من المكسيك للأرجنتين، أمريكا اللاتينية تقود تمويل الشركات الناشئة في 2025
الثلاثاء، 20 مايو 2025 06:26 م

أمريكا اللاتينية
تحليل/ ميرنا البكري
جمعت أمريكا اللاتينية تمويلات أكثر بنسبة 26% عن السنة الماضية، وحققت أوروبا نمو متواضع (7%)، أما جنوب شرق آسيا حدث فيها تراجع حاد بنسبة 34%، في الوقت الذي تحاول فيه أسواق ناشئة كثيرة أن تجذب استثمارات وسط تقلبات اقتصادية عالمية، أمريكا اللاتينية رفعت يدها وقالت “أنا هنا”، وكشف تقرير مشترك من شبكة "إنديفر" وشركة "جليسكو بارتنرز" إن المنطقة شهدت نمو 26% في الاستثمارات الموجهة للشركات الناشئة عام 2024، وهو رقم يتفوق على أوروبا التي حققت 7% فقط، وفي الوقت الذي هبطت فيه شرق آسيا بنسبة 34%. لكن السؤال المهم: ماذا تواجه هذه المنطقة في 2025؟سنوضح في هذا التحليل أهم الأرقام بلغة بسيطة وتحليل اقتصادي عميق.

أمريكا اللاتينية تسبق أوروبا، وجنوب شرق آسيا تفقد الزخم
جمعت أمريكا اللاتينية تمويلات أكثر بنسبة 26% عن السنة الماضية، وحققت أوروبا نمو متواضع (7%)، أما جنوب شرق آسيا حدث فيها تراجع حاد بنسبة 34%، وهذه الأرقام لن تعبر عن أداء اقتصادي، لكنها أيضًا مؤشر على جاذبية مناخ الاستثمار، كما إن أمريكا اللاتينية بدأت تستفيد من العوامل السكانية، الشباب، والرقمنة المتسارعة، بعكس أسواق بدأت تشبع، والتراجع الجزئي في آسيا سببه التشبع في بعض الأسواق وضعف استقرار السياسات الحكومية.
الشركات الناضجة تكسب، والفلوس تذهب للكبار
حصلت الشركات الأكثر نضجًا على 65% من إجمالي التمويل في 2024، مقارنة بـ 46% فقط في 2023، كما إن عدد الجولات التمويلية قل، وقيمة الفلوس التي تم تجميعها أيضًا قل.
السوق أصبح انتقائي أكثر، وذلك طبيعي مع وجود تقلبات عالمية. والمستثمرين يضعوا أموالهم في شركات ناضجة قادرة تتوسع، وذلك معناه إن الشركات الناشئة الصغيرة ستواجه صعوبة في جمع تمويل إذا لم تحقق نتائج واضحة.
المستثمر المحلي يتسابق على البدايات، والأجنبي يدخل حينما تستقر الأمور
يميل المستثمرون المحليون عادةً إلى تمويل الشركات في مراحلها المبكرة، بينما يفضّل المستثمر الأجنبي الدخول في المراحل المتقدمة، بعد أن تنضج الشركة وتكون مستعدة للتوسع. هذا الاختلاف يعكس تباينًا في "شهية المخاطر" بين النوعين من المستثمرين. وإذا لم يتحسن التمويل المحلي للمراحل المتقدمة، فقد تضطر الشركات إلى الانتظار طويلًا أو اللجوء إلى خارج المنطقة للحصول على التمويل اللازم. وهذا يشير إلى أن المنظومة الريادية بحاجة إلى نضج متكامل يشمل جميع مراحل النمو، وليس فقط المراحل الأولى من التأسيس.
اقرأ أيضًا: تعاون استراتيجي بين «هيئة الاستثمار» و«فورسايت» لدعم نمو الشركات الناشئة

ملامح 2025، أدوات جديدة وطرق تمويل غير تقليدية
3 اتجاهات أساسية حسب الدراسة:
1. قروض رأس المال الاستثماري: وسيلة تمويل بديلة تعطي الشركات المرونة.
2. الجولات المختلطة: تدمج ما بين التمويل بالمخاطرة والديون.
3. سوق الأسهم الثانوية: من المتوقع أن ينمو بنسبة 60%، مما يسمح للمستثمرين الأوائل ببيع جزء من حصصهم بدون انتظار الطرح في البورصة.
هذه الاتجاهات تجعل سوق التمويل أكثر ديناميكية، وستفتح باب أكبر لتمويل النمو، ووجود سوق ثانوي نشط أمر هام لأنه يحفز المستثمرين يدخلوا من البداية وهم مطمئنين إن فيه طريق للخروج، والجولات المختلطة أيضًا هتساعد الشركات االتي تحتاج التمويل دون أن تتنازل عن ملكيتها بشكل كبير.
غياب حوافز الملكية يضعف تنافسية الشركات الناشئة في أمريكا اللاتينية
أقل من 20٪ من الشركات في أمريكا اللاتينية تعتمد أنظمة ملكية الأسهم للموظفين، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الغموض القانوني والمالي المحيط بهذه الآلية.
من منظور اقتصادي، يُعد هذا القصور نقطة ضعف في المنظومة الريادية بالمنطقة. ففي وادي السيليكون وأوروبا، تُستخدم خطط منح الأسهم كأداة فعالة لجذب الكفاءات والاحتفاظ بها، ما يمنح هذه الأسواق ميزة تنافسية واضحة.
إذا كانت أمريكا اللاتينية تطمح إلى المنافسة على المستوى العالمي، فلا بد من معالجة هذا التحدي. فالرأسمال البشري هو المحرك الأساسي لأي شركة ناشئة، وتوفير حوافز حقيقية له ليس رفاهية، بل ضرورة للنمو والاستدامة.
المكسيك والأرجنتين، ملوك التمويل في المنطقة
المكسيك تقود المشهد، خاصة في قطاع التكنولوجيا المالية، والأرجنتين سجلت تمويل ضخم بفضل شركة "Wala" التي جمعت 330 مليون دولار، مما يمثل 73% من إجمالي تمويل البلاد.
ومن منظور اقتصادي، المكسيك أصبحت مركز إقليمي للـ fintech بفضل حجم السوق، والبنية التحتية، والدعم التنظيمي، والأرجنتين رغم أزمتها الاقتصادية، مازالت تمتلك شركات جذابة للمستثمرين، خصوصًا في الخدمات المالية الرقمية، مما يؤكد على إن الفرص موجودة حتى وسط أزمات اقتصادية، بشرط يتوافر به نموذج أعمال ناجح.
ختامًا، أمريكا اللاتينية تدخل 2025 وهي تضع نفسها على أول طريق منظومة ريادة أعمال عالمية. فالنمو موجود، والأدوات تتطور، والمستثمرين يروا فرص كبيرة. ولكي تكمل هذه الرحلة، من الضروري أن يتعالج الخلل ما بين التمويل المحلي والأجنبي، مع وجود تشريعات واضحة تدعم الشركات وتعطي حوافز للموظفين. الفرصة كبيرة، والمنافسة أكبر، والمكسب سيكون لمن يسبق بالحلول وليس بالأفكار.
Short Url
من الصين إلى أفريقيا، السيارات الكهربائية تغير خريطة الاقتصاد العالمي
20 مايو 2025 03:39 م
مفاوضات اليابان مع أمريكا على حافة الانهيار وطوكيو تصمم على "إلغاء الجمارك"
20 مايو 2025 12:21 م
صداع اقتصادي مفاجئ، نقص الغاز يعصف بمصانع الأسمدة المصرية ويهدد التصدير
20 مايو 2025 12:18 م


أكثر الكلمات انتشاراً