أمريكا تتجه نحو الجيل السادس لفرض الهيمنة التكنولوجية (تفاصيل)

الخميس، 25 ديسمبر 2025 01:23 م

الجيل السادس

كشفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن النطاقات الترددية التي تعتزم الولايات المتحدة الاعتماد عليها في خدمات الجيل السادس للاتصالات 6G، وهي التقنية التي يُتوقع أن تبدأ مراحلها التجارية الأولى مع مطلع العقد المقبل، وتحديدًا بحلول عام 2030، في إشارة واضحة إلى تصاعد سباق السيطرة على تكنولوجيا الاتصالات المستقبلية.

ويعود الاهتمام الأمريكي المبكر بالجيل السادس إلى فبراير 2019، عندما أثار ترامب جدلًا واسعًا بتصريح علني دعا فيه إلى تسريع الوصول إلى تقنيات 5G و6G، معتبرًا أنها تمثل مستقبلًا أسرع وأكثر قوة وذكاءً لشبكات الاتصالات، ورغم الانتقادات التي وُجهت آنذاك لهذا الطرح، فإن التطورات الحالية تشير إلى أن واشنطن تسير بالفعل في الاتجاه ذاته الذي يتبناه العالم اليوم لتطوير شبكات الجيل المقبل، وفقًا لما أورده موقع “PhoneArena”.

العمود الفقري المستقبلي لشبكات الجيل السادس

وبحسب مذكرة رئاسية حديثة وقعها ترامب خلال الأسبوع الماضي، وضعت الإدارة الأمريكية إطارًا واضحًا لاستراتيجية 6G، مؤكدة سعيها لضمان ريادة الولايات المتحدة في تطوير ونشر هذه التقنية، وحددت المذكرة ثلاثة نطاقات ترددية رئيسية ترى أنها تمثل العمود الفقري المستقبلي لشبكات الجيل السادس، تشمل نطاقات بين 7.125 و7.4 جيجاهرتز، و2.69 إلى 2.9 جيجاهرتز، إضافة إلى نطاق 4.4 إلى 4.94 جيجاهرتز.

وتضمنت المذكرة توجيهات بإعادة توطين الأنظمة الفيدرالية العاملة حاليًا ضمن بعض هذه النطاقات، ولا سيما نطاق 7.125 إلى 7.4 جيجاهرتز، تمهيدًا لإتاحته بالكامل للاستخدام التجاري في خدمات 6G، وألزمت الجهات الفيدرالية المختصة بتقديم خطط واضحة لإعادة التوطين خلال فترة لا تتجاوز 12 شهرًا، مع التشديد على عدم الإخلال بمتطلبات الأمن القومي الأمريكي.

ولا يقتصر التحرك الأمريكي على الجوانب التقنية والتنظيمية فحسب، بل يمتد إلى الساحة الدبلوماسية، إذ كلفت المذكرة وزير الخارجية ماركو روبيو ومسؤولين آخرين بالعمل على تعزيز النفوذ الأمريكي في ملف الجيل السادس عبر القنوات الدولية، وتهدف هذه الخطوة إلى ترسيخ الدور القيادي للولايات المتحدة في صياغة معايير وتقنيات 6G عالميًا، في مواجهة منافسة متصاعدة من قوى تكنولوجية كبرى.

وترى الإدارة الأمريكية أن شبكات الجيل السادس تمثل البنية التحتية الأساسية لموجة جديدة من التقنيات المتقدمة، تشمل الذكاء الاصطناعي المتقدم، والروبوتات، والتقنيات القابلة للزرع داخل جسم الإنسان، إلى جانب تطبيقات مستقبلية تعتمد على سرعات فائقة وزمن استجابة شبه صفري وسعات بيانات غير مسبوقة.

ولفتت تقارير بحثية، من بينها تقرير لمؤسسة New Street Research، إلى أن خطط واشنطن لا تمنح نطاق CBRS اهتمامًا يُذكر ضمن استراتيجية 6G، ويعكس هذا التجاهل، بحسب المؤسسة، رغبة الإدارة في الإبقاء على هذا النطاق لاستخداماته الحالية، خاصة من قبل شركات الكابل وخدمات الاتصالات اللاسلكية المشتركة مع الجيش الأمريكي.

ويأتي ذلك رغم مقترحات سابقة قدمتها شركة AT&T لنقل نطاق CBRS من تردده الحالي عند 3.5 جيجاهرتز إلى نطاق يتراوح بين 3.1 و3.3 جيجاهرتز، وهو مقترح حظي بدعم وزارة الدفاع الأمريكية بهدف تحرير مساحة أكبر من طيف النطاق المتوسط وطرحها في مزادات لشركات الاتصالات.

تعزيز الهيمنة الأمريكية في مجالات التكنولوجيا

وتندرج هذه التحركات ضمن رؤية أوسع تتبناها إدارة ترامب لتعزيز الهيمنة الأمريكية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، ووقع الرئيس الأمريكي خلال الفترة الماضية عدة أوامر تنفيذية تستهدف دعم الابتكار العلمي والتكنولوجي، إلى جانب قطاعات مستقبلية أخرى مثل الطيران فائق السرعة.

وبينما لا تزال تقنيات الجيل السادس في مرحلة التخطيط والتطوير على مستوى العالم، يبدو أن واشنطن اختارت حجز موقع متقدم في هذا السباق مبكرًا، واضعة إدارة الطيف الترددي في قلب استراتيجيتها للريادة التكنولوجية في السنوات المقبلة.