الأحد، 08 يونيو 2025

11:30 م

بين التحديات والفرص، دور القطاع الخاص في نهضة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الأحد، 08 يونيو 2025 06:06 م

القطاع الخاص

القطاع الخاص

تحليل/ كريم قنديل

رغم الإمكانات الهائلة التي تزخر بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تزال الفجوة شاسعة بينها وبين الاقتصادات الرائدة عالميًا من حيث مستويات المعيشة والإنتاجية، ويبدو أن هذه الأزمة لن تُعالج إلا من خلال تفعيل الدور الحقيقي للقطاع الخاص الذي يعاني اليوم من الجمود والتجزئة.

رئيس البنك الدولي: مصير تمويل
البنك الدولي

تشير تقارير حديثة نابعة من البنك الدولي، إلى أن ما بين ثلث ونصف الفجوة في مستويات المعيشة مع الدول المتقدمة يعود إلى تدني الإنتاجية، وهي معضلة تقبع في قلب التحدي الاقتصادي الذي تواجهه دول المنطقة.

والمفارقة أن القطاع الخاص، رغم كونه محركًا رئيسيًا للنمو، لا يزال عاجزًا عن لعب هذا الدور لافتقاره إلى الديناميكية والاستثمار في رأس المال البشري والمادي على حد سواء.

القطاع الرسمي تحت المجهر

يبدو أن القطاع الخاص الرسمي في المنطقة يعيش حالة من الركود المزمن، فالشركات، حتى تلك العاملة ضمن الأطر القانونية والرسمية، تستثمر بشكل محدود في تدريب العاملين، كما أن الابتكار شبه غائب مقارنةً بنظرائها في دول ذات مستوى دخل مشابه. 

وهذا الخمول لا يُفسر فقط بضعف بيئة الأعمال، بل أيضًا بالاعتماد المفرط على الحماية والدعم الحكومي الذي قلص الحوافز التنافسية.

اقرأ أيضًا:

بدعم من قطر والسعودية، البنك الدولي يعلن تسوية متأخرات سوريا

البنك الدولي: انتعاش الاقتصاد المصري بدعم من القطاع الخاص وتراجع التضخم

تجزؤ واسع واقتصاد غير رسمي متضخم

الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو، فالسوق منقسمة بين قطاع رسمي محدود التأثير، واقتصاد غير رسمي واسع الانتشار يعمل خارج المنظومة التنظيمية والضريبية. 

أما مشاركة المرأة في القطاع الخاص، فهي لا تزال ضئيلة إلى حد يثير القلق، إذ لا تتجاوز نسبة الشركات التي تتقلد فيها النساء مناصب إدارية عليا 5.7%، رغم أن هذه الشركات أظهرت ميلًا أوضح لتوظيف النساء مقارنة بتلك التي يُهيمن عليها الرجال.

الرئيس السيسي يركز على دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي - بريق خليجي -  Bariq Khaliji
القطاع الخاص

تحديات مضاعفة في ظل الأزمات والصراعات

الهشاشة الهيكلية للقطاع الخاص تجعل استجابته للأزمات أقل فاعلية، فالصراعات التي تعصف بالمنطقة لا تُلقي بظلالها على الاستقرار السياسي فقط، بل تضرب صميم الاقتصاد وتدفع آلاف الشركات إلى حافة الإغلاق أو الإفلاس. 

وفي ظل هذه الظروف، تعتمد الشركات الصامدة على إجراءات تقشفية لضمان بقائها، غير أن فاعلية هذه الإجراءات ترتبط بقوة أنظمة الحوكمة والإدارة في كل بلد.

اقرأ أيضًا:

تراجع نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر للشهر الثاني على التوالي لـ 48.5 %

صندوق النقد: الاعتماد على القطاع الخاص يضمن نمو الاقتصاد المصري

دور الدولة بين التدخل والتحول

التحدي الأكبر الآن هو كيفية إعادة تعريف دور الدولة في دعم القطاع الخاص، لا عبر الدعم المباشر، بل عبر تمكينه من التنافس بحرية وشفافية. 

ويتطلب ذلك إصلاحات جذرية تشمل فتح الأسواق، وتسهيل الدخول والخروج منها، وتحسين بيئة الأعمال، وتقليص تدخل الدولة من خلال الشركات المملوكة لها، مع توفير بيانات شفافة وشاملة تُساعد صانعي القرار والمستثمرين على فهم المشهد بدقة.

ريادة الأعمال Entrepreneurship
ريادة الأعمال

بناء القدرات من الإدارة إلى ريادة الأعمال

التحول لا يكتمل دون استثمار جاد في رأس المال البشري، إذ على الشركات تعزيز ممارساتها الإدارية، والتوسع في اجتذاب الكفاءات، وخاصة النساء، في المناصب القيادية. 

فبناء اقتصاد إنتاجي لا يتطلب فقط تحسين الأداء داخل الشركات القائمة، بل يتطلب أيضًا خلق مناخ مشجع لريادة الأعمال ودخول شركات جديدة تساهم في زيادة التنافسية والابتكار.

خلاصة القول

القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقف على مفترق طرق، فإما أن تواصل الحكومات التعامل معه ككائن هش يحتاج إلى الحماية، أو أن تعيد تشكيل البيئة الحاضنة له ليصبح محركًا حقيقيًا للنمو، يبتكر، ويخلق الوظائف، ويقود قاطرة التنمية.

Short Url

search