من مصنع العالم إلى درس لأمريكا، كيف تفوقت الصين صناعيًا دون الاعتماد على التعريفات الجمركية؟
الأحد، 11 مايو 2025 12:56 م

الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الصيني بينغ
تحليل/ ميرنا البكري
تسعى إدارة ترامب لإحياء الصناعة في أمريكا من خلال فرض تعريفة جمركية على الدول التي تتداول معها. الصين (التي كانت واحدة من أكبر أهداف هذه التعريفات)، شهدت أكبر توسع صناعي في التاريخ، من الفقر حتى أصبحت أكبر دولة مصنعة ومصدرة في العالم خلال جيل واحد. ورغم التحديات الكثيرة التي تواجهها الصين، إلا إنها تمتلك دروس عديدة، قد تفيد أمريكا في تطوير صناعتها، سنوضح في هذا التحليل أبرز السياسات التي اتبعتها الصين لكي تصبح مصنع للعالم بأكمله.

الصين لم تقتصر على التعريفات الجمركية فقط في استراتيجيتها الصناعية
لم تعتمد الصين على استراتيجيات تقليدية مثل فرض التعريفات الجمركية لزيادة الإنتاج المحلي. بل اتبعت مجموعة من السياسات المختلفة مثل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ساعدت في نقل التكنولوجيا وتطوير المهارات، وأيضًا استخدمت التعريفات الجمركية كأداة من ضمن أدوات أخرى كثيرة لكن هذا ليس السبب السبب الوحيد خلف نموها الصناعي السريع.
اقرأ أيضًا:
ترامب وإعادة تشكيل خريطة الشحن العالمي بين أمريكا والصين
الصين تعتمد على خطط استراتيجية طويلة المدى تحقق نتائج قابلة للتنبؤ
لا تعتمد الصين على السياسات قصيرة المدى فقط، بل تخطط على المدى الطويل، فعندما تسعى الصين لتحقيق هدف معين، المستثمرين يسمعوا ويستجيبوا وينفذوا، كما إن الحكومة الصينية لديها خطط واضحة ويكون عندها نوع من الاستقرار والتوقعات للمستقبل.
الصين لم تعد تعتمد على التصدير كما في السابق
في أول 2000، كانت الصين تركز على التصدير لكي تكبر اقتصادها، لكن الآن الصين أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ومن غير الممكن أن تعتمد على التصدير بشكل مستمر، فعلى الرغم من إن التصدير كان له دور كبير في البداية، لكنها تركز أكثر الآن على الاستهلاك المحلي وتطوير السوق الداخلي.
الصين لم تعد تخفض قيمة عملتها لدعم صادراتها
الصين كانت تحافظ على عملتها ضعيفة لفترة طويلة لكي تزود الصادرات، بل ذلك تغير منذ حوالي 10 سنوات، حاليًا، الصين لا تضعف عملتها لكي تصدر أكثر، فمنذ 2015 بدأت الحكومة الصينية تدعم العملة بشكل أكبر، لكي تحافظ على استقرار الاقتصاد الداخلي وتمنع التقلبات الكبيرة.
الصين تهتم بالكفاءة الصناعية أكثر من تركيزها على خلق الوظائف
حاليًا، تهتم الصين بالكفاءة أكثر من خلق وظائف جديدة في القطاع الصناعي. رغم إن الأجور في الصين مازالت أقل بكثير من أمريكا، لكن الحكومة الصينية تركز أكتر على استخدام الأتمتة والتكنولوجيا الحديثة مثل الروبوتات والذكاء الصناعي لرفع كفاءة الإنتاج بدلًا من التركيز على توظيف ناس أكثر.
الصين تستثمر بقوة في البحث العلمي
لن تستثمر الصين في القطاع الصناعي فقط، بل أيضًا في البحث والتطوير (R&D)، حيث تمتلك الصين خطط لزيادة الإنفاق على البحث العلمي، ومن الواضح إنها ستتفوق على أمريكا في الإنفاق على الأبحاث العلمي. صحيح إن الإنفاق على البحث العلمي لا يُترجم دائمًا لإنتاج صناعي، لكن إذا استمرت الصين في هذا الاتجاه، قد تشكل تهديد كبير للتفوق التكنولوجي الأمريكي.

اقرأ أيضًا:
الصين والولايات المتحدة، سباق نحو السيطرة على النظام التجاري الجديد
دروس للولايات المتحدة، ما يمكن أن تتعلمه واشنطن
إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في تعزيز التصنيع المحلي وزيادة قدرتها الإنتاجية، فإن هناك العديد من الدروس التي يمكن أن تستفيد منها:
الاستثمار في العديد من الأدوات: الصين لم تعتمد فقط على الرسوم الجمركية، بل دمجت بين سياسات متعددة لتعزيز الصناعة المحلية. الولايات المتحدة يمكنها استخدام مزيج من السياسات مثل تشجيع الاستثمار الأجنبي، وتحسين البنية التحتية.
التخطيط طويل المدى: كما فعلت الصين، يجب على الولايات المتحدة وضع خطط طويلة المدى لدعم التصنيع المحلي، فهذا التخطيط يساعد في بناء بيئة اقتصادية ثابتة وجذب الاستثمارات.
تحسين الإنتاجية: على الولايات المتحدة أن تركز على زيادة الكفاءة الإنتاجية من خلال الاستثمار في الأتمتة والتكنولوجيا. التصنيع في المستقبل يجب أن يعتمد بشكل أكبر على رأس المال والتكنولوجيا بدلاً من القوى العاملة المكلفة.
ختامًا، الصين قدمت نموذج مثير في قدرتها على دعم التصنيع والنمو الاقتصادي دون الاعتماد على الرسوم الجمركية فقط، الولايات المتحدة يمكنها اتباع نفس السياسة، خصوصًا في استخدام مزيج ذكي من السياسات الاقتصادية، والتخطيط على المدى البعيد، والاستثمار في التكنولوجيا، وأيضًا دعم البحث والتطوير، فالنجاح الصناعي لن يأتي من فرض تعريفات جمركية فقط، بل من استراتيجية شاملة ومتنوعه تستطيع مواجهة التحديات واستغلال الفرص القادمة.
Short Url
المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين تستمر في جنيف وسط شد وجذب
11 مايو 2025 07:19 م
الكويت تبدأ مشروع الطاقة الكهربائية لإنتاج 4,800 ميجاوات في العام الحالي
11 مايو 2025 06:37 م
الألومنيوم يُشعل المنافسة، الصين والهند يتصدران والإمارات تُفاجئ السوق
11 مايو 2025 03:30 م


أكثر الكلمات انتشاراً