من الصحراء إلى المصنع، كيف تُعيد الإمارات رسم خريطة الصناعة العالمية؟
السبت، 17 مايو 2025 11:14 ص

الإمارات العربية المتحدة
تحليل/ ميرنا البكري
في عالم يتغير بسرعة الصاروخ، وفي ظل تصاعد حرب الرسوم الجمركية بين الكبار ( أمريكا والصين)، أصبحت الصناعات أمام لحظة فارقة، فلم تعد اللعبة في من يمتلك عمالة أرخص، أو موقعًا جغرافيًا أفضل، بل الذي سيربح هذا الصراع هو الذي يربط بين التصنيع الذكي والاستدامة والطاقة، وبالتالي سيدخل الأسواق العالمية من أوسع أبوابها، ووضعت الإمارات نفسها في مكان مميز للغاية، وسط معادلة يصعب حلها بوجود كبار الاقتصاد في العالم.

العالم يرسم خريطة صناعية جديدة
والآن، أصبحت الشركات العالمية تفكر بصوت عالٍ: “أين سننتج؟ وكيف سنصل لعملائنا أسرع؟ وبأقل تكلفة؟ وبأمان من الحروب التجارية؟”، حيث يكمن الحل في إعادة توزيع سلاسل التوريد، فليس من الضروري أن تتجمع في الصين، كما لابد أن يكون هناك أيضًا، توزيع ذكي للإنتاج بين أكثر من دولة، وهنا يظهر دور الدول التي توفر بيئة ذكية ومرنة وسهلة للاستثمار الصناعي، ودولة الإمارات العربية كانت من أوائل من أدركوا ذلك.
اقرأ أيضًا: من البترول إلى الصناعة، الخليج يقود ثورة التصنيع ويبتعد عن النفط
الإمارات العربية المتحدة، من صحراء لمصنع المستقبل
الإمارات ليس لديها بنية تحتية قوية فحسب، بل قامت ببناء بيئة متكاملة جاذبة للصناعة، تشمل أكثر من 40 منطقة حرة متخصصة، كما توسعت في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة كــ (الشمسية – والنووية – تقليدية- والهيدروجين الأخضر)، حيث استطاعت تأسيس شركة في أقل من 4 أيام، بل أقل حتى من 15 دقيقة إلكترونيًا، متضمنة منظومة قانونية مرنة، وملكية أجنبية كاملة، أي باختصار: من يريد أن يفتح مصنع ويغزو به العالم، تدعمه الإمارات وتفتح له أبوابها.
ليس لوجستيًا فقط، بل طريق تجارة عالمي
وتعتبر اللوجستيات عند الإمارات من الأفضل في العالم، حيث تمتلك 12 ميناء تجاريًا، و310 أرصفة بحمولة 80 مليون طن، و2 من أكبر 50 ميناء للحاويات في العالم، كما يمر 61% من البضائع لدول الخليج من موانئها ببساطة، فإذا كان لديك مصنع في الإمارات، فلديك أيضًا القدرة لتصل للمنطقة كلها بكل سهولة.
“مشروعات الـ300 مليار”: حينما يصبح الطموح استثمارًا
وفي 2021م، أطلقت الإمارات خطة “مشروع 300 مليار”، التي يتمحور هدفها حول رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي لـ300 مليار درهم قبل 2031م، بل وتم تحويل الإمارات لمركز عالمي لصناعات المستقبل، وبالتالي زيادة التصدير، وفتح الفرص لتوطين الصناعات.
كما برزت نتائج هذه الخطة في عقود بلغت قيمتها 120 مليار درهم في 2023م، و1,400 منتجٍ محليٍ، حيث وطنت صناعات تعدت قيمتها الـ31 مليار درهم.

ثورة كاملة، قطاعات صناعية ليس تقليدية
وحاليًا، الصناعة في الإمارات لا تتمحور حول الحديد والإسمنت، بل دخلت وتنافس بقوة أيضًا في الصناعات الميكانيكية والإلكترونية والأدوية والدفاع والطيران، والتكنولوجيا الزراعية والاتصالات وتحليل البيانات، والمعدات الطبية، والبتروكيماويات، وأنظمة ذكية، حيث تعتبر الدولة العربية أن هذه الصناعات هي البناء للمستقبل.
الذكاء الاصطناعي، قلب المصنع الحديث
وأدخلت العديد المصانع الآن، الروبوتات صمن نطاق عملها، حيث تساهم في الإنتاج بشكل اسرع من البشر، كما أن الخوارزميات تحلل البيانات في الوقت الحقيقي، فيما الذكاء الاصطناعي، يأخذ قرارات إنتاجية لحظية، حيث لم يصبح ذلك خيالًا علميًا فقط، بل واقعًا موجودًا حاليًا، كما استطاعت الإمارات أن تطبقه لأنها ربطت بين ثلاث أمور، بنية تحتية ذكية، وطاقة مستدامة، واستثمار في التقنية والرقمنة.
اقرأ أيضًا: الإمارات تزرع منهج الذكاء الاصطناعي لجميع المراحل التعليمية
الإمارات لا تصنع فقط، بل تصدر أيضًا
وتمثل الإمارات لوحدها 41% من صادرات السلع في الشرق الأوسط، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية لديها 5.23 تريليون درهم في 2024م، كما وصل الفائض التجاري لـ490 مليار درهم، واحتلت كذلك المركز الـ11 بصادرات السلع، فيا حصدت المركز الـ13 في الخدمات على مستوى العالم، وهذه الأرقام تعكس كون الإمارات أصبحت أكثر قدرة على قيادة العالم في المستقبل القريب.
توقعات مستقبلية، إلى أين نتجه؟
ومع ضخ استثمارات ضخمة، واستمرار للتركيز على الذكاء الاصطناعي، فالإمارات مرشحة لتكون مركزًا تصنيعيًا عالميًا بديلًا عن أسيا لبعض الصناعات عالية التقنية، ومركزًا لوجستيًا إقليميًا يغذي أوروبا وإفريقيا وأسيا، كما تشير التوقعات كذلك إلى أنها ستكون رائدة في صناعات منخفضة الكربون، بفضل تنويع مصادر الطاقة.
ختامًا، التحول الصناعي لم يعد رفاهية أو خيارًا مؤجلًا، بل أصبح ضرورة لا غنى عنها، وشرطًا أساسيًا للبقاء والمنافسة، والإمارات أدركت هذه الحقيقة مبكرًا، حيث تحركت بخطى واثقة لتكون في طليعة المستقبل الصناعي والرقمين فلم يعد السؤال اليوم "هل هذا التحول مهم؟"، بل تحول إلى سؤالٍ أكثر حدة: "من سيواكب؟ ومن سيفوته القطار؟".
Short Url
من التحديات للفرص، 8 حلول تجعل المرأة شريك اقتصادي حقيقي
15 مايو 2025 04:19 م
«عودة تسلا إلى نادي التريليون» بين الحقائق القاتمة والحماسة السوقية الزائدة
15 مايو 2025 03:20 م
أوبك تلعبها بحذر، تثبيت توقعات الطلب على النفط رغم انخفاض النمو الاقتصادي العالمي
15 مايو 2025 02:03 م


أكثر الكلمات انتشاراً