سوق التوصيل في السعودية، قفزة نوعية نحو الاقتصاد الرقمي واستثمارات ضخمة
السبت، 14 يونيو 2025 02:26 م

سوق التوصيل
بينما تتحول أنماط الاستهلاك في المملكة العربية السعودية بوتيرة متسارعة، يبرز سوق التوصيل خارج المنزل كأحد أكثر القطاعات نموًا وديناميكية، متحولًا من خدمة ثانوية إلى شريان أساسي في منظومة الاقتصاد الرقمي الجديد.

بحسب mordorintelligence، من المتوقع أن يسجل هذا السوق حجمًا يبلغ 24.69 مليون دولار في عام 2025، قبل أن يقفز إلى 65 مليون دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.37٪.
هذا النمو الاستثنائي لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لتداخل ثلاث قوى اقتصادية رئيسية، التحول الرقمي، والدعم الحكومي، والتغير في سلوك المستهلك.
اقرأ أيضًا:
«اللي فات مات»، تسهيلات ضريبية جديدة لمزاولي التجارة الإلكترونية
التجارة الإلكترونية.. الوقود الذي يُشعل محركات النمو
التسارع في التجارة الإلكترونية يمثل القاعدة التي يقوم عليها هذا التوسع، ففي النصف الأول من عام 2024، ارتفع إصدار السجلات التجارية للتجارة الإلكترونية بنسبة 17.47%.
وهو ما يعكس دخول المزيد من اللاعبين الجدد إلى السوق، سواء من الشركات أو الأفراد، الرياض وحدها تصدرت هذا المشهد، ما يشير إلى مركزية العاصمة في النشاط الاقتصادي الرقمي.
لكن التوسع لا يقتصر على التجارة فحسب، بل يشمل أيضًا البنية التحتية الداعمة لها، فقد أطلقت الحكومة السعودية خطة ضخمة لإنشاء 59 مركزًا لوجستيًا بحلول 2030، موزعة على أكثر من 100 مليون متر مربع.
هذه المراكز تمثل العمود الفقري لمنظومة التوصيل الحديثة، وتضع المملكة على طريق التحول إلى مركز لوجستي عالمي، وهو أحد الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030.
بين الدرون والذكاء الاصطناعي.. ثورة على الطرقات
التكنولوجيا تلعب دورًا تحويليًا في هذا السوق، حيث تستثمر الشركات في الدرونز (الطائرات بدون طيار)، أتمتة المستودعات، والطلب الصوتي، بهدف تقليص أوقات التوصيل وخفض التكاليف التشغيلية.
هذه الابتكارات ليست ترفًا تقنيًا، بل ضرورة اقتصادية في سوق باتت فيه سرعة التوصيل أحد أهم مؤشرات رضا المستهلك.
في هذا الإطار، تستخدم متاجر كبرى مثل كارفور أدوات الذكاء الاصطناعي لإدارة المخزون بذكاء، مما يقلل الهدر ويزيد من كفاءة الاستجابة للطلب في المدن الكبرى.

الطعام والبقالة.. محركات التوسع العمودي
قطاع توصيل الطعام والبقالة عبر الإنترنت يشهد قفزة نوعية مدفوعة بجائحة كوفيد 19 وتغير سلوك المستهلك، شركات مثل طلبات ونانا دايركت لا تكتفي بتوسيع تغطيتها الجغرافية، بل تبني شراكات استراتيجية مع كيانات كبرى مثل كارفور وصيدليات الدواء، هذا النوع من التكامل العمودي يعزز سلاسة سلسلة التوريد ويخلق أنظمة توصيل أكثر مرونة وفاعلية.
من جهتها، أعلنت شركة ميتوان الصينية في سبتمبر 2024 عن دخولها السوق السعودي من خلال إطلاق منصة كيتا، مستهدفة الاستحواذ على 80٪ من سوق توصيل الطعام في المملكة بحلول 2025، مما يُعزز المنافسة ويدفع بالسوق نحو مزيد من الابتكار.
اقرأ أيضًا:
لتعزيز التجارة الإلكترونية، إطلاق الخطة الاستراتيجية للاقتصاد الرقمي 2025-2030
رؤية 2030.. الممكن الاقتصادي
رؤية 2030 ليست فقط إطارًا تنمويا، بل محركًا مباشرًا لنمو القطاع. استثمارات الدولة في الجيل الخامس، والمراكز اللوجستية، والتشريعات التنظيمية، مثل ما أعلنه المجلس السعودي للتجارة الإلكترونية في مارس 2024، خلقت بيئة استثمارية جاذبة تدفع نحو التحول الرقمي الكامل في التجارة والتوصيل.

خلاصة اقتصادية
سوق التوصيل خارج المنزل في السعودية هو اليوم سوق ناشئ، لكنه يحمل مؤشرات سوق ناضج في طور التشكل، معدل النمو المرتفع، وتعدد اللاعبين، وتكامل التكنولوجيا مع البنية التحتية، كلها عوامل تجعل هذا القطاع مرشحًا لأن يكون أحد أعمدة الاقتصاد السعودي غير النفطي خلال العقد القادم.
الفرص ضخمة، لكن المنافسة شرسة، خصوصًا مع دخول شركات دولية برؤوس أموال ضخمة، ومع استمرار الحكومة في فتح المجال أمام الاستثمار وتطوير البنية الرقمية، ستصبح المملكة منصة رئيسية لخدمات التوصيل الذكية في الشرق الأوسط.
Short Url
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م


أكثر الكلمات انتشاراً