الأثرياء يبحثون عمّن يدير ثرواتهم، لماذا يفر الشباب من الوظيفة الذهبية؟
الثلاثاء، 17 يونيو 2025 10:01 ص

أثرياء العالم
رغم أن إدارة ثروات الأثرياء تُعد من الوظائف الأعلى أجرًا والأكثر تأثيرًا في عالم المال، فإنها تواجه اليوم أزمة نادرة، وفرة في الطلب ونقص حاد في المعروض.

ففي الوقت الذي تجاوز فيه عدد المليونيرات حول العالم 70 مليون شخص في عام 2025، تتعاظم الحاجة إلى مستشاري الثروات، إلا أن هذه الحاجة تصطدم بجدار صلب من العزوف المهني.
فوفقًا لتقرير صادر عن شركة ماكينزي، من المتوقع أن يشهد العالم عجزًا يقارب 100 ألف مستشار ثروات بحلول عام 2034.
ورغم الجاذبية المالية لهذه المهنة، التي قد تصل رواتبها إلى 190 ألف دولار سنويًا، فإن الطوابير لا تصطف أمام أبواب مكاتب العائلات، بل على العكس، يعاني أصحاب الثروات من صعوبة متزايدة في العثور على الأشخاص المناسبين لإدارة أموالهم.
اقرأ أيضًا:
ثروات المليارديرات الروس تحلّق رغم العقوبات، من يربح في صمت؟
10 أشياء يفعلها الأثرياء تساعدهم على بناء ثروتهم
مهنة تحت المجهر بين بريق الثروة وظلال الضغط
لا تقتصر وظيفة مستشار الثروات على تقديم المشورة الاستثمارية، بل تتشابك فيها مسؤوليات معقدة تشمل التخطيط الضريبي، وإدارة الميراث، والمحافظة على الخصوصية، والالتزام بمبادئ الحوكمة والاستدامة.
ومع هذا التعقيد، تبدأ المفارقة، فالشباب لا يرون في هذه الوظيفة مسارًا مهنيًا، بل وظيفة تقاعد بطيئة التطور، غامضة الملامح، ومثقلة بالمسؤوليات النفسية والضغوط اليومية.
رغم الراتب الجذاب، إلا أن الضغط النفسي، وغياب البنية المؤسسية، وانعدام الأمان الوظيفي، يجعل منها وظيفة غير مغرية لشباب اليوم، الذين يبحثون عن بيئة عمل واضحة، وفرص ترقية ملموسة، وليس وظيفة تتطلب أن تكون خبيرًا في كل شيء ومتوفرًا على مدار الساعة.

الثقة فوق الكفاءة ومن ليس من أهل البيت لا يدخل
تُعتبر الثقة الكلمة المفتاحية في اختيار مستشاري الثروات، خصوصًا في مكاتب العائلات، التي تدير أصولاً تتجاوز في بعض الأحيان 500 مليون دولار.
وهنا تبرز معضلة أخرى، الفرص لا تُمنح للأجدر، بل للأقرب والأكثر موثوقية من وجهة نظر أصحاب الأموال، حتى وإن كانوا يفتقرون للمؤهلات التقنية.
إن هذه المقاربة تُقصي الكثير من الكفاءات القادرة، وأن العالم يُنتج أثرياء بمعدل غير مسبوق، لكنه لا يُنتج مستشارين بمواصفات خاصة، والأدهى أن من لا يمتلك علاقات اجتماعية أو ينتمي إلى شبكة النخبة، سيجد أبواب هذا المجال موصدة في وجهه.
اقرأ أيضًا:
6 سيدات يتربعن على قائمة الأغنى في العالم، إحداهن من الشرق الوسط
كل 45 دقيقة يغادرها مليونير، الأثرياء يهربون من بريطانيا، ما القصة؟
التعليم لا يواكب والمكاتب لا تُدرب
وبينما تتجه بعض الجامعات في أوروبا والولايات المتحدة لطرح برامج دراسات متخصصة في إدارة الثروات، فإن هذه البرامج لا تزال نادرة، في وقت يتطلب فيه السوق إعداد مهنيين قادرين على الدمج بين المعرفة الضريبية، والاستثمار المستدام، والحوكمة المالية، في بيئة شديدة الحساسية.
في المقابل، لم تبذل مكاتب العائلات جهدًا يُذكر لتأهيل جيل جديد من المستشارين، وبدلاً من ذلك، تميل إلى توظيف أفراد من الدائرة الضيقة للعائلة أو المعارف، ما يعزز الصورة النمطية لهذه المهنة بوصفها نادي مغلق لا يُرحب بالغرباء.

وظيفة النخبة لا للجميع
بين الضغط النفسي، والطلب على الولاء التام، وغياب المسارات المهنية الواضحة، وتغليب الثقة على الكفاءة، يجد الكثير من المهنيين أنفسهم خارج اللعبة.
وبالتالي، يظل الأثرياء في سباق مستمر لاختيار من يمكنه حمل مسؤولية أموالهم دون أن يخذلهم، لكنهم قلما يجدون من يملك المهارات.. ويرغب أصلاً في خوض هذه المغامرة.
في نهاية المطاف، يبدو أن العالم لا يواجه فقط فجوة في عدد المستشارين الماليين، بل فجوة أعمق تتعلق بالثقافة المهنية، والتعليم المالي، وبنية الثقة داخل الأسواق الثرية، وإلى أن تُردم هذه الفجوات، سيبقى الأثرياء في حيرة، يملكون المال ولا يملكون من يديره بثقة وكفاءة.
Short Url
الذكاء الاصطناعي، سلاح فتاك في حروب الإعلام والتضليل الاقتصادي
17 يونيو 2025 01:37 م
المهارة أهم من الخبرة، «GenAI» يعيد تشكيل سوق العمل
16 يونيو 2025 04:21 م
حروب الدرونز، الطائرات بدون طيار تقلب الموازين العسكرية في العالم
16 يونيو 2025 02:52 م


أكثر الكلمات انتشاراً