في بلد الموضة والسيارات، الاقتصاد الإيطالي يحيا بالعائلات

الأربعاء، 11 يونيو 2025 06:51 م

إيطاليا

تحليل/ ميرنا البكري

إذا زرت ميلانو يومًا، ستشعر وكأنك دخلت متحفًا حيًا للرأسمالية العائلية. ليس الأمر سوقًا حرًا كما هو معتاد بل كل ما يحيط بك يحمل اسم عائلة ما من حقيبة "برادا" التي تحملها الفتاة بجانبك، إلى فنجان القهوة المُعد من ماكينة "بيزيرا"، وصولًا لـ سيارة "فيراري" التي تمر سريعًا في الشارع. كل ذلك في بلد يُعد من أكثر الاقتصادات تطورًا في أوروبا، لكنه لا يزال متمسكًا بأكثر أشكال الأعمال تقليدية: الشركات العائلية.

وهو ما يجعلنا نطرح سؤالًا هامًا، هل الرأسمالية العائلية هذه قوة أم نقطة ضعف؟ وهل بالفعل هناك "لعنة" تهدد الجيل الثالث؟ أم هناك سر إيطالي يخبىء نجاح كبير؟

ميلانو... قهوة وأناقة وجمال — **الأزياء في إيطاليا**

الرأسمالية العائلية في إيطاليا، حكاية من نوع آخر

في عالم أصبح به البورصة والـ"Private Equity" هما الملوك، إيطاليا تسير ضد التيار، والشركات الكبيرة مثل "فيراري"، "فيرّيرو"، "أرماني"، و"برادا" مازالوا تحت سيطرة العائلات. حتى سلاسل التوريد والمصانع الصغيرة التي تخدمهم كلها شركات عائلية واللافت؟ إنه ليس في الجنوب المحافظ فقط، بل في لومبارديا، قلب الصناعة والتكنولوجيا والابتكار في إيطاليا.

لعنة الجيل الثالث؟ أم تجديد الجينات؟

المشكلة المشهورة عالمياً في الشركات العائلية هي "لعنة الجيل الثالث"، الذي تقول إن الجيل الأول يبني، الثاني يدير، والثالث يضيع".

وأمثلة الفشل كثير، من عائلات فقدت السيطرة بسبب مشاكل داخلية، لورثة غير جاهزين للتحكم في زمام الأمور. لكن إيطاليا لديها قصص نجاح مذهلة، عائلة أنتينوري تنتج النبيذ منذ عام 1385، شركة بيريتا تصنع السلاح من سنة 1526، و"جوتشي" و"فيراري" يعملوا عالميًا بأفضل أداء.

التجربة الإيطالية، "بوكوني" تكشف المستور

جامعة بوكوني المرموقة أعدت دراسة قوية عبر "مرصد AUB"، على 23 ألف شركة حجمها كبير (تخطت 20 مليون يورو مبيعات). والنتيجة؟ أداء قوي للشركات العائلية، حتى أقوى من الشركات الأخرى في أغلب المؤشرات، وفي عز جائحة كورونا، الشركات العائلية ارتفعت بنسبة 36.1%، والشركات غير العائلية نمت بنسبة أقل 23.2% فقط، أي في الأزمة كان العيلة أكثر مرونة، أسرع في التحرك، وأكثر التزامًا بالبقاء.

عقلية جديدة، كيف غير التعليم والخبرة وجه الشركات العائلية؟

واحدة من أهم التحولات التي حدثت العائلات أصبحت تختار قادة من الجيل الجديد لديهم تعليم قوي وخبرة برة، وهناك 3 نتائج واضحة:

1.الأداء المالي تحسن بنسبة كبيرة.

2.مشاكل الانتقال بين الأجيال قلت.

3.التوازن بين الولاء العائلي والمهنية أصبح أقوى.

منها إيطاليا وسويسرا، 7 دول حول العالم ستدفع لك مقابل الهجرة إليها

التحديات ما زالت موجودة، ولكن ليس داخل الشركات

رغم كل هذا النجاح، إيطاليا مازالت لديها مشاكل في الإنتاجية مقارنة بباقي أوروبا، لكن التقارير تقول: إن المشكلة ليست من الشركات العائلية، بل من الحكومة والبيروقراطية، والقطاع العام منتفخ ومحمي، والجنوب يتأخر تنموياً مقارنة بالشمال، أي الشركات العائلية تحاول تطير لكن هناك سقف سياسي واقتصادي يكتم النفس.

توقعات

1. زيادة الاستعانة بخبرات من خارج العائلة، خاصةً في الإدارة المالية والتسويق العالمي.

2. دخول البورصة بطريقة جزئية (بيع حصص أقلية)، دون فقدان السيطرة.

3. تحسن في الابتكار والإنتاجية مع الجيل الثالث والرابع المتعلم.

4. نماذج مختلطة بين العائلة والمستثمرين الخارجيين، خاصةً في الشركات العالمية مثل برادا وفيراري.

5. محاولات من الحكومات لدعم النموذج العائلي باعتباره جزء من الهوية الإيطالية والتنافسية الاقتصادية.

ختامًا، الرأسمالية لا تسير في اتجاه واحد، ومن كان يقول إن المستقبل كله سيصبح شركات مساهمة وبورصة و"وول ستريت"، لابد أن يراجع نفسه، والشركات العائلية تقدم نموذج بديل قوي، كما إنها لديها صبر على الاستثمار الطويل، ومرونة وقت الأزمات، وقدرة على الحفاظ على العلاقات طويلة المدى مع الموردين والعملاء، وإمكانيات لتطوير داخلي ومستدام.

Short Url

أخبار متعلقة