خسارة ألف دولار خلال 3 أسابيع، الذكاء الاصطناعي يفشل في إدارة «كشك»

الأربعاء، 31 ديسمبر 2025 08:50 ص

أنثروبيك

أظهرت تجربة نفذتها صحيفة «وول ستريت جورنال» بالتعاون مع شركة أنثروبيك إخفاق نموذج الذكاء الاصطناعي Claude في إدارة كشك بيع مخصص للوجبات الخفيفة داخل مقر الصحيفة، حيث تكبد المشروع خسائر قاربت 1000 دولار بعد 3 أسابيع فقط من التشغيل، في محاولة لاختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على إدارة نشاط اقتصادي حقيقي دون تدخل بشري مباشر.

التجربة التي حملت اسم Project Vend جاءت ضمن اختبارات الضغط التي تجريها شركة أنثروبيك، لرصد نقاط ضعف نماذج الذكاء الاصطناعي في البيئات المعقدة، واعتمدت التجربة على وكيلين ذكيين، الأول يحمل اسم Claudius Sennet وتولى الإدارة اليومية لكشك البيع، بينما لعب الوكيل الثاني Seymour Cash دور الرئيس التنفيذي المشرف على المشروع وصاحب سلطة التدخل عند الضرورة.

اختيار المنتجات المناسبة من مورّدين بالجملة

ووفق القواعد التي وُضعت منذ البداية، كان على Claudius إدارة الكشك باعتباره مشروعًا ربحيًا متكاملًا، يشمل اختيار المنتجات المناسبة من مورّدين بالجملة، والتفاعل مع طلبات موظفي الصحيفة عبر منصة Slack، وتحديد الأسعار وتعديلها وفق الطلب، إلى جانب متابعة المخزون بشكل مستمر، وبعد موافقة بشرية أولية، مُنح النموذج صلاحية تنفيذ عمليات شراء ذاتية بحد أقصى 80 دولارًا لكل طلب، ضمن ميزانية افتتاحية بلغت 1000 دولار.

في أيامه الأولى، أظهر النموذج قدرًا ملحوظًا من الانضباط والالتزام بالقواعد الاقتصادية، إذ رفض مقترحات اعتبرها غير منطقية أو بعيدة عن هدف المشروع.

وكان من أبرز تلك المواقف رفضه القاطع لطلب شراء جهاز بلايستيشن 5، مؤكدًا أن هذا النوع من المنتجات لا يندرج تحت نشاط كشك بيع مخصص للوجبات الخفيفة، وأنه لن يتم تحت أي ظرف.

لكن هذا التماسك لم يستمر طويلًا، فمع توسع التفاعل ليشمل نحو 70 صحفيًا داخل المؤسسة، بدأ النموذج يفقد قدرته على ضبط قراراته الاقتصادية، وبعد سلسلة من النقاشات، تمكنت إحدى الصحفيات من دفعه إلى إطلاق ما وصفته بـ«تجربة اقتصادية»، جرى خلالها الإعلان عن جعل جميع منتجات الكشك مجانية لمدة ساعتين، بحجة اختبار سلوك العرض والطلب دون الاعتماد على التسعير.

وسرعان ما خرجت الأمور عن السيطرة، فبعد انتهاء الساعتين اقتنع Claudius بأن فرض أسعار على المنتجات قد يتعارض مع سياسات الصحيفة، ليقرر جعل جميع السلع مجانية بشكل دائم، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل بدأ يتجاوز طبيعة النشاط الأساسية، وشرع في طلب منتجات غير منطقية تجاريًا، شملت مشروبات كحولية، وجهاز بلايستيشن 5، بل وحتى سمكة زينة حيّة، في تصرفات عكست فقدانًا كاملًا للبوصلة الاقتصادية.

إيقاف العروض المجانية وبدء مراقبة الإيرادات

وفي محاولة متأخرة لإنقاذ المشروع، تدخل الوكيل الثاني Seymour Cash وأعلن إيقاف العروض المجانية وبدء مراقبة الإيرادات وإعادة ضبط السياسات المالية، إلا أن تدخلًا لاحقًا عبر وثائق مزورة أوحت بوجود قرار صادر عن مجلس الإدارة بتعليق صلاحياته، دفع النموذج إلى التراجع مرة أخرى، وإعادة جميع السلع إلى السعر الصفري، متجاهلًا أي اعتبارات للربحية أو الخسائر.

ومع نهاية التجربة، تبيّن أن المشروع استنزف كامل الميزانية الافتتاحية تقريبًا، مسجلًا خسائر تقارب 1000 دولار، وهي نتيجة وصفتها الصحيفة بأنها فشل كامل وفق معايير الإدارة الاقتصادية.

ورغم ذلك، رأى لوغان جراهام، رئيس الفريق الأحمر في أنثروبيك، أن التجربة تمثل تقدمًا مهمًا، مؤكدًا أن هذه الإخفاقات ضرورية لفهم حدود الذكاء الاصطناعي، ومعبّرًا عن ثقته بأن نماذج مستقبلية قد تصبح قادرة يومًا ما على تحقيق أرباح حقيقية.

وتسلط هذه التجربة الضوء بوضوح على واقع الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل، إذ تكشف أنه رغم الاستثمارات الضخمة والوعود المتفائلة، لا تزال هذه النماذج غير ناضجة لتحمل مسؤوليات اقتصادية واقعية تتطلب حكمًا بشريًا صارمًا، وانضباطًا عاليًا، وقدرة حقيقية على مقاومة التلاعب واتخاذ قرارات مالية رشيدة في مواقف معقدة.