الرسوم الجمركية تعود للساحة، واشنطن وبكين من هدنة لنار تشتعل
الأربعاء، 21 مايو 2025 04:07 م

الحرب التجارية بين أمريكا والصين
تحليل/ ميرنا البكري
الأحداث التي جرت بين الولايات المتحدة والصين خلال الأسبوع الماضي، لم تكن مجرد خلافات بسيطة حول بعض الشحنات، بل مواجهة مفتوحة حول من يتحكم في زمام التكنولوجيا العالمية، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
يأتي ذلك بعد هدنة هشة وتوتر عاد بقوة بعد رقائق هواوي، فالموضوع ليس تقنيًا فقط بل اقتصادي وجيوسياسي بامتياز، كما يلمس الصين وأمريكا واليابان وسلاسل الإمداد العالمية أيضًا.

أزمة هواوي، الرقاقة التي فجرت الهدنة
هواوي في مرمى النيران
وخرجت واشنطن تحذر العالم كله من استخدام رقائق "أسيند" التي تنتجها هواوي، بحجة أنها تخترق ضوابط التصدير الأمريكية، لكن الرسالة كانت واضحة أيضًا، أن أمريكا لن ترغب في أن تأخذ رقائق الشركة الصينية مكان إنفيديا، فيما كان الرد الصيني سريعًا، بالقول "أنتم تلعبون لعبة تجبرنا على حماية سوق".
المعركة على الهيمنة التكنولوجية
وتعد رقائق هواوي سلاحًا للصين للرد على سيطرة إنفيديا، حيث تخدم خطة شي جين بينغ، لكي تصبح الصين لاعبًا رئيسيًا في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فالموضوع ليس شريحة إلكترونية فقط، بل حربًا على من يقود الثورة الصناعية المقبلة.
تصعيد معكوس، إعفاءات أمريكية ثم خنقة جديدة
وقررت أمريكا إعفاء بعض الإلكترونيات مثل الموبايلات واللابتوبات، لكن في اليوم التالي، أعلنت قرارات تقيد الرقائق الصينية، والرسالة كانت بالمنح أو المنع بحسب الإرادة، كما أننا نستخدم التعريفة الجمركية، كأداة للضغط السياسي والاقتصادي.
الرد على الأرض، والشركات تخلع من الصين
وبدءًا من أبل التي تنقل مصانعها للهند، وحتى شركات الألعاب التي تفكر بنقل إنتاجها لفيتنام أو المكسيك، بدأت الشركات بالتهرب من الصين خوفًا من التصعيد المستمر، فالصين لن تخسر عملاء فقط، بل تخسر ورقة ضغط اقتصادية.
اقرأ أيضًا: «بين الفنتانيل والجمركة»، بكين تُدين وواشنطن تنزف.. من يصنع السم ومن يدفع الثمن؟
صدام تجاري جديد، بكين ترد على ترامب بإلغاء صفقة طائرات ضخمة
سلاح الصين المضاد، المعادن النادرة في قلب المعركة
ولن تصمت الصين ولن تعتمد على الشكاوى الدبلوماسية فقط، فبكين شددت القيود على تصدير المعادن النادرة، وستدخل في كل شيء من السيارات للهواتف المحمولة للطائرات الحربية، فالتأخير في الشحنات بدأ يخوف الشركات الأمريكية، وهذا سلاح إستراتيجي بامتياز.
وأصبحت بكين تصرّح ببساطة: “يمكننا إيقاف التراخيص في أي وقت، لأي شركة أو لأي دولة”، وبمعنى آخر، إذا زادت الولايات المتحدة من ضغطها، فالصين تمتلك وسائلَ للرد بطريقة مؤلمة.
اقرأ أيضًا: بكين ترد على واشنطن بـ"قائمة المعادن"، سلاح التصدير يهدد صناعات كبرى
اليابان تحت الضغط، والرسوم الأمريكية تأكل في صادراتها
وتدفع اليابان الثمن أيضًا بصادراتها التي أصبحت أضعف والميزان التجاري عاد للعجز بعد ما كان هناك فائض، حيث أن التراجع في صادرات السيارات والصلب، والضعف في الطلب الأمريكي والصيني، والين الذي ارتفع، قلل من تنافسية بضائع بلاد الساموراي.
ودخلت الدولة الأسيوية في مرحلة تعافي ضعيفة، لكن مع التراجع في الصادرات، أصبح الوضع أخطر، فالاقتصاديين اليابانيين يعتقدون إن هناك احتمال كبير أن الاقتصاد يدخل في "ركود تقني"، ما يعني أن الإنتاج ينكمش، والأسعار والأجور لن تعوض.

ترامب وورقة الضغط، من الرسوم للانتخابات
ويستخدم ترامب الرسوم الجمركية ليس كسلاحٍ اقتصادي فقط، لكن كورقة سياسية في ظل اقتراب الانتخابات، والرسوم على السيارات اليابانية والألومنيوم، لا تضغط فقط على طوكيو، لكنها أيضًا تكسبه نقاطًا، خصوصًا مع قاعدة ناخبيه في الصناعات التقليدية.
توقعات اقتصادية
1. التصعيد مستمر:- ومن الواضح أن أمريكا تستمر في استخدم ضوابط التصدير كورقة ضغط، والصين سترد بالمعادن أو بالأسواق.
2. سلاسل الإمداد ستتغير:- الشركات تفكر أكثر من مرة قبل الاستثمار في الصين، وهو ما يدعم تحول الإنتاج لبلاد أخرى، مثل الهند وفيتنام والمكسيك.
3. الاقتصاد الياباني في اختبار حقيقي:- استمرار الضغط الأمريكي، قد يدفع اليابان لمرونة أكثر في التفاوض، لكن ذلك سيكون على حساب بعض القطاعات.
4.مفاجآت في السياسات التجارية:- ومع قرب يوليو وعودة التعريفة لـ24%، قد نواجه قرارات سريعة لتهدئة الأسواق أو العكس تمامًا، حسب المزاج السياسي.
ختامًا، ما يجرى الآن ليس مجرد خلاف على شحنات أو ضرائب جمركية، نحن أمام مواجهة كبيرة على شكل العالم الاقتصادي والتكنولوجي في المستقبل، فالرقائق والمعادن ليست أدوات إنتاج بل أدوات سلطة، وكل طرف يجرب حسم المعركة، سواءً بالمفاوضات أو بالتهديد أو بنقل المصانع، والسؤال الحقيقي: هل العالم يستعد لتحمل تكلفة هذه الحرب، أم سيضطر أن يختار جانبًا ويخسرُ الآخر.
Short Url
تحالف صناعي مصري يسطر مرحلة جديدة في صادرات مصر إلى إفريقيا
21 مايو 2025 04:58 م
من الإسفلت إلى الاقتصاد، «دبي» تربط 10 آلاف شركة بمسارات ذكية للنمو
21 مايو 2025 03:36 م
من الصين إلى أفريقيا، السيارات الكهربائية تغير خريطة الاقتصاد العالمي
20 مايو 2025 03:39 م


أكثر الكلمات انتشاراً