السبت، 24 مايو 2025

06:10 م

4 تريليون جنيه خارج السيطرة، الاقتصاد غير الرسمي يتحدّى الدولة

السبت، 24 مايو 2025 02:55 م

تواجه العديد من الدول مشكلة في كبر حجم الاقتصاد غير الرسمي، حيث يشمل الاقتصاد غير الرسمي الأنشطة الاقتصادية التي لاتخضع للضرائب أو الرقابة الحكومية، والتي لا تخضع ضمن الناتج الإجمالي للدولة، سواء المحلي أو القومي، ولا يدخل في الإحصاءات الرسمية للدول، وهذا يكون من الأشطة غير القانونية.

صعوبة التخطيط الفعّال للسياسات المالية والاجتماعية

قال الدكتور علي الادريسي، أستاذ الاقتصاد الدولى و عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، في تصريحات خاصة لموقع “إيجي إن”، إن التقديرات تشير إلى أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر يبلغ نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقارير وزارة المالية والبنك الدولي، بينما ترى تقديرات أخرى أنه قد يصل إلى 50%. 

وأشار إلى أن هذا يعني أن هناك ما يقرب من 3 إلى 4 تريليون جنيه مصري يتم تداولها سنويًا خارج نطاق الدولة، مما يضيع على الحكومة موارد ضريبية ضخمة، ويؤثر على دقة البيانات الاقتصادية، ويزيد من صعوبة التخطيط الفعّال للسياسات المالية والاجتماعية.

الاقتصاد غير الرسمي

أسباب التوسع في الاقتصاد غير الرسمي

وأضاف الادريسي: مصر تعاني من تعقيدات بيروقراطية كبيرة في تسجيل الأنشطة الاقتصادية، إذ تتطلب الإجراءات وقتًا طويلاً وتكاليف مرتفعة مقارنة بالعائد المتوقع، خاصة في ظل ضعف الدعم المقدم لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.


وأشار إلى أن عبء الضرائب والتأمينات يعد من الأسباب الرئيسية لنفور كثير من العاملين من الدخول تحت مظلة الاقتصاد الرسمي، مضيفًا بأن هناك شعور شائع أن الانضمام للمنظومة الرسمية سيؤدي إلى تحمل أعباء مالية غير متناسبة مع الدخل الحقيقي.

كما أضاف، أن ضعف الوعي القانوني والمالي لدى قطاع واسع من المواطنين، لا سيما في المناطق الريفية والعشوائية، يؤدي إلى تفضيل العمل في القطاع غير الرسمي، دون إدراك لما يفقدونه من حماية قانونية وتأمينية، أو فرص تمويل وتوسع مستقبلية.

كما أن نقص فرص العمل الرسمية يدفع شرائح واسعة من الشباب والنساء إلى العمل في أنشطة غير منظمة، سواء من المنزل أو في أسواق غير رسمية، لتوفير مصدر دخل في ظل ارتفاع معدلات البطالة.

الاقتصاد غير الرسمي

هل يمكن الحد من الاقتصاد غير الرسمي؟ ودور التحول الرقمي

رغم صعوبة دمج الاقتصاد غير الرسمي بالكامل، فإن التحول الرقمي يفتح آفاقًا واعدة في هذا المجال، واستخدام أدوات التكنولوجيا المالية (FinTech)، والمحافظ الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، يمكن أن يسهم بشكل فعال في:

  • ضم عدد أكبر من الأفراد إلى النظام المالي الرسمي، من خلال تسهيل فتح الحسابات البنكية، والدفع الإلكتروني، دون الحاجة لوجود مقرات أو أوراق معقدة.
  • تبسيط الإجراءات الضريبية باستخدام المنصات الإلكترونية، وتقديم حوافز ضريبية مؤقتة للمشروعات الصغيرة الراغبة في التسجيل.
  • ربط قواعد البيانات بين الجهات الحكومية المختلفة، ما يساهم في رصد النشاطات الاقتصادية غير المعلنة.
  • تعزيز ثقافة الشمول المالي عبر حملات توعية ودعم تقني للمشروعات الصغيرة.

وقد بدأت مصر بالفعل تطبيق بعض هذه الأدوات من خلال منصة “ميكنة الفاتورة الإلكترونية”، ومنظومة “الإيصال الإلكتروني”، وحملات لضم القطاع غير الرسمي إلى مبادرة الشمول المالي.

دول نجحت في تقليص الاقتصاد غير الرسمي.. ماذا نتعلم؟

وأضاف الادريسي خلال تصريحه لـ “إيجي إن” أن هناك تجارب دولية ناجحة يمكن لمصر الاستفادة منها، أبرزها:

  • البرازيل: حيث نجحت في خفض حجم الاقتصاد غير الرسمي من 42% إلى أقل من 30% خلال عقد، عبر إدخال نظام ضريبي مبسط للمشروعات الصغيرة يُعرف بـ “Simples Nacional”، وهو نظام يقدم تخفيضات ضريبية مقابل التسجيل.
  • تركيا: طبقت نظام تسجيل إلكتروني مرن، وقدمت إعفاءات ضريبية مؤقتة، ووفرت قروضًا ميسرة للمسجلين حديثًا.
  • والهند: أطلقت حملة وطنية كبيرة تحت شعار “Digital India”، وفّرت من خلالها أدوات دفع إلكتروني منخفضة التكلفة، وأدخلت الملايين إلى النظام المالي.
     

اقرأ ايضًا:

من الاستيراد إلى التصنيع، كيف يتم استثمار النقد الأجنبي لخدمة الاقتصاد المصري؟

تفاصيل لائحة قانون تنمية المشروعات ورسوم الترخيص المؤقت للاقتصاد غير الرسمي

تشجع دمج الاقتصاد غير الرسمي.. الضرائب تشرح تفاصيل حزمة التسهيلات الضريبية

Short Url

showcase
showcase
search