الانعطافة التكنولوجية الكبرى، الابتكارات نحو رسم الخريطة الاقتصادية للعالم
الأربعاء، 07 مايو 2025 10:28 م

الذكاء الاصطناعي
كتب/ كريم قنديل
نحن لا نشهد مجرّد قفزات تكنولوجية، بل نعيش نقطة تحوّل ستُعيد تشكيل الاقتصادات والمجتمعات من الجذور، من الذكاء الاصطناعي إلى الحوسبة، ومن اللقاحات المخصصة إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تدخل البشرية عصرًا جديدًا، يشبه في تأثيره ما أحدثته الثورة الصناعية الأولى، لكن بسرعات تفوق الخيال.

الطب يتحوّل إلى صناعة دقيقة مخصصة للفرد
وفي قلب هذا التحول، تبرز الصناعة الطبية كمختبر حقيقي لما يمكن أن تفعله التكنولوجيا بالاقتصاد، فالقدرة على تحليل الجينات في دقائق، لا تعني فقط إنقاذ أرواح، بل تفتح الباب أمام اقتصاد العلاج الشخصي، حيث تُصمم الأدوية وفقًا لتركيبة كل مريض جينية.
هذا التحوّل سيعيد رسم خريطة شركات الأدوية، ويغير آليات التسعير، ويشجع استثمارات ضخمة في البنية التحتية للتكنولوجيا الحيوية.
الذكاء الاصطناعي المالي، ديمقراطية الاستثمار قادمة
وفي الأسواق المالية، تتراجع الحواجز بين المستثمر الخبير والمواطن العادي، مستشار مالي ذكي في هاتفك، يحلل الأسواق ويقترح استثمارات تناسب دخلك وخطتك الحياتية، فلم تعد هذه رفاهية، بل واقعََا جديدًا يعيد توزيع فرص الثروة، وهذا التوجه من شأنه أن يُقلل الفجوة بين الطبقات، إذا ما رافقته سياسات شمول مالي قوية، وبنية رقمية تضمن الوصول للجميع.

الحوسبة الكمومية، عندما تصبح المستحيلات فرصًا اقتصادية
ما تفعله الحوسبة الكمومية اليوم بالاقتصاد، يشبه ما فعله اكتشاف الكهرباء قبل قرن، من تحليل سلاسل التوريد العالمية إلى التنبؤ بالكوارث، تُفتح آفاقًا جديدةً للتخطيط الاقتصادي طويل الأمد، فالشركات التي كانت عاجزة عن نمذجة تأثير التغيّر المناخي أو اضطرابات الطاقة، باتت تمتلك أدواتٍ لتقليل المخاطر وتعظيم الفرص، أما الدول فستُقاس جاهزيتها بما تملكه من قدرات كمومية، واستثمار في الكفاءات القادرة على استخدامها.
المناخ والزراعة، ابتكارات تخلق أسواقًا جديدة
الابتكار الأخضر ليس فقط حلًا بيئيًا، بل محرّكٌ لنموٍ اقتصادي جديد، والمفاعلات الحيوية التي تمتص الكربون وتحوّله إلى طوب للبناء، تفتح أبوابًا لصناعات جديدة بالكامل، أما الزراعة الدقيقة، فتزيد الإنتاج وتقلل الهدر، ما يعني تحسين أمن الغذاء، ويخلق وظائفًا في الاقتصاد الريفي والرقمي على السواء.

منزل المستقبل، الطباعة ثلاثية الأبعاد تغيّر قواعد اللعبة
وعندما تُبنى المنازل في أيام وبتكلفة أقل بـ30%، فإننا لا نتحدث عن تقنية فقط، بل عن تحوّل اقتصادي في قطاع التشييد، فانخفاض الكلفة يعني زيادة العرض، وبالتالي تراجع أسعار السكن، وتحفيز حركة العمران، خصوصًا في البلدان النامية أو المتأثرة بالكوارث.
التوأم الرقمي، مدن تحاكي نفسها قبل أن تُبنى
تخيل مدينة تعرف مسبقًا أين ستحدث الأزمة المرورية أو الانقطاع الكهربائي، فالتوأم الرقمي لم يعد فكرة خيالية، في سنغافورة ومدن أخرى، بل بات يُستخدم لتقليل الهدر وتحسين الخدمات، مما يُترجم إلى كفاءة اقتصادية واستثمارات أكثر دقة وفعالية.
هل الاقتصاد مستعد للتغيير؟
ورغم هذه القفزات، تبقى الأسئلة الكبرى، هل البنية التحتية جاهزة؟ هل السياسات الحكومية تواكب التقدم؟ وهل نضمن ألا يترك ركب الابتكار نصف العالم خلفه؟ ، مع وجود 2.5 مليار إنسان خارج الشبكة، فإن العالم يواجه مفترق طرق، إما أن تُستخدم التكنولوجيا لسد الفجوات، أو تُعمّقها.

2025م ليس مجرد رقم، إنه بداية عصر اقتصادي جديد
الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والابتكار الأخضر، والتوأم الرقمية، كلها لم تعد أفكارًا من المستقبل، بل أدوات تصنع الحاضر، والشركات، والحكومات، والأفراد الذين يدركون هذا التحوّل اليوم، وسيكونون روادًا الاقتصاد العالمي غدًا.
السؤال لم يعد: متى يحدث التغيير؟ بل هل نحن مستعدون لقيادته؟
Short Url
من البطاريات للثورة الصناعية، من يلحق بسباق الطاقة؟
08 مايو 2025 05:16 م
قمة كوالالمبور، الصين توسع تحالفها الآسيوي – الخليجي في مواجهة أمريكا
08 مايو 2025 12:15 م
الاقتصاد تحت القصف، أرقام الهند وباكستان في مرمى التوتر
07 مايو 2025 04:25 م


أكثر الكلمات انتشاراً