السبت، 24 مايو 2025

09:23 م

من السخنة إلى بورسعيد.. 37.5% من موانئ مصر تحت الشراكة الإماراتية

السبت، 24 مايو 2025 12:46 م

الموانئ البحرية

الموانئ البحرية

تحليل/ كريم قنديل

في خطوة جديدة تؤكد عمق الشراكة بين مصر ودولة الإمارات، أعلنت الحكومة المصرية مطلع مايو الجاري عن توقيع اتفاق مع موانئ دبي العالمية لتطوير وتشغيل مناطق داخل النطاق الحيوي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بنظام حق انتفاع يمتد لـ50 عامًا قابلة للتجديد، مقابل حصول الجانب الإماراتي على 15% من الإيرادات.

Picture background
الموانئ البحرية

الاتفاق الذي يأتي ضمن رؤية توسيع الشراكات الاستراتيجية مع دول الخليج، يعكس توجهًا مصريًا مدروسًا نحو الاستفادة من الخبرات العالمية في تطوير البنية التحتية اللوجستية وتعزيز القدرة التنافسية للموانئ المصرية، وتحويلها إلى بوابة إقليمية تربط بين آسيا، وأفريقيا، وأوروبا.

الإمارات شريك لوجستي ذو خبرة عالمية

تعد موانئ دبي العالمية من أبرز الشركات المتخصصة في إدارة الموانئ على مستوى العالم، حيث تمتلك وتدير أكثر من 80 محطة بحرية وبرية في 40 دولة، واستثمارها المستمر في مصر لا يُعد غريبًا، بل يعكس ثقة طويلة الأمد في البيئة الاقتصادية المصرية.

المشروع الجديد في محور قناة السويس ليس الأول، فقد سبقه استثمار استراتيجي في ميناء العين السخنة، حيث تدير الشركة الإماراتية محطة الحاويات منذ سنوات، وتمتلك 90% من حقوق الامتياز، ما جعلها أحد أنجح المشروعات المشتركة بين الجانبين. 

كما توسعت الإمارات مؤخرًا في تطوير مرافق في سفاجا والغردقة وشرم الشيخ، وموانئ الأدبية وشرق بورسعيد، مما يجعلها لاعبًا محوريًا في دعم طموحات مصر لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا.

الموانئ 

من الاستثمار إلى التكامل

لا تقف أهمية الاستثمارات الإماراتية عند حدود تطوير الموانئ، بل تمتد إلى إنشاء مناطق صناعية ولوجستية متكاملة تفتح آفاقًا واسعة أمام التصنيع والتصدير، وتخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة. 

فالاتفاق الأخير يشمل تطوير مناطق داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يعزز من فرص التكامل بين البنية التحتية والخدمات اللوجستية، ويدعم استراتيجية مصر الوطنية لزيادة الصادرات وتعميق التصنيع المحلي.

كما أن الشراكات الإماراتية تمثل عنصرًا مهمًا في تنويع مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر FDI، في وقت يحتاج فيه الاقتصاد المصري إلى تدفقات رأسمالية طويلة الأجل تساهم في تعزيز الاستقرار.

اقرأ أيضًا:

«موانئ دبي العالمية» تنفذ مشروع محطة حاويات بسعة 2.19 مليون حاوية في الهند

دي بي ورلد السخنة تستقبل أول سفينة تابعة للخط الصيني CULines

الشراكة لا التبعية

رغم بعض الأصوات التي تطرح تساؤلات حول الدور الإماراتي في موانئ مصر، فإن الواقع يشير إلى أن القاهرة تحتفظ بسيادتها الكاملة على أصولها، بينما تفتح الباب أمام شراكات تحقق المنفعة المتبادلة. 

العقود التي تبرم بنظام حق الانتفاع تضمن بقاء الملكية كاملة للدولة المصرية، وتضع إطارًا قانونيًا واضحًا يحقق الشفافية ويعزز الرقابة الحكومية.

بل إن وجود شركات كبرى مثل موانئ دبي يساعد مصر على اكتساب الخبرات الفنية والإدارية في إدارة الموانئ الحديثة، ويدعم استراتيجيتها في التحول إلى مركز إقليمي للنقل البحري وسلاسل الإمداد.

اقتصادية قناة السويس».. رهان رابح للصادرات الصينية نحو أوروبا وأفريقيا
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس

بُعد إقليمي ومنافسة لصالح مصر

قد يرى البعض في توسع موانئ دبي داخل قناة السويس تناقضًا مع مصالح ميناء جبل علي، لكن الواقع الاقتصادي الحديث يبرهن على أن التكامل الإقليمي أفضل من المنافسة الصفرية. 

فالإمارات تعي جيدًا أهمية قناة السويس في التجارة الدولية، وتدرك أن مشاركتها في تطوير هذه المنطقة تعزز من دورها كمحور عالمي للخدمات اللوجستية.

كما أن وجود الإمارات داخل مصر، القريبة من أوروبا وأفريقيا، يمنح المستثمرين الخليجيين بوابة جديدة للتوسع في الأسواق الإقليمية والدولية، ما يعزز جاذبية مصر كوجهة للاستثمار الأجنبي.

اقرأ أيضًا:

ميناء سفاجا الكبير حلم أصبح واقع، إنشاء محطة متعددة الأغراض على البحر الأحمر "فيديو"

مصر تتوسع في إنشاء المناطق الحرة لتعزيز التنافسية وتسهيل حركة التجارة الدولية

قناة السويس ليست وحدها في الصورة

التحركات الإماراتية الأخيرة يجب قراءتها ضمن مشروع مصري واسع النطاق لإعادة رسم خريطة الموانئ المصرية، وجعلها نقاط اتصال محورية في حركة التجارة الدولية. 

من موانئ البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، ومن الموانئ البحرية إلى الجافة، تتبلور رؤية مصرية طموحة قائمة على الشراكة، ونقل التكنولوجيا، وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي.

الرسالة واضحة، مصر لا تفرط في أصولها، بل توظفها بحكمة، وتفتح أبوابها لشركاء استراتيجيين يدعمون التنمية والاستقرار.

Short Url

showcase
showcase
search