الخميس، 01 مايو 2025

10:12 ص

امبراطور الشيكولاتة.. قصة نجاح ميلتون هيرشي من "تحت الصفر" للقمة

الخميس، 27 فبراير 2025 06:06 م

ميلتون هيرشي امبراطور الشيكولاتة

ميلتون هيرشي امبراطور الشيكولاتة

ندى ذهنـى

يُعد ميلتون هيرشي واحدًا من أبرز روّاد صناعة الشيكولاتة في العالم، وهو المؤسس لشركة هيرشي الشهيرة التي أصبحت علامة تجارية رائدة في هذا المجال.

 لم تكن رحلة ميلتون هيرشي نحو النجاح سهلة، فقد مرّ بالعديد من الإخفاقات قبل أن يحقق حلمه في بناء إمبراطورية الشيكولاتة، بفضل رؤيته الثاقبة وإصراره على التميز، تمكن من تطوير منتجات مبتكرة جعلت شيكولاتة هيرشي واحدة من أكثر الأنواع شهرةً وانتشارًا عالميًا.

البدايات.. طفل في عائلة مفككة

وُلد ميلتون سنافلي هيرشي في 13 سبتمبر 1857 في مقاطعة ديري بولاية بنسلفانيا الأمريكية، كانت عائلته من أصول ألمانية وسويسرية، وقد هاجرت إلى أمريكا في فترة شهدت تدفقًا كبيرًا للمهاجرين الأوروبيين بحثًا عن فرص أفضل.

 نشأ هيرشي في بيئة غير مستقرة، حيث كان والده كثير الترحال، يبحث عن فرص عمل جديدة دون استقرار، تسبب هذا في مشاكل عائلية أدت إلى انفصال والديه، ليعيش هيرشي مع والدته في لانكستر بولاية بنسلفانيا.

لم تكن حياة هيرشي الدراسية موفقة، فقد التحق بثماني مدارس مختلفة قبل أن يترك التعليم نهائيًا في الصف الرابع، ولم يكن من الطلاب المميزين، لكنه كان يملك روحًا عملية قادته فيما بعد إلى عالم ريادة الأعمال، وبدأ حياته العملية كمساعد لمحرر في صحيفة ناطقة بالألمانية، لكنه لم ينجح في هذا العمل، ليُطرد عام 1871 وهو في الرابعة عشرة من عمره.

اكتشاف شغفه في صناعة الحلويات

بعد فشله في العمل الصحفي، قررت والدته إرساله إلى متجر للحلويات في لانكستر، حيث بدأ التدريب على صنع الحلوى، هنا، اكتشف ميلتون هيرشي شغفه الحقيقي بصناعة الحلويات، وأمضى أربع سنوات يتعلم أسرار المهنة، وأصبح لديه طموح في أن يكون له مشروعه الخاص، فاقترض 150 دولارًا من عمه وأسس متجرًا للحلويات في فيلادلفيا عام 1876، لكنه لم يحقق أي نجاح يُذكر خلال ست سنوات، مما اضطره إلى إغلاق المشروع.

لم يستسلم هيرشي، بل بدأ رحلة في البحث عن سر نجاح صناعة الحلويات، متنقلًا بين مدن أمريكية مختلفة مثل نيويورك وشيكاغو ونيو أورليانز، حيث عمل في عدة متاجر حلويات، محاولًا فهم تقنيات الإنتاج وتحسين مهاراته، وأخيرًا، توصل إلى مفتاح النجاح وهو استخدام الحليب الطازج في صناعة الحلوى، مما أحدث فارقًا كبيرًا في جودة المنتج.

لانكستر كراميل هيرشي

النجاح الأول: لانكستر كراميل

بعد سنوات من المحاولات الفاشلة، قرر هيرشي العودة إلى بنسلفانيا عام 1886 وبدء مشروع جديد، مستفيدًا من خبرته الطويلة، فأسس شركة لانكستر كراميل، وبدأ في صناعة حلوى الكراميل بالحليب الطازج.

 هذه المرة، لاقت منتجاته إعجاب الناس بسرعة، وازداد الطلب عليها، وجاءت نقطة التحول عندما تعاقد أحد المستوردين البريطانيين معه لشراء كميات كبيرة من حلوى الكراميل، ما وفر له أرباحًا ضخمة مكنته من توسيع شركته وسداد ديونه.

في غضون سنوات قليلة، أصبحت "لانكستر كراميل" واحدة من أكبر شركات الحلويات في أمريكا، حيث وظفت مئات العمال وأنتجت كميات هائلة من الحلوى، ولكن رغم النجاح، بدأ هيرشي يدرك أن مستقبل صناعة الحلويات يكمن في الشوكولاتة وليس الكراميل.

شيكولاتة هيرشي

التحول الكبير: تأسيس إمبراطورية هيرشي للشيكولاتة

في عام 1900، قرر هيرشي بيع شركته "لانكستر كراميل" مقابل مليون دولار – وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت – وركز جهوده بالكامل على صناعة الشيكولاتة.

 اشترى معدات متطورة واستورد التقنيات الأوروبية لتطوير إنتاج الشيكولاتة بالحليب، ليصبح واحدًا من أوائل الصناعيين الذين أتقنوا هذه التقنية في الولايات المتحدة.

في عام 1903، بدأ هيرشي ببناء مصنع ضخم للشيكولاتة في مسقط رأسه في ديري، بنسلفانيا، وحوّل المنطقة إلى مجتمع صناعي متكامل أطلق عليه لاحقًا "مدينة هيرشي".. لم يكن المصنع مجرد منشأة إنتاج، بل كان نواة لمدينة متكاملة توفر مساكن للعمال، ومدارس لأطفالهم، وحدائق ومنتزهات، وحتى وسائل ترفيه.

في عام 1905، بدأ المصنع إنتاج هيرشي بار، الذي أصبح علامة تجارية عالمية، ومن هناك، أطلقت الشركة العديد من المنتجات الناجحة مثل هيرشي كيسز في 1907 وهيرشي مع اللوز في 1925.

شيكولاتة هيرشي

هيرشي والشيكولاتة في الحرب العالمية

خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت شركة هيرشي شريكًا استراتيجيًا للجيش الأمريكي، حيث طُلب منها إنتاج شوكولاتة خاصة للجنود تحت اسم "Ration D Bar"، وهي شيكولاتة مغذية مقاومة للحرارة توفر طاقة عالية للجنود في الميدان، بين عامي 1941 و1945، أنتجت الشركة أكثر من مليار قطعة شيكولاتة للجيش.

لاحقًا، طورت الشركة نوعًا آخر من الشيكولاتة المقاومة للحرارة بدرجة تصل إلى 120 فهرنهايت، والتي زُوّد بها الجنود في البيئات الحارة، وصلت منتجات هيرشي إلى الفضاء عام 1971 عندما تم اختيارها كجزء من إمدادات رواد الفضاء في مهمة أبولو 15.

إرث ميلتون هيرشي: رجل الأعمال الخيّر

لم يكن ميلتون هيرشي مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان أيضًا من أكثر الصناعيين اهتمامًا بالعمل الخيري، ففي عام 1909، أنشأ مدرسة هيرشي الصناعية للأيتام، وهى مؤسسة تعليمية لا تزال تقدم فرصًا تعليمية للأطفال حتى اليوم، وعند وفاته عام 1945، ترك معظم ثروته للمؤسسة، ما جعلها واحدة من أغنى المؤسسات الخيرية في أمريكا.

من طفل فقير إلى اسم عالمي في عالم الشيكولاتة

ميلتون هيرشي هو مثال حي على أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل مجرد خطوة على طريق النجاح، حيث إنه بعد سنوات من الإخفاقات استطاع أن يؤسس واحدة من أكبر شركات الشيكولاتة في العالم، ويحول اسمه إلى علامة تجارية خالدة، ولم يكتفِ ببناء شركة، بل بنى مدينة تحمل اسمه، وترك إرثًا إنسانيًا لا يقل أهمية عن إنجازاته الصناعية.

اليوم، تواصل شركة هيرشي التوسع عالميًا، حيث تحقق مليارات الدولارات سنويًا، وتظل شيكولاتة هيرشي واحدة من أكثر العلامات التجارية المحبوبة في العالم.

Short Url

search