هل تشهد الولايات المتحدة الأمريكية نهاية طفرة النفط الصخري؟
الثلاثاء، 10 يونيو 2025 08:04 م

النفط الصخري
على مدار العقد الماضي، لم يكن في الأفق ما يهدد سطوة الولايات المتحدة في سوق الطاقة العالمي بفضل الطفرة غير المسبوقة في إنتاج النفط الصخري.

لكن مشهد الطاقة الأمريكي، الذي طالما اتسم بالصعود والهيمنة، بات اليوم على مفترق طرق، وسط تحديات متراكمة تهدد بإغلاق أحد أهم فصول الثورة الطاقوية الأميركية.
بين الحلم الأمريكي والواقع الاقتصادي
تحولت أمريكا من أكبر مستورد للطاقة إلى دولة مكتفية بل ومصدرة، مدفوعة بثورة الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، لكن هذه الطفرة، التي غذت طموحات الهيمنة الطاقية الأمريكية، تواجه الآن رياحًا معاكسة، أسعار نفط منخفضة، رسوم جمركية مرتفعة، وفوائض في المعروض تقودها دول أوبك+ بسياسات لا تخفي تنافسيتها.
في هذا السياق، تتجه شركات النفط الصخري الأمريكية إلى خفض إنفاقها، وتعطيل منصات الحفر، وسط بيئة تشغيلية تُصنف اليوم بأنها الأصعب منذ عقد.
اقرأ أيضًا:
صعود ثم هبوط؟ مستقبل غامض لقطاع النفط الصخري رغم آمال ترامب
ارتفاع مفاجئ في مخزونات النفط الأمريكية، تفاصيل
أسعار لا تغطي التكاليف
يبدو المشهد أكثر تعقيدًا حين نضع الأرقام على الطاولة، سعر النفط الأمريكي (خام غرب تكساس) استقر مؤخرًا عند نحو 61.5 دولارًا للبرميل، بينما تحتاج الشركات لتحقيق نقطة التعادل إلى 65 دولارًا على الأقل، بحسب مسح بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.
بل إن بعض التقديرات تذهب إلى أن تكلفة إنتاج البرميل في بعض الحقول الصخرية تتراوح بين 70 و75 دولارًا، ما يجعل الكثير من المشاريع خاسرة من الأساس.
النتيجة؟ خفض في ميزانيات الإنفاق الرأسمالي بنحو 1.8 مليار دولار لدى أكبر 20 شركة منتجة باستثناء عمالقة مثل إكسون موبيل، وتسريحات واسعة في العمالة، وتحذيرات صريحة من دخول القطاع في مرحلة ركود طويل الأمد.

أوبك+ ومخاوف حرب أسعار
على الضفة الأخرى من المحيط، تتحرك أوبك+ بخطى محسوبة لزيادة الإنتاج تدريجيًا بعد سنوات من التخفيضات الطوعية، هذه الخطوة، وإن بدت تهدف لاستعادة الحصة السوقية، فإنها تضغط على أسعار النفط، وتضع النفط الصخري الأمريكي في مأزق حقيقي، وكأن السوق العالمية تُعيد تشكيل قوانينها، ولكن دون أن يكون للمنتجين الأميركيين هامش مناورة كافي.
إن أميركا قد تكون بلغت ذروة إنتاج النفط الصخري في عام 2023، ومنذ ذلك الحين يتجه المنحنى نحو الهبوط، وسط فجوة متزايدة بين الإنتاج المحلي واحتياجات السوق، ما قد يرفع من حجم الواردات النفطية الأمريكية إلى 10 ملايين برميل يوميًا في غضون خمس سنوات، ويُعيد أمريكا إلى مربع الاعتماد على الخارج.
اقرأ أيضًا:
بعد ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية، تعرف على أحدث مستجدات أسعار البترول
إنتاج النفط الأمريكي يرتفع 270 ألف برميل يوميًا في عام 2024
فواتير ترامب السياسية
ولا يمكن الحديث عن مستقبل النفط الصخري دون التطرق إلى تأثير السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان قد وعد بهيمنة أمريكية في قطاع الطاقة، إلا أن سياساته تسببت في ارتباك حقيقي في السوق.
فبين الضغوط على الشركات لزيادة الإنتاج، وفرض تعريفات جمركية على المواد الأساسية للحفر، وغياب الحوافز طويلة الأمد، تقف الشركات في حالة من الترقب والجمود، لا التخطيط والتوسع.
نهاية الطفرة أم بداية إعادة التشكيل؟
إن الطفرة الصخرية فقدت بريقها في ظل تناقضات الواقع الميداني والسياسات الشعبوية، فبينما ترتفع معدلات النضوب في الحقول الصخرية، وتزيد تكاليف التمويل، وتشتد الضغوط على هامش الربح، لم يعد الحفر مغامرة مجدية، لا سيما لصغار المنتجين الذين قد يتوقفون عن العمل تمامًا قريبًا.
لكن هذا لا يعني نهاية أكيدة للصناعة، بل ربما بداية لمرحلة جديدة من إعادة التقييم وإعادة التموقع، فقدرة الشركات الكبرى مثل إكسون وشيفرون على التكيف لا تزال قائمة، وإن كانت لا تعني عودة سريعة لزمن الوفرة.

مرحلة حرجة تستدعي قرارات جريئة
النفط الصخري الأمريكي يقف اليوم على عتبة تحول مصيري، إن استمرت الأسعار دون المستويات المحفزة، وتواصلت الضغوط التنظيمية والاقتصادية، فقد يشهد القطاع انكماشًا طويل الأمد يعيد رسم خارطة الطاقة في أمريكا والعالم.
أما إذا تحركت الإدارة الأمريكية بخطط دعم وتحفيز حقيقية، فقد يكون بالإمكان استعادة الزخم ولكن بثمنٍ اقتصادي وسياسي باهظ.
في كل الأحوال، يبدو أن زمن النمو السهل قد ولى، والسنوات المقبلة ستفصل بين من يستطيع الصمود في سباق الطاقة الجديد، ومن سيتراجع أمام واقع لم يعد يقبل الأحلام غير المدروسة.
Short Url
التغليف الأخضر 2025، كيف تعيد العلامات التجارية الأوروبية صياغة معايير الاستدامة؟
11 يونيو 2025 07:31 م
أيونات الصوديوم تحت المجهر، هل تطيح بالليثيوم من عرش السيارات الكهربائية؟
09 يونيو 2025 11:42 م
كيف تفوقت "أمواج العُمانية" على ديور وكريد؟ عطر بنكهة التراث
09 يونيو 2025 10:40 ص


أكثر الكلمات انتشاراً