الصناعة في الصين تتجه نحو المتانة وسط العواصف التجارية
الإثنين، 19 مايو 2025 07:11 م

الصناعة في الصين
تحليل/ كريم قنديل
في وقت الذي تُختبر فيه الاقتصادات الكبرى تحت ضغط الرسوم الجمركية وتصاعد النزاعات التجارية، تقدم الصين مؤشرات اقتصادية تكشف عن مفارقة لافتة، تكمن في تباطؤ الأرقام ومتانة تثير الانتباه.
ففي إبريل الماضي، تباطأ نمو الإنتاج الصناعي الصيني إلى 6.1% مقارنة بـ7.7% في مارس، ورغم هذا التراجع النسبي، جاءت القراءة أفضل من التوقعات مسجلة 5.5%، ما يفتح الباب لتأويلٍ وتساؤل مختلفٍ وهو، هل بدأت حزم الدعم الحكومية تؤتي أكلها؟ أم أن الاقتصاد الصيني يعيد ترتيب أوراقه بذكاء في مواجهة الاضطرابات العالمية؟
مفاجأة في قلب التباطؤ
الإنتاج الصناعي الذي جاء أعلى من التوقعات لا يعكس فقط قدرة المصانع على الصمود، بل يُظهر كذلك أن السياسات المالية التي ضختها بكين بما في ذلك الدعم المقدم، بدأت تؤمن نوعًا من العزل الواقي أمام الضغوط الخارجية، خصوصًا الحرب التجارية مع واشنطن.
إن متانة إبريل تعود جزئيًا إلى الدعم المالي المقدم، وهو ما يعني أن أدوات السياسة المالية، ما زالت قادرة على خلق أثرٍ ملموسٍ في أرض الواقع.
اقرأ أيضًا:-
الصين بالمقدمة، قائمة بأكبر الدول المنتجة للسيارات في العالم
بين التفاؤل والحذر، الصين تواجه تحديات اقتصادية ضخمة رغم نمو الإنتاج الصناعي
هدنة مؤقتة أم مناورة مؤجلة؟
ورغم أن بكين وواشنطن توصلتا إلى اتفاق لخفض الرسوم الجمركية المتبادلة، إلا أن خبراء الاقتصاد، لا يرون في ذلك أكثر من هدنة مؤقتة تدوم 90 يومًا، لكنها لا تزيل الخطر الحقيقي الذي يمثله نهج ترامب التجاري المتقلب، ولا الرسوم الجمركية الباقية التي تصل إلى 30%.
وفي ظل هذا الترقب، يظل قطاع التصدير الصيني يعيش حالة من الشك، حيث إن قيمة تسليم الصادرات راكدة تقريبًا، ما يعني أن النشاط الصناعي وإن ظل متماسكًا، إلا أن بوابة التصدير لم تعد تقدم الدعم نفسه الذي طالما كان ركيزة النمو الصيني.

مبيعات التجزئة مرآة ثقة المستهلك
من ناحية أخرى، جاءت مبيعات التجزئة المعيار الأساسي لقياس استهلاك الأفراد بنمو 5.1% فقط، وهو أقل من المتوقع وأدنى من مارس، ما يعكس تأثير الحرب التجارية على مزاج المستهلك الصيني.
فبينما تتقاطع الرسوم الجمركية مع سلاسل التوريد، تتأثر أسعار السلع والثقة الاستهلاكية على حدٍ سواءٍ، فتتباطأ عجلة الإنفاق المحلي.
اقرأ أيضًا:
سباق مع الزمن، كيف أربكت هدنة أميركا والصين حركة الشحن العالمية؟
حرب الرقائق بين أميركا والصين، سباق ذكاء اصطناعي بلا هوادة
اقتصاد تحت الضغط لكن بثقة محسوبة
ورغم كل هذه الرياح المعاكسة، سجل الاقتصاد الصيني، نموًا بنسبة 5.4% في الربع الأول من 2025م، متجاوزًا التوقعات، وما زالت بكين تحتفظ بهدفها المعلن، وهو تحقيق نمو بـ5% بنهاية العام.
وهنا يكمن التحدي الأكبر، كيف يمكن للاقتصاد الثاني عالميًا، أن يحافظ على هذا الزخم في ظل حرب تجارية متقطعة، وتباطؤ في الاستهلاك المحلي، وعدم يقين خارجي في بيئة تجارية معقدة؟

قراءة ما بين السطور
الرسالة التي ترسلها بكين واضحة، فنحن مستمرون في النمو ولو على إيقاع أبطأ، فالدعم المالي واستراتيجية إعادة توجيه الصادرات، وتطوير الطلب المحلي، كلها أدوات تُستخدم بدقة للحفاظ على التوازن في اقتصادٍ ضخم يتحرك تحت المجهر العالمي.
لكن المتابع الجيد، يعلم أن التحدي الأكبر لم يعد فقط في النمو الرقمي، بل في نوعية هذا النمو، ومدى استدامته في وجه اقتصادٍ عالميٍ مضطرب، وحرب تجارية لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.
Short Url
8.9 مليار دولار في 2025، تأجير اليخوت يتحول إلى بيزنس عالمي رابح
19 مايو 2025 03:51 م
من النفط إلى الخوارزميات، الخليج يراهن على الهيمنة الرقمية في العقد المقبل
19 مايو 2025 01:55 م
بين التفاؤل والحذر، الصين تواجه تحديات اقتصادية ضخمة رغم نمو الإنتاج الصناعي
19 مايو 2025 12:12 م


أكثر الكلمات انتشاراً