السبت، 24 مايو 2025

04:00 م

مصر تفاوض كبار موردي الطاقة لتأمين إمدادات الغاز حتى 2028

السبت، 24 مايو 2025 12:55 م

الغاز الطبيعي المسال

الغاز الطبيعي المسال

تحليل/ ميرنا البكري

في تطور لافت، مصر التي كانت تحتفل قبل بضع سنوات بأنها أصبحت "مركزًا إقليميًا للطاقة"، وتصدر الغاز إلى أوروبا، عادت مرة أخرى تبحث عن الغاز وتفاوض شركات عملاقة مثل "أرامكو"، و"ترافيجورا"، و"فيتول" لكي تأمن احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال (LNG) حتى عام 2028، ليس تحول في سياسة الطاقة، بل مؤشر كبير على إن هناك ضغط طاقي تمر به البلد.

مصادر: مصر تخطط لطرح مناقصة لشراء 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال

من دولة مصدرة لـ دولة مستوردة

مصر منذ 2018 كانت في قمة نشاطها في تصدير الغاز، خصوصًا بعد اكتشاف حقل ظهر العملاق لكن الآن، الإنتاج المحلي بدأ يهبط، مع استهلاك داخلي يزيد بفعل النمو السكاني، والموجات الحارة التي تجعل استهلاك الكهرباء والغاز في الصيف يصل لأرقام ضخمة.

تراجع الإنتاج المحلي: الحقول الحالية وصلت لذروة الإنتاج وتدخل في مراحل تناقصية.

زيادة الطلب المحلي: نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة السكان.

ضعف الاستثمار في الاكتشافات الجديدة: بسبب مشاكل التمويل والدين الخارجي.

العودة لعقود الاستيراد الطويلة، استقرار أم عبء؟

مصر تتفاوض على عقود طويلة المدى (حتى 3 سنوات) لتوريد الغاز من شركات عملاقة، لكي تتجنب تقلبات السوق الفوري (spot market)، الذي ترتفع أسعاره وقت الأزمات، مثل ما حدث وقت حرب أوكرانيا.

خلال الفترة المقبلة، من المتوقع أن تُصدر مصر 110 شحنات غاز في النصف الثاني من عام 2025، و254 شحنة في عام 2026، إضافة إلى 130 شحنة في النصف الأول من عام 2027. لكن في المقابل، تواجه البلاد تحديًا كبيرًا يتمثل في ارتفاع تكلفة واردات الطاقة، حيث قد تضطر إلى إنفاق نحو 3 مليارات دولار شهريًا على الواردات خلال فصل الصيف، مقارنةً بـ 2 مليار دولار في الصيف الماضي. هذا الارتفاع يُشكّل ضغطًا متزايدًا على الاحتياطي النقدي، ويؤثر سلبًا على الميزان التجاري.

اقرأ أيضًا: «أرامكو» تشيد بالحفر المصرية وتقييم الأداء بنسبة 97% واقتحام لأسواق جديدة

شركة أمريكية تتوقع تضاعف واردات مصر من الغاز المسال لهذا السبب

الشروط المالية، مرونة أم فخ ديون؟

العروض تقول إن تسعير الغاز سيكون أعلى من السعر الأوروبي بـ 80 إلى 95 سنت، وذلك طبيعي في عقود طويلة المدى، لكن هناك ميزة، إمكانية تأجيل السداد 180 يوم، مما يخفف الضغط النقدي على المدى القصير، لكنه يخلق التزام مالي ضخم على المدى الطويل.

تعتمد العقود الحالية لتصدير الغاز على مؤشر الغاز الأوروبي (TTF)، والذي تقدر أسعاره حاليًا بنحو 12 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. 

ورغم أن خيار تأجيل السداد قد يوفر متنفسًا ماليًا مؤقتًا، إلا أنه يتطلب إدارة مالية دقيقة لضمان عدم تراكم الالتزامات مستقبلاً، خاصةً في ظل تقلبات السوق وضغوط الميزان التجاري.

أرامكو السعودية تحقق أول إنجاز عالمي لاستخدام نظم تخزين متطورة للطاقة  المتجددة في إنتاج الغاز الطبيعي - مصر البلد الاخبارية

الأثر على الاقتصاد، العجز يزداد

بحسب "جولدمان ساكس"، عجز الطاقة في مصر العام الماضي وصل لـ 11.3 مليار دولار، كما تضاعف العجز في الحساب الجاري  لـ 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، إذا لم تستطيع مصر أن توازن بين الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي، العجز يزداد أكثر، وقد يتأثر الجنيه المصري سلبًا.

الرهان على التفاوض الذكي والبنية التحتية

تحاول مصر أن توازن الصورة بإنها تضيف وحدات عائمة (FSRU) لاستيراد الغاز، وتفاوض قطر على توريد طويل الأجل، مما يعطيها استقرار في الإمدادات وأسعار أقل من السوق الفوري، لكن كل ذلك مرهون بسرعة التنفيذ وجودة التعاقدات.

توقعات المرحلة المقبلة، فصل صيف متعثر؟

1. ضغط على الموازنة العامة بسبب واردات الغاز.

2. ارتفاع أسعار الكهرباء محليًا لتغطية التكلفة.

3. احتمال نقص بعض الصناعات من الطاقة (الأسمنت، السيراميك).

4. زيادة الضغط على الجنيه مقابل الدولار.

5. الحاجة العاجلة لاستثمارات في استكشافات الغاز.

ختامًا، التحول من مُصدر لـ مستورد في وقت قصير يؤكد إن مناعة مصر الطاقية ضعفت، والاعتماد على السوق العالم أصبح بقي مخاطرة. 

الحل ليس في الشراء فقط، لكن في تسريع الاستثمار المحلي، وزيادة الكفاءة، وترشيد الاستهلاك، وإعادة التفاوض على عقود تصدير الغاز بحيث تكون مرنة أكتر، الغاز ليس مصدر طاقة فحسب، لكنه الآن ورقة ضغط سياسي واقتصادي، ومن لا يستعد سيدفع الثمن.

Short Url

showcase
showcase
search