التسوّق من خلف الشاشة، كيف تُعيد التجارة الإلكترونية رسم خريطة البيع بالتجزئة؟

الإثنين، 12 مايو 2025 12:39 ص

سوق التجزئة الإلكترونية

تحليل/ كريم قنديل

في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية، وتذوب فيه الحدود بين الواقع والافتراض، تبرز التجارة الإلكترونية كواحدة من أبرز الظواهر الاقتصادية التي تعيد تشكيل ملامح السوق العالمي، لم يعد التسوق مجرد رحلة إلى المتجر، بل تجربة رقمية متكاملة تبدأ من الهاتف وتنتهي على عتبة المنزل.

حجم سوق التجزئة الإلكترونية

مع اقتراب حجم سوق التجزئة الإلكترونية من حاجز الـ7 تريليونات دولار بحلول عام 2025، يتأكد أن التسوق لم يعد كما كان، في عالم ما بعد الجائحة، لم تعد الرفوف الممتلئة في المتاجر هي ما يجذب المستهلك، بل التجربة الرقمية السلسة التي تبدأ بنقرة وتنتهي بتوصيل إلى باب المنزل.

وفقًا لتقرير صادر عن Mordor Intelligence، من المتوقع أن تصل قيمة هذا السوق إلى 9.01 تريليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.23%.

أقرأ أيضًا:

بقيمة تتجاوز 2 تريليون دولار، «أمازون» تهيمن على مشهد التجارة الإلكترونية عالميًا

«تيمو للإلكترونيات» الصينية توقف عمليات الشحن المباشر لأمريكا بسبب الحرب الجمركية

من العزلة إلى الإدمان الرقمي

خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، تكيف المستهلكون بسرعة مع واقع جديد فرض نفسه، الشراء عن بُعد، لكن المفاجأة كانت في أن هذا التغيير المؤقت تحول إلى عادة دائمة.

ومع تخفيف القيود، لم يعد كثيرون يرون داعيًا للعودة إلى التسوق التقليدي، بل انغمسوا أكثر في تجربة الشراء الرقمي، مدفوعين بالراحة وتعدد الخيارات وتنافسية الأسعار.

8 من أهم النصائح لـ انشاء متجر الكتروني ناجح — **المتاجر الرقمية**

المتاجر الرقمية أم نظيرتها التقليدية؟

بينما تنمو مبيعات التجزئة الإلكترونية بنسبة مزدوجة، تتراجع نظيرتها في المتاجر التقليدية إلى نمو متواضع أو حتى انكماش، النتيجة؟ سباق تسلح رقمي تخوضه كبرى شركات البيع بالتجزئة، من خلال استثمارات ضخمة في التكنولوجيا وسلاسل التوريد الرقمية.

لم تعد المنافسة فقط على الأسعار، بل على تجربة المستهلك، وسهولة الاستخدام، وسرعة التوصيل، وحتى المحتوى الترفيهي عبر البث المباشر والتفاعل اللحظي.

أقرأ أيضًا:

الروبوت وطائرات "الدرون" يتحكمان في مستقبل التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية في مصر، 400 مليار جنيه خارج منظومة الضرائب

الموضة تقود القاطرة

في طليعة هذه الطفرة الرقمية، تتربع الموضة والأزياء على العرش، فقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وPinterest إلى صالات عرض افتراضية، تُمطر المتابعين بإلهام لا ينضب.

تضغط المؤثرات على زر نشر، فيتدفق الزوار نحو روابط الشراء، وتستجيب المنصات بإضافة خصائص ذكية، وسياسات استرجاع مرنة، وشحن فائق السرعة.

Picture background — **التجارة الإلكترونية**

آسيا حيث ينبض قلب التجارة الإلكترونية

لكن إن كان هناك لاعب يحسم المعركة، فهو بلا شك منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في هذه البقعة من العالم، حيث تتسارع وتيرة التمدن وارتفاع الدخول، تشهد التجارة الإلكترونية نموًا مذهلًا.

الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا تتصدر المشهد، مدفوعة بشركات عملاقة مثل علي بابا وJD.com وLazada، التي أطلقت العنان لمفاهيم تسويقية جديدة مثل التسوق عبر البث المباشر والألعاب التفاعلية.

بل إن الأمر تجاوز الحدود الوطنية، مع تطور الخدمات اللوجستية، أصبح المستهلك الآسيوي أكثر انفتاحًا على المنتجات والعلامات العالمية، مما يعزز من قوة التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، ويحول المنصات إلى أسواق عالمية مصغرة.

من يواكب ومن يتخلف؟

التحدي اليوم أمام المتاجر ليس فقط الدخول إلى الإنترنت، بل كيف تصنع تجربة رقمية فريدة، وتفهم احتياجات العميل المتغيرة، وتنافس عمالقة التكنولوجيا، ومع تزايد الطلب العالمي وتحول أنماط الاستهلاك، من المتوقع أن تتجاوز التجارة الإلكترونية جميع قنوات البيع الأخرى خلال السنوات المقبلة.

إن العالم بأسره يمر بلحظة تحول اقتصادي رقمي، لا تقل أهمية عن الثورة الصناعية، ولكن هذه المرة... من شاشة الهاتف المحمول.