من الانهيار إلى الازدهار، قراءة في أسباب صعود الروبل الروسي

الثلاثاء، 10 يونيو 2025 05:02 م

الروبل الروسي

تحليل/ ميرنا البكري

منذ بداية العام الجاري، ارتفع الروبل الروسي ارتفاعًا مفاجئًا أمام الدولار الأمريكي، بالرغم من العقوبات الغربية المشددة على الاقتصاد الروسي منذ بداية حرب أوكرانيا في 2022، وهذا التحول الكبير في قيمة العملة الروسية يطرح سؤالًا هامًا: ما هي العوامل التي أدت إلى هذا الأداء الاستثنائي؟ وهل سيستمر هذا الارتفاع أم أن الأسواق ستشهد عودة للتقلبات؟

روسيا: لا يوجد أي مفاوضات مع أوكرانيا — **روسيا**

أداء الروبل مقابل الدولار، مفاجأة السوق

سجل الروبل الروسي مكاسب قوية تخطت 42% أمام الدولار منذ بداية 2025، ليصبح بذلك من أفضل العملات على مستوى العالم. في منتصف مايو، وصل الروبل الروسي لـ أقوى مستوى له منذ عام 2023، حيث وصل إلى 80.22 مقابل الدولار في السوق المحلية. وكانت هناك توقعات سابقة بأن الروبل سيتراجع بشكل حاد، لكن الأداء الفعلي جاء مخالفًا تمامًا للتوقعات، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في بعض الجوانب الاقتصادية الروسية.

العوامل الرئيسية التي ساهمت في صعود الروبل

السياسة النقدية المتشددة

تعتبر واحدة من العوامل الأساسية التي دعمت الروبل هي السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الروسي. فثبات سعر الفائدة الأساسي عند 21% ساهم في كبح التضخم وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، حيث كانت هذه السياسة سببًا رئيسيًا في تقليل الطلب على العملات الأجنبية، وبالتالي توفير بيئة مناسبة لدعم العملة المحلية.

فرض قيود على حركة رؤوس الأموال

من ضمن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الروسية كان فرض قيود على حركة رؤوس الأموال، وهو ما ساعد في تقليل هروب رؤوس الأموال من البلاد، حيث ساهمت هذه الخطوة في استقرار الروبل بشكل كبير مقارنة بعملات الأسواق الناشئة الأخرى.

العلاقات الجيوسياسية وتحسن الثقة بالاقتصاد الروسي

ساعد تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن في رفع ثقة المستثمرين بالاقتصاد الروسي. كما إن التقارير تشير إلى أن هناك شعورًا إيجابيًا بشأن فرص إنهاء الصراع في أوكرانيا، وهو ما دعم الروبل بشكل غير مباشر.

تراجع الدولار

من العوامل الأخرى التي ساهمت في صعود الروبل هو تراجع الدولار الأمريكي في ظل تقلبات السياسات الاقتصادية، خاصة في ظل الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس الأمريكي ضد عدة دول، وتراجع الدولار يعكس مخاوف المستثمرين من استقرار الاقتصاد الأمريكي، مما أدى إلى مزيد من الطلب على الروبل كخيار بديل.

الروبل الروسي يصل لأعلى مستوى له أمام الدولار منذ أغسطس 2024

«كنز بوتين المخفي» الروبل يكتب فصلًا جديدًا في الاقتصاد العالمي

ارتفاع الروبل أمام الدولار مع ترقب اجتماع البنك المركزى الروسى - جريدة البورصة — **الروبل الروسي أمام الدولار الأمريكي**

الآثار الاقتصادية لصعود الروبل على روسيا

خفض تكلفة الواردات وزيادة الاستثمارات

يعتبر ارتفاع قيمة الروبل مؤشر على إن روسيا ستتمكن من خفض تكلفة وارداتها، وهو ما يساهم في تقليل التضخم المحلي. هذا الأمر من الممكن أن يكون له تأثير إيجابي في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن عوائد مرتفعة، وبالتالي يساعد في دفع عجلة النمو الاقتصادي الروسي.

مخاطر على الصادرات الروسية

هناك جانبًا آخر قد يكون له تأثير سلبي، وهو إن صعود الروبل قد يساهم في تقليل تنافسية الصادرات الروسية، خاصة النفط، في الأسواق العالمية، ومع تراجع أسعار النفط وارتفاع قيمة الروبل، قد تواجه روسيا صعوبة في تحفيز الطلب على صادراتها، وهو أمر حاسم بالنسبة للاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز.

توقعات مستقبلية لصعود الروبل

رغم الأداء الجيد للروبل، إلا أن هناك توقعات مستقبلية تشير إلى أن هناك عدة عوامل تحد من استمراره. حيث يُتوقع أن يتراوح سعر الروبل هذا العام حول 98.5 مقابل الدولار وفقًا لتوقعات "بنك روسيا". ويفترض البعض أن هناك احتمالًا لاستمرار العوامل الإيجابية على المدى القصير، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة الذي يدعم الروبل.

ومع ذلك، يظل هناك قلق من أن أي تغيرات في السياسات الدولية، خاصة إذا تغيرت العلاقات الجيوسياسية أو تراجعت أسعار النفط بشكل أكبر، قد يؤدي إلى تراجع الروبل مرة أخرى.

ورغم المكاسب التي حققها الروبل، إلا أن الحكومة الروسية تواجه تحديات عدة بسبب صعوده المفاجئ. فمثلًا، تم بناء موازنة روسيا لعام 2025 على فرضية إن الروبل سيتداول عند 96.5 مقابل الدولار، في حين أن ارتفاع العملة الحالية يضع الحكومة في موقف صعب من حيث تحقيق الإيرادات المستهدفة.

ختامًا، يمكننا القول إن صعود الروبل الروسي في بداية 2025 جاء مفاجئًا للكثيرين. ورغم أن هذا الارتفاع قد يساهم في استقرار الاقتصاد الروسي على المدى القصير، إلا أن التحديات التي يواجهها مثل انخفاض أسعار النفط والتقلبات السياسية قد تؤثر على استدامة هذا الصعود. في النهاية، سيظل الروبل تحت ضغط العوامل الدولية والمحلية التي ستحدد مصيره في الفترة القادمة.

Short Url

أخبار متعلقة