«أبل» تراهن على «سيري» بالنسخة الأكثر تطورًا في سباق الذكاء الاصطناعي

الخميس، 18 ديسمبر 2025 10:30 ص

شركة أبل

تستعد شركة “أبل” لدخول واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخها، لكن الرهان هذه المرة لا يرتبط بإطلاق هاتف أو جهاز ثوري، بل بإعادة تقديم مساعدها الصوتي “سيري” في نسخة يُفترض أن تكون الأكثر تطورًا منذ ظهوره الأول، وبحلول عام 2026، ستجد الشركة نفسها أمام اختبار حقيقي لمكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي الذي يتسارع بوتيرة غير مسبوقة.

إطلاق جيل جديد من “سيري” يتمتع بقدرات أعلى

بعد سنوات من الابتعاد عن صدارة المشهد، وعدت “أبل” المستثمرين بإطلاق جيل جديد من “سيري” يتمتع بقدرات أعلى على الفهم والتفاعل الشخصي، في محاولة لتعويض الفجوة التي اتسعت منذ الطفرة التي أحدثها “شات جي بي تي” أواخر عام 2022، غير أن اللافت أن الشركة، المعروفة بسياساتها الصارمة في السرية، اضطرت هذه المرة إلى الاعتراف بتأجيل المشروع، بعدما كان مقررًا إطلاقه خلال 2025 قبل ترحيله إلى العام التالي.

هذا التأجيل جاء في وقت تزداد فيه الضغوط التنافسية، إذ اعتاد المستخدمون اليوم على محادثات طبيعية ومتقدمة مع نماذج مثل “شات جي بي تي” و”كلود” و”جيميني”، ما يضع “أبل” أمام تحدٍ مزدوج: استعادة الثقة في “سيري”، ومجاراة توقعات سوق بات أكثر نضجًا وصرامة، ورغم تأكيد تيم كوك أن العمل على النسخة الجديدة يحقق تقدمًا ملحوظًا، فإن سقف التوقعات بات أعلى من أي وقت مضى.

ورغم الأداء القوي لسهم “أبل” منذ بداية 2025 بدعم من نجاح آيفون 17، إلا أن المقارنة مع منافسين مثل “جوجل” تظل حاضرة بقوة، والأخيرة عززت موقعها في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي بفضل نماذجها المتقدمة ورقائقها الخاصة، وهو ما انعكس على أداء سهمها بشكل لافت، في حين ما زالت “أبل” تُتهم بالتأخر في هذا المضمار.

في وادي السيليكون، لم يتوقف سباق الإطلاقات طوال العام، إذ كشفت “OpenAI” عن إصدارات جديدة لتوليد الفيديو، ووسعت “أنثروبيك” قدرات “كلود”، فيما أعادت “أمازون” تطوير “إليكسا”، ودفعت “مايكروسوفت” بمفهوم وكلاء الذكاء الاصطناعي القادرين على العمل لفترات طويلة، في المقابل، اكتفت “أبل” بحزمة “Apple Intelligence” التي أطلقتها في 2024، والتي تضمنت مزايا محدودة نسبيًا، وواجه بعضها انتقادات دفعت الشركة إلى تعطيلها مؤقتًا.

مدى حساسية ملف الذكاء الاصطناعي لدى أبل

وعكست التغييرات الإدارية الأخيرة مدى حساسية ملف الذكاء الاصطناعي لدى “أبل”، مع الإعلان عن تقاعد رئيس استراتيجية الذكاء الاصطناعي وتوزيع صلاحياته، إلى جانب استقطاب اسم بارز من خارج الشركة، في خطوة فُسرت على نطاق واسع بأنها رسالة طمأنة موجهة للمستثمرين، تؤكد جدية الشركة في إعادة ترتيب أوراقها.

وعلى عكس منافسيها الذين ضخّوا مئات المليارات في مراكز البيانات والرقائق المتخصصة، لا تزال “أبل” متمسكة بنهجها المحافظ، معتمدة على رقائق من تصميمها الخاص، ومقدمة الخصوصية كأولوية استراتيجية، ويبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى اعتمادها مستقبلًا على شركاء خارجيين لتشغيل “سيري” الجديد، في ظل صعوبة إبرام صفقات استحواذ كبرى في سوق تتضخم فيه التقييمات بشكل غير مسبوق.

حتى الآن، لم ينعكس هذا التأخر على مبيعات آيفون، ولا تزال “أبل” تحتفظ بهيمنتها على سوق الهواتف الذكية، لكن داخل أروقة الشركة، يسود إدراك متزايد بأن الذكاء الاصطناعي قد يعيد رسم مستقبل الأجهزة بالكامل، وأن نافذة الفرصة، رغم ضيقها، لا تزال مفتوحة، والشرط الوحيد لنجاح هذا الرهان هو أن يصل “سيري” الجديد بمستوى أداء لا يترك مجالًا للأعذار أو التبريرات.