الأحد، 25 مايو 2025

09:14 م

من حماية البيئة لـ الغاز، الاقتصاد يكسب والمناخ يخسر

الأحد، 25 مايو 2025 12:12 م

أمريكا

أمريكا

تحليل/ ميرنا البكري

في مفاجأة ليست بسيطة، كشفت صحيفة نيويورك تايمز إن وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) تجهز خطة لإلغاء كل القيود على انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات الفحم والغاز، هذا الكلام ليس مجرد تعديل إداري، بل تغيير جذري في نظرة أمريكا لأزمة المناخ، ومن الممكن أن يقلب المعادلة البيئية والاقتصادية رأسًا على عقب.

فهل فعلاً أمريكا ترى إن الانبعاثات ليس لها تأثير خطير؟ أم ذلك تمهيد لـ مصالح اقتصادية وسياسية أكبر؟ سنوضح ذلك في هذا التحليل.

تأثير السياسات الجديدة لـ
دونالد ترامب

من "حماية البيئة" إلى “حماية المصالح”

الوكالة التي من المفترض إن وظيفتها الأساسية حماية الهواء والماء والبيئة، تقول فجأة إن ثاني أكسيد الكربون والغازات المسببة للاحتباس الحراري " لن يساهموا بشكل كبير في التلوث الخطير". وذلك ضد كل ما أكدته الأمم المتحدة والعلماء لعقود.

هذا التصريح يكشف إن الوكالة تتحول من جهاز رقابي لجهاز ترويجي يدعم مصالح شركات الطاقة الأحفورية، خاصة في ظل إدارة ترامب التي تتماشى بخط واضح: “اقتصاد الطاقة أولًا”

اقرأ أيضًا: ترامب والفحم والذكاء الاصطناعي، عندما يتقاطع الماضي الصناعي مع مستقبل التكنولوجيا

اقتصاد الوقود الأحفوري، المكسب اليوم والخسارة بكرة

في المدى القصير، هذه الخطوة ستكون بمثابة هدية ذهبية لشركات الفحم والغاز الطبيعي:

1.تكلفة أقل للتشغيل: من غير قيود، الشركات هتوفر في نظم التنقية ومعايير الانبعاثات.

2.استثمارات أكثر: المستثمرين اللي كانوا قلقانين من التشريعات البيئية، هيبقوا مرتاحين.

3.توسع أسرع: مشروعات الطاقة التقليدية تزداد، وهذا معناه وظائف جديدة مؤقتًا.

لكن على المدى البعيد، التكلفة البيئية ستصبح كارثية، وهو ما يُترجم اقتصاديًا لـ :

1.زيادة الإنفاق الصحي بسبب تلوث الهواء.

2.خسائر في الإنتاج الزراعي نتيجة تغير المناخ.

3.ارتفاع الكوارث الطبيعية التي تكلف الحكومة مليارات سنويًا في التعويضات والبنية التحتية.

4.ضغط عالمي على الاقتصاد الأمريكي إذا استمرت سياسات التراجع عن التزامات المناخ.

 أمريكا تنسحب من سباق الطاقة النظيفة

بينما الصين، والاتحاد الأوروبي، والهند يستثمروا بقوة في الطاقة المتجددة، أمريكا تقوم  بالعكس. مما يطرح سؤال مهم:هل ذلك معناه إن أمريكا قررت الخروج من سباق الطاقة الخضراء وتراهن على البترول والفحم؟ إذا حدث ذلك بالفعل، سيكون هناك تبعات خطيرة على المدى المتوسط، وفقدان الريادة التكنولوجية في مجالات الطاقة المتجددة، وأيضًا تراجع التنافسية في الأسواق الدولية، وخروج الاستثمارات الأجنبية التي أصبحت تشترط معايير استدامة.

مناخ الاستثمار تحت التهديد

الأسواق العالمية الآن أصبحت أكثر حساسية تجاه السياسات البيئية. المستثمرين الكبار (مثل صناديق التقاعد وشركات ESG) يركزوا على الاستدامة.

فإذا أصبحت أمريكا أقل التزامًا بيئيًا، قد يخوف المستثمرين، ويؤثر على تصنيف الشركات، وعلى ثقة السوق في الاقتصاد الأمريكي نفسه.

توقعات الفترة المقبلة، صدام داخلي وخارجي

محليًا: سيحدث صدام بين الولايات التي لديها قوانين بيئية قوية (مثل كاليفورنيا) والإدارة الفيدرالية.

عالميًا: أمريكا قد تواجه عزلة دبلوماسية في مفاوضات المناخ، ومقاطعات تجارية غير مباشرة.

شعبيًا: الرأي العام الأمريكي، خاصة الجيل الجديد، لن يتخطى هذه الخطوة. بل هناك حركات ضغط قوية ستبدأ في الكونجرس والمحاكم.

ختامًا، الخطوة التي تخطط لها وكالة حماية البيئة ليس قرار فني فقط، بل رسالة للعالم إن أمريكا اختارت العودة لزمن الوقود الأحفوري، وتضغط على الفرامل في سباق المناخ. لكن هذه الرسالة قد تكلف الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل، وتضر بصورته كقائد عالمي.

Short Url

search