
ربما يكون أهم تحول يقوده الذكاء الاصطناعي في عالم التوظيف هو الانزياح من التركيز على المؤهلات الورقية، إلى تقييم الإمكانات البشرية.
كما أصبح المديرون اليوم أكثر اهتمامًا بصفات مثل الاجتهاد، والفضول، والقدرة على العمل الجماعي، وهي سمات يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في قياسها بدقة أكبر.
تشير دراسة لمنصة TestGorilla إلى أن حوالي ثلثي مديري التوظيف يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل المرشحين، وإن كانت النسبة أقل حين يتعلق الأمر بمقابلات العمل.
واللافت أن 17% فقط من المتقدمين أقروا باستخدام الذكاء الاصطناعي في التحايل أو الغش، ما يخفف من مخاوف بعض الشركات بشأن الاستخدام غير الأخلاقي للتكنولوجيا.
اقرأ أيضًا:
تسلا تُقاضي مهندس سابق بالشركة لسرقته معلومات من روبوت «أوبتيموس»
مهارات لا يستبدلها الذكاء الاصطناعي
في استطلاع واسع شمل شركات في 42 دولة، تبين أن هناك مجموعة من المهارات التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تعويضها، أبرزها:
- الحكم الأخلاقي
- إدارة الفرق
- خدمة العملاء
- التفكير الاستراتيجي
لكن المثير للقلق، هو أن برامج التدريب لم تواكب بعد هذا التحول، ما يعني وجود فجوة بين المهارات المطلوبة فعليًا وسُبل تأهيل الموظفين، ولا تزال الكثير من الشركات تركز على التعلم الآلي والأدوات التقنية، في حين تتجاهل المهارات الإنسانية التي ستصبح عملة المستقبل.

بين الإنتاجية والاستقلالية.. توازن دقيق
مع توفير أدوات الذكاء الاصطناعي للمزيد من الوقت والإنتاجية، تظهر معضلة جديدة، كيف يُستخدم هذا الوقت؟ فبينما يرى البعض أن الوقت الفائض يمكن استغلاله في الابتكار وتوليد الأفكار، وأن الانجراف وراء وسائل التواصل وإهدار الوقت قد يُفرغ التكنولوجيا من جدواها.
وهو ما يطرح تساؤلًا فلسفيًا على مديري الشركات، هل نحن بصدد رفع الإنتاجية فعلاً؟ أم إعادة تعريف معايير العمل بطريقة أكثر قسوة وأقل استقلالية؟
اقرأ أيضًا:
وداعًا لأعباء التنظيف, أول روبوت فندقي بذكاءٍ اصطناعي متكامل
إعادة تصميم سوق العمل.. لا إزالته
الذكاء الاصطناعي لا يُغلق أبواب الوظائف، بل يفتح نوافذ جديدة على عالم عمل أكثر مرونة، وأقل رتابة، لكنه يتطلب إعادة بناء التفكير المؤسسي، وتحديث برامج التدريب، وتشجيع الثقافة التي تثمن الإنسان لا الآلة، فالتهديد الحقيقي لا يأتي من الذكاء الاصطناعي نفسه، بل من فشل الأفراد والشركات في التكيف معه.
Short Url
المهارة أهم من الخبرة، «GenAI» يعيد تشكيل سوق العمل
16 يونيو 2025 04:21 م
حروب الدرونز، الطائرات بدون طيار تقلب الموازين العسكرية في العالم
16 يونيو 2025 02:52 م
حرب الإنفاق العسكري، من يتفوق وسط وابل الصواريخ؟
16 يونيو 2025 12:12 م


أكثر الكلمات انتشاراً