الجمعة، 16 مايو 2025

01:19 ص

منجم المغارة، قصة 72 مليون طن من الفحم الضائع في صحراء سيناء

الخميس، 15 مايو 2025 02:02 م

منجم المغارة

منجم المغارة

في قلب وسط سيناء، تحت الرمال الصفراء، يكمن منجم المغارة الذي يحمل قصة طويلة من الآمال الكبيرة والتحديات الضخمة، كان هذا المنجم حلمًا لمصر في أن تصبح مستقلة في مجال الفحم، ليصبح المصدر الرئيسي للطاقة لمجموعة من الصناعات الحيوية في البلاد، ولكن كما يحدث غالبًا في مشاريع ضخمة، كانت الطريق مليئة بالصعوبات التي أطفأت شعلتها.

منجم المغارة

ففي الخمسينيات من القرن العشرين، اكتشفت هيئة المساحة الجيولوجية المصرية رواسب فحم ضخمة في منطقة المغارة، تحديدًا في وسط سيناء، كانت هذه الاكتشافات مثيرة جدًا، فوجود فحم عالي الجودة في هذا الموقع يمثل ثروة غير مستغلة، فقررت الحكومة المصرية استغلال هذه الثروة، وبدأت تطوير المنجم منذ عام 1964، حيث بدأت عمليات الحفر والتطوير في المنجم.

أولى معوقات منجم المغارة

ولكن حلم الاستفادة من هذا المنجم تأجل بسبب حرب يونيو 1967، الحرب أدت إلى توقف كامل للعمليات، وأصبح المنجم في تلك الفترة غير صالح للعمل بسبب الوضع الأمني في سيناء.

استئناف تشغيل منجم المغارة وتأسيس شركة سينا  للفحم

ومع استعادة سيناء في عام 1982 بعد حرب أكتوبر، قررت الحكومة استئناف تطوير منجم المغارة، وقد تم البدء في تطوير المنجم مرة أخرى، لكن القدرة الإنتاجية كانت أقل من المتوقع بسبب الصعوبات التقنية والإدارية.

وفي عام 1988، تم تأسيس شركة سيناء للفحم على يد الحكومة المصرية بهدف تطوير منجم المغارة وتشغيله على نطاق واسع، كانت الشركة تُخطط لاستخراج الفحم وتصديره إلى الأسواق الدولية، كما كانت تأمل في أن يصبح المنجم مصدرًا رئيسيًا للطاقة لمجموعة من الصناعات في مصر.

اقرأ أيضًا:

الفحم النظيف، حل تكنولوجي لتلبية الطلب العالمي وخفض الانبعاثات

أرباح الحديد والصلب للمناجم تتراجع لتسجل 127.5 مليون جنيه خلال 2023-2024

حينها حصلت الشركة على تمويل من الحكومة البريطانية بقيمة تصل إلى 50 مليون جنيه إسترليني، منها 12.5 مليون جنيه منحة لا ترد، بينما تم تخصيص باقي المبلغ كقرض بفائدة، وبدأت في شراء معدات حديثة من بريطانيا، وتدريب العمالة المصرية على تشغيلها، وكان الجميع يترقب نجاح المشروع.

Picture background
انتاج الفحم

تصفية شركة سيناء للفحم

ولكن الأمور لم تسر كما كان متوقعًا، على الرغم من جهود الحكومة في تقديم الدعم المالي والفني، فشلت شركة سيناء للفحم في تحقيق الأرباح المرجوة، وظلت تواجه مشاكل مالية ضخمة، بلغت ديون الشركة أكثر من 3 مليارات جنيه مصري، مما أدى إلى تصفية الشركة في عام 2005.

وأُغلقت شركة سيناء للفحم رسميًا في عام 2005، بعدما فشلت في سداد الديون المتراكمة، وأصبحت إدارة المنجم تحت إشراف الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، التي كانت تأمل في أن تتمكن من إعادة تشغيل المنجم، ولكن لم يكن هناك أي تقدم حقيقي في هذا الاتجاه.

اقرأ أيضًا:

صادرات الفحم الأمريكية ترتفع لأعلى مستوى منذ 2018

لأول مرة منذ 2017.. صادرات الفحم في جنوب أفريقيا تزيد بشكل ملحوظ

احتياطات منجم المغارة من الفحم

وعلى الرغم من الإغلاق والتصفية، إلا أن احتياطيات منجم المغارة لا تزال تُعد من بين الأكبر في المنطقة، حيث يُقدر إجمالي الاحتياطي القابل للاستخراج بحوالي 72 مليون طن من الفحم، وهو ما يُعد كافيًا لتشغيل المنجم على مدى سنوات طويلة، ويتميز فحم المغارة بجودته العالية، فهو فحم كوك يُستخدم في صناعة الحديد والصلب، وكذلك في توليد الطاقة.

إنتاج منجم المغارة

وهناك أمل دائم في أن يعود منجم المغارة إلى الإنتاج الكامل في المستقبل، خصوصًا مع تزايد الحاجة إلى الفحم في صناعة الأسمنت وتوليد الكهرباء، عند تشغيل المنجم بشكل كامل، يُتوقع أن يُنتج 500,000 طن من الفحم سنويًا.

وكانت الديون المتراكمة، والإدارة غير الفعالة، إضافة إلى الظروف الأمنية في سيناء، دائمًا ما تعيق جهود إعادة التشغيل، وتظل المعدات في المنجم في حالة غير صالحة للاستخدام، ما يزيد من صعوبة إعادة تشغيل المنجم بكفاءة.

معدات استخراج الفحم

تحرك الحكومة نحو إعادة تشغيل منجم المغارة

وفي السنوات الأخيرة، أبدت الحكومة المصرية اهتمامًا متزايدًا بإعادة تشغيل المنجم، وهناك تفكير في استخدام الفحم كمصدر رئيسي للطاقة في العديد من محطات الكهرباء، خاصة في ضوء الحاجة المتزايدة للطاقة، ولكن رغم هذه المحاولات، لم يتم اتخاذ خطوات فعّالة على أرض الواقع.

ويبقى السؤال هل تشهد مصر شراكة مع شركات عالمية في استخراج الفحم مثل شركة جلينكور السويسرية أو شركة بيبودي إنرجي الأمريكية.

Short Url

showcase
showcase
search