الثلاثاء، 20 مايو 2025

09:30 م

من الصين إلى أفريقيا، السيارات الكهربائية تغير خريطة الاقتصاد العالمي

الثلاثاء، 20 مايو 2025 03:39 م

السيارات الكهربائية

السيارات الكهربائية

تحليل/ ميرنا البكري

في وقت العالم يواجه فيه تحديات بيئية ومناخية ضخمة، أصبحت السيارات الكهربائية ترند عالمي، ليس لأنها "خضراء" فقط، بل أيضًا بسبب المنافسة التكنولوجية والاقتصادية التي تشغل دول العالم، كما سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مصر الضوء على تقرير مهم من الوكالة الدولية للطاقة بعنوان "توقعات السيارات الكهربائية العالمية 2025"، الذي كشف عن أرقام وتوقعات توضح قدرة السوق على الجري بسرعات مختلفة في مناطق العالم، سنوضح في هذا التقرير التحليل الاقتصادي لهذه الأرقام.

ما هي المشكلة الخفية في السيارات الكهربائية التي تحيّر المصنّعين؟
السيارة الكهربائية

 الصين مازالت في المقدمة، وبفارق ضخم

في 2024، بلغ عدد السيارات الكهربائية المباعة في العالم 17.3 مليون سيارة كهربائية، بزيادة أكثر من 25% عن 2023، وهو رقم ضخم جدًا، فالصين لوحدها باعت أكثر من 11 مليون سيارة كهربائية يعني أكثر من 63% من إجمالي المبيعات العالمية، هذا الرقم أكبر من مبيعات كل العالم من العربيات الكهربائية من عامين فقط.

الصين ليس سوق ضخم للسيارات الكهربائية فقط، لكنها أيضًا أصبحت "مركز تصنيع وتصدير" رئيسي لهذه السيارات على مستوى العالم، فهي تنتج وتصدر بكميات ضخمة.

والذي ساعد الصين لتصل لهذه المكانة هو مزيج من عوامل مهمة، أولها الدعم الحكومي القوي الذي قدم حوافز ضخمة للشركات والمستهلكين، مما جعل السوق  ينمو بسرعة، كما إن الصين تمتلك سلاسل توريد متكاملة تبدأ من المواد الخام حتى التصنيع النهائي، مما يعطيها ميزة تنافسية كبيرة على أي دولة أخرى.

كما إن التكنولوجيا المحلية لعبت دور كبير. فالشركات الصينية مثل BYD وNIO قامت بتطوير سيارات بقدرات عالية وأسعار تنافسية، وهو ما جعلها تقتحم أسواق كثيرة بسرعة، خصوصًا الأسواق النامية.

والأهم من ذلك إن الصين تستخدم السيارات الكهربائية كأداة استراتيجية، وليس تجارية فقط. وهي تعتقد إن السيارات الكهربائية هي مستقبل النقل، وتحاول أن تكون المسيطرة على ذلك السوق. وهو يظهر في إنها توجه صادراتها بشكل كبير للدول النامية التي مازالت في مرحلة بناء البنية التحتية للطاقة، لكي تكون هي المورد الأساسي لهم عندما يكبر السوق.

تراجع النمو في سوق السيارات الكهربائية في أوروبا، تأثير الدعم والقوانين الثابتة

رغم إن أوروبا كانت من أكبر اللاعبين في سوق السيارات الكهربائية، إلا إن النمو هناك أصبح أبطء في الفترة الأخيرة؛ نظرًا لأن حكومات كثيرة في أوروبا بدأت تقلل أو حتى تلغي الدعم الذي كان موجه للسيارات الكهربائية. هذا الدعم كان له دور كبير في تشجيع الناس على شراء هذه السيارات، وأيضًا كان يقلل تكاليف الإنتاج على الشركات، فهذا التقليص أثر بشكل واضح.

كما إن قوانين انبعاثات الكربون في الاتحاد الأوروبي لم تتغير بين 2023 و2024، أي لا يوجد أي ضغوط جديدة على الشركات لكي تتحول لسيارات أنظف وأكثر كفاءة. مما جعل الشركات غير مضغوطة للتطوير والتحديث.

من الجانب الاقتصادي، تقليل الدعم  يجعل الناس يترددوا أكثر في شراء السيارات الكهربائية، وإذا استمرت هذه السياسات، وقد نشهد تباطؤ في الابتكار والاستثمار في السوق، مما يسبب مشكلة كبيرة للشركات الأوروبية، التي قد تفقد حصتها لصالح الشركات الصينية أو الأمريكية، التي تسبقها بخطوات.

اقرأ أيضًا: 17.3 مليون سيارة كهربائية تم بيعها على مستوى العالم في عام 2024 والصين في الصدارة

توفير فرص عمل، BYD تفتتح أول مصنع أوروبي لإنتاج السيارات الكهربائية

 أمريكا، تتقدم لكن بخطوات بطيئة

وصلت مبيعات أمريكا من السيارات الكهربائية 1.6 مليون سيارة، وهو رقم جيد للغاية،لكن النمو هناك كان حوالي ربع نمو السنة الماضية، يعني هناك تباطؤ ملحوظ.

بالرغم من الحوافز التي قدمتها إدارة بايدن، لكن واضح إن هناك تحديات مثل ضعف البنية التحتية ومحطات الشحن، وأيضًا المنافسة السعرية مع السيارات الصينية، والسوق الأمريكي قد يواجه صعوبات في التوسع إذا لم يوجد استثمار قوي في سلاسل الإمداد المحلية.

المغاربة اقتنوا 687 سيارة كهربائية
محطات شحن السيارات الكهربائية

الدول الناشئة، مفاجأة العام

بخارج الثلاث أسواق الكبرى (الصين – أمريكا – أوروبا)، ارتفعت المبيعات بنسبة 40% ووصلت لـ 1.3 مليون سيارة، أسيا وأمريكا اللاتينية سجلوا أرقام قوية:

1. اقتربت مبيعات أمريكا اللاتينية من 600 ألف عربية.

2.سجل النمو في جنوب شرق آسيا 50%، وفي تايلاند وفيتنام حدث قفزات ضخمة.

3.قامت البرازيل ببيع أكثر من 125 ألف سيارة كهربائية، ونصيبها السوقي أصبح 6%.

4.أفريقيا دخلت المنافسة، خاصة مصر والمغرب.

حيث فتحت السيارات الصينية بأسعارها التنافسية أبواب واسعة في الأسواق الناشئة، وأصبحت الصين مسؤولة عن 75% من النمو في هذه الأسواق خارج حدودها، وهذا يعني إن الصين لن تسيطر على السوق المحلي، لكن أيضًا تبني نفوذ اقتصادي وتكنولوجي قوي داخل دول كانت زمان بعيدة عن التريندات العالمية، مما يجعلها  تستطيع أن تهيمن على أسواق المستقبل، خصوصًا في الدول التي في مرحلة تطور اقتصادي.

 أفريقيا على الخريطة، وأول خطوة تبدأ من مصر والمغرب

رغم إن سوق السيارات الكهربائية في مصر والمغرب مازال صغير، لكن النمو كان ملحوظ جدًا، خاصة مع تضاعف المبيعات بفضل الواردات من الصين وأيضًا سياسات الدعم المحلية. مصر والمغرب أمامهم فرصة كبيرة لكي يكونوا مراكز إقليمية لتجميع وتصنيع السيارات الكهربائية، خصوصًا إنهم يتمتعوا بموانىء قوية واتفاقيات تجارة حرة قد تجعلهم بوابة للسيارات الكهربائية لباقي أسواق أفريقيا. لكن لتحقيق نمو مستدام، لابد أن يكون هناك استثمار جاد في البنية التحتية، خاصة محطات الشحن، لكي يكون هناك تسهيلات حقيقية للمستهلكين ويزيد الإقبال على السيارات الكهربائية في المنطقة.

اقرأ أيضًا: بقيادة مصر، تضاعف مبيعات السيارات الكهربائية في إفريقيا

المغرب ومصر يقودان طفرة السيارات الكهربائية في إفريقيا - جريدة تيليغراف  المغربية
تصنيع السيارات في مصر والمغرب

التحول للطاقة النظيفة، تأثير السيارات الكهربائية على أسواق النفط والطاقة

بنهاية 2024، وصل عدد السيارات الكهربائية في الشوارع حوالي 58 مليون سيارة، وهو ما يعادل 4% من إجمالي أسطول السيارات في العالم، بزيادة أكثر من 3 مرات مقارنة بعام 2021. النتيجة؟ انخفاض استهلاك النفط بمعدل يزيد عن مليون برميل يوميًا.

وهو ما له تأثير كبير على أسواق الطاقة، خصوصًا في الدول المنتجة للنفط. التحول نحو السيارات الكهربائية قد يضغط على الطلب العالمي على النفط على المدى البعيد. وبجانب ذلك يخلق فرص جديدة للاستثمار في مجالات مثل البطاريات والطاقة المتجددة.

ختامًا، السيارات الكهربائية ليس وسيلة مواصلات فقط،  بل مؤشر على التغير في شكل الاقتصاد العالمي، الصين تقود السباق، والدول الناشئة تدخل بكل قوتها، في حين إن أوروبا وأمريكا يواجهوا تحديات أخرى، ومصر أمامها فرصة ذهبية إذا استغلت اللحظة، واستثمرت في البنية التحتية والتصنيع المحلي. لكن السؤال الأهم: هل نستطيع أن نركب الموجة قبل ما تسبقنا؟ أم سنظل نشتري فقط من الذي سبقونا؟

Short Url

showcase
showcase
search