الخميس، 08 مايو 2025

07:35 م

أبوظبي والحوسبة الكمية، سباق نحو التفوّق ورسم قواعد جديدة

الخميس، 08 مايو 2025 05:55 م

الحوسبة الكمية

الحوسبة الكمية

كتب/ كريم قنديل

بينما تحتدم المنافسة العالمية في سباق الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي، تخرج أبوظبي من هامش المتابع إلى قلب الساحة، ليس فقط كمطور للتكنولوجيا، بل كمنظّم لها أيضًا، ففي قمة حوكمة التقنيات الناشئة، أطلقت العاصمة الإماراتية إشارة واضحة، أن التفوق التكنولوجي لا يكون فقط بالمعالجات السريعة، بل بالقواعد الذكية التي تضبط استخدامها.

التقدم التكنولوجي

خريطة طريق تتغير كل ستة أشهر

والحوسبة الكمية ستعيد كتابة القواعد، واضعةً بذلك عنوانًا صارخًا للمرحلة المقبلة، وبينما تمضي دولًا كثيرة في تطوير خطط طويلة الأجل، تعتمد الإمارات على خريطة طريق مرنة، تُراجع دوريًا كل ستة أشهر أو سنة، في اعتراف واقعي أن التكنولوجيا، تتقدّم بسرعة لا تسمح بتجميد الخطط.

وهذه المرونة لا تعني غياب الرؤية، بل تعكس إدراكًا عميقًا، بأن السباق نحو التفوق الكمي، يتطلب أكثر من مختبرات ومعالجات، إنه يتطلب قدرة على التكيف، على فهم السياق، وعلى تسريع الاستجابة التنظيمية.

 

من المصدر المفتوح إلى الثقة المفتوحة

اللافت أن الإمارات تراهن على الشفافية، لا الرقابة التقليدية، في عالم تتزايد فيه المخاوف من الذكاء الاصطناعي، تقول أبوظبي، افتحوا المصدر لنبني الثقة، وفي هذا السياق، أتاحت الإمارات، نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل فالكون للعامة، لتتم مراجعتها وتقييمها من قبل الجميع، لا أسرار ولا أبواب مغلقة.

وهذا التوجّه، يُحسب له بُعد اقتصادي أيضًا، فالثقة المجتمعية بالتقنيات، تعني تقبّلًا أكبر وسوقًا أوسع ووتيرة تبني أسرع، أي أنها تُحول الابتكار من تحدٍ تنظيمي إلى فرصة اقتصادية.

الحوسبة الكمية

 

فالكون من مختبر إلى منتج

نموذج فالكون، الذي بدأ كمشروع بحثي في TII، لم يُحبس داخل جدران المعهد، واختارت أبوظبي أن تسير على مسارين، تطوير النموذج علميًا، وتسويقه تجاريًا، وها هو فالكون اليوم، مدمج بحلولٍ متعددة الوسائط، يجري تحسينه باستمرار، ويُقدَّم كنموذجٍ للذكاء الاصطناعي التحليلي المنطقي، وهذا التحول من البحث إلى السوق، هو جوهر القيمة الاقتصادية للتكنولوجيا، فالإمارات لا تُنتج أفكارًا فقط، بل تُصدر حلولًا.

 

هل الحوكمة خطر أم فرصة ؟

خلافًا لما يُعتقد، إن التحدي الحقيقي ليس في الحوكمة، بل في نقص المعرفة العامة، فمعظم المخاوف تأتي من الجهل بكيفية عمل هذه الأنظمة، وهنا، تبرز أهمية التعليم والتوعية، كعنصر ثالث حاسم إلى جانب الابتكار والتنظيم.

وفي دعوة لافتة، يجب التنسيق العالمي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، ربما بقيادة الأمم المتحدة، شرط ألا تكون التشريعات سابقة لأوانها، بما يضر بالتطور الطبيعي للتقنية.

أبرز ما تريد معرفته عن الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

 

الإمارات مختبر عالمي للحوكمة الذكية

وحين نضع كل هذه المعطيات معًا، الاستثمار في البحث والتطوير، والشفافية التنظيمية، والنماذج مفتوحة المصدر، فالمرونة الاستراتيجية، يتّضح أن أبوظبي لا تسعى فقط للحاق بركب القوى التكنولوجية الكبرى، بل ترسم لنفسها دورًا مختلفًا، مختبرًا عالميًا لحوكمة التكنولوجيا، ومساحة تجريب لأطر تنظيمية، تدعم الابتكار ولا تكبله.

وفي خضم هذا السباق العالمي المحموم، لا يكفي أن تملك الحوسبة الكمية أو الذكاء الاصطناعي، بل أن تعرف كيف تنظمه، كيف تُشرك الناس فيه، وكيف تفتح أبوابك لاختبار ثقة العالم، هل تعيد أبوظبي رسم قواعد اللعبة؟ يبدو أن الجواب يقترب من نعم.

Short Url

showcase
showcase
search