«زيارة المليارات»، ترامب يعود بـ«قصر طائر» واستثمارات نفطية لشراء النفوذ العالمي!
الخميس، 15 مايو 2025 12:11 م

ترامب وزعماء دول الخليج
تحليل/ كريم قنديل
في عالم السياسة الدولية، قليلون فقط من القادة يجيدون المزج بين الحسابات الجيوسياسية والطموحات الاقتصادية كما يفعل دونالد ترامب.

فالرئيس الأمريكي منذ عودته إلى البيت الأبيض وهو أكثر اندفاعًا من أي وقت مضى لتحويل التحالفات الدولية إلى رافعة اقتصادية لبلاده، وجعل السياسة الخارجية امتدادًا لفلسفة أميركا أولًا بأسلوب صفقة القرن.
زيارته الأولى في ولايته الثانية إلى السعودية وقطر والإمارات ليست محض صدفة، بل تعكس حسابات دقيقة تتجاوز الدبلوماسية التقليدية، وتكشف عن أولويات اقتصادية واستراتيجية تتقاطع فيها المصالح مع الرهانات الجيوسياسية.
صفقات بمليارات الدولارات بين المال والسياسة
الاقتصاد الأمريكي اليوم يواجه تحديات بنيوية، في ظل تباطؤ النمو، وشبح الركود، وتزايد العجز التجاري، في هذا السياق، يعول ترامب على منطقة الخليج ليس فقط لضخ استثمارات ضخمة في السوق الأمريكي، بل أيضًا كدليل عملي على نجاح نهجه الاقتصادي القائم على الصفقات بدلًا من المعاهدات.
خلال ولايته الأولى، تفاخر بصفقات تخطت قيمتها 450 مليار دولار، بينها مبيعات أسلحة بـ110 مليارات مع السعودية، اليوم يرفع السقف، مستهدفًا صفقات تتجاوز تريليون دولار مع الرياض، إضافة إلى إطار استثماري بقيمة 1.4 تريليون دولار من الإمارات خلال عقد.
اقرأ أيضًا:
ترامب يبدأ أولى جولاته الخارجية فى ولايته الثانية من قلب الخليج (فيديو)
الإمارات والسعودية وقطر، ثلاثية خليجية تعيد تشكيل العلاقة مع واشنطن
بالنسبة لترامب، هذه الأرقام ليست مجرد دعاية، بل سلاح سياسي يبرر استمراره في فرض سياسات حمائية تجاه الصين، ويدعم موقفه داخليًا مستعيدًا شعبيته التي فقدها خلال سياسته التي تبنى فيها الرسوم الجمركية كسلاح عالمي لتحقيق أهدافه السياسية والمالية.

زيارة محملة بهدايا خليجية لا مثيل لها
ولكن في زيارته الأخيرة للخليج، عاد ترامب محملًا بهدايا خليجية تفوق الخيال، فموكب ترامب في قطر بلغت تكلفته حوالي 133 مليون جنيه تقريبًا، كما استقبل أمير قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني ترامب على سجادة حمراء، إلى جانب مرافقة موكب ترامب في شوارع الدوحة.
ولم تكتفي قطر بذلك، بل أهدت له طائرة خاصة من طراز "بوينج 747"، تبلغ قيمتها نحو 400 مليون دولار، الطائرة التي وُصفت بأنها "قصر طائر"، ليست نسخة عادية من طائرات "بوينج 747"، بل نسخة فاخرة جدرانها مطلية بالذهب.
ولم تكن السعودية بعيدة عن ذلك، حيث شهدت جولة ترامب توقيع صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار، وصفها البيت الأبيض بأنها أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تعهدت المملكة باستثمارات في الاقتصاد الأمريكي تفوق ال 600 مليار دولار خلال الفترة القادمة، مع إمكانية وصول تلك الاستثمارات إلى تريليون دولار.
اقرأ أيضًا:
التعاون النووي واتفاقيات مليارية.. ماذا تحوي جعبة ترامب خلال زيارته السعودية؟
ترامب يصل السعودية وولي العهد يستقبله في مستهل جولته الخليجية
الخليج كممول لحلول أمريكية في الشرق الأوسط
تستند رؤية ترامب للمنطقة إلى معادلة بسيطة، المال مقابل النفوذ، إذ يرى أن الثروات الخليجية يمكن أن تمول مشاريعه السياسية المثيرة للجدل، مثل إعادة إعمار غزة أو احتواء إيران، دون أن تتكبد واشنطن كلفة مباشرة.
اقتراحه المثير بإعادة توطين سكان غزة وتحويل القطاع إلى ريفيرا الشرق الأوسط يتطلب تمويلاً ضخمًا، يعول فيه على السعودية وقطر والإمارات، ويسعى أيضًا إلى إشراك هذه الدول في ملف تبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس، فيما تلعب قطر دور الوسيط بحكم استضافتها لأكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة.
في المقابل، تلوح واشنطن بورقة التهدئة في اليمن، وربما إحياء مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، هنا يظهر ترامب كلاعب شطرنج، يدير الأزمات بخيوط المال والوعود، باحثًا عن مكاسب آنية دون التورط عسكريًا.

الخليج وسيطًا دوليًا في زمن التعددية القطبية
بفعل موقعها الجيوسياسي وثرواتها، تحولت دول الخليج من مجرد حلفاء إقليميين إلى وسطاء دوليين في نزاعات كبرى، وتحديدًا السعودية، والتي نجحت في احتضان مفاوضات بين روسيا وأمريكا بشأن الحرب في أوكرانيا، بينما لعبت الإمارات دورًا مهمًا في صفقات تبادل أسرى بين موسكو وكييف.
في ظل تراجع فعالية أدوات الضغط الغربية على روسيا، وصعود الصين كقوة اقتصادية تنافس واشنطن على النفوذ في الخليج، وبات الحفاظ على علاقات قوية مع الرياض وأبوظبي والدوحة ضرورة استراتيجية للإدارة الأمريكية.
اقرأ أيضًا:
«شفافة ومجانية»، ترامب يؤكد استلام هدية قطر البديلة لـ «إير فورس وان» الرئاسية
استثمارات بالمليارات، الخليج يراهن على ماركة ترامب السياسية
ترامب بعين رجل الأعمال وفكر التجاريين، يرى أن هؤلاء الوسطاء يمكن أن يصبحوا شركاء في رسم النظام العالمي الجديد، طالما أن الثمن يُدفع بالدولار.
التطبيع مع إسرائيل من الرغبة إلى التأجيل
لا يخفي ترامب رغبته في تتويج ولايته الثانية باتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، استكمالًا لاتفاقيات أبراهام التي أُبرمت خلال رئاسته الأولى، لكن حرب غزة أوقفت الزخم، ودفعت السعودية للتأكيد مجددًا على شرط إقامة دولة فلسطينية كمدخل لأي علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.
رغم ذلك، تبقى الورقة على الطاولة، ويُتوقع أن يستغل ترامب جولته الخليجية لتوسيع دائرة التطبيع مع دول خليجية أخرى، مع تأجيل الملف السعودي إلى وقت أنسب سياسيًا، وإذا ما تحقق ذلك، فستكون له تداعيات استراتيجية تتجاوز الخليج إلى عموم العالم الإسلامي.

ترامب يفاوض بمنطق السوق لا بمنطق الدولة
زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات ليست زيارة مجاملة ولا بروتوكولًا رئاسيًا، بل مفاوضات علنية وصفقات سياسية واقتصادية يسعى من خلالها لتثبيت مقولة: "من يملك المال، يملك مفاتيح اللعبة".
إنها زيارة تخبرنا بالكثير عن كيف يفكر الرئيس الأمريكي، وكيف يرى الخليج، فبالنسبة له، العواصم الخليجية ليست فقط محاور استراتيجية، بل خزائن مفتوحة، يمكن من خلالها تأمين النفوذ الأمريكي عالميًا بثمن يُدفع نقدًا.
Short Url
من التحديات للفرص، 8 حلول تجعل المرأة شريك اقتصادي حقيقي
15 مايو 2025 04:19 م
«عودة تسلا إلى نادي التريليون» بين الحقائق القاتمة والحماسة السوقية الزائدة
15 مايو 2025 03:20 م
أوبك تلعبها بحذر، تثبيت توقعات الطلب على النفط رغم انخفاض النمو الاقتصادي العالمي
15 مايو 2025 02:03 م


أكثر الكلمات انتشاراً