الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

04:17 م

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026، ارتفاع الأسعار يهدد مستقبل صناعة النشر المصرية

الأربعاء، 17 ديسمبر 2025 02:27 م

معرض القاهرة الدولي للكتاب

معرض القاهرة الدولي للكتاب

مي المرسي

مع اقتراب الدورة الـ57 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، المقرر انعقادها في يناير 2026، تتصاعد المخاوف حول ارتفاع غير مسبوق في أسعار إيجارات الأجنحة، هذه الأزمة المتكررة، التي بدأت منذ جائحة كورونا ولم يتم التعامل معها بشكل جذري، تهدد استدامة صناعة الكتاب في مصر، في وقت تواجه فيه دور النشر صعوبات متزايدة على صعيد تكاليف الإنتاج وتراجع القدرة الشرائية للجمهور.

ارتفاعات غير مسبوقة

 الزيادات الأخيرة التي أعلنت عنها الهيئة المصرية العامة للكتاب تراوحت بين 60% و250% مقارنة بالدورة السابقة، ما يمثل عبئًا ماليًا هائلًا على الناشرين، خصوصًا الصغار منهم والمتوسطين، ويثير تساؤلات حول قدرة المعرض على الحفاظ على مكانته الثقافية دون أن تتحول فعاليته إلى منصة تجارية بحتة.

ارتفاع أسعار الورق والطباعة يمثل أحد أهم محركات هذه الأزمة، حيث شهد السوق المصري ارتفاعات حادة منذ عام 2022، إذ قفز سعر طن الورق المحلي من عشرة آلاف جنيه إلى نحو 58 ألف جنيه، بينما ارتفع سعر الورق المستورد من 600 إلى 1,400 دولار للطن، أي بنسبة تجاوزت 250% خلال عامين فقط، وفق ما أعلنه اتحاد الناشرين حينها، وعلى الرغم من بعض الاستقرار النسبي في عام 2024، حيث استقر السعر المحلي عند 45 ألف جنيه للطن، إلا أن الأسعار قفزت مجددًا في 2025 بنسبة تقارب 40%، لتتراوح أسعار الطن المحلي بين 27 و34 ألف جنيه، فيما تجاوزت الأسعار المستوردة 40 ألف جنيه للطن، رغم انخفاض الأسعار عالميًا بنسبة 20 ـ 25% خلال نفس الفترة.

هذا الوضع أجبر دور النشر على تقليص عدد الإصدارات والنسخ المطبوعة، كما دفع البعض إلى البحث عن أسواق بديلة خارج مصر، مثل الإمارات وقطر والسعودية والعراق والأردن، سعيًا لتجنب الخسائر المرتبطة بالارتفاعات المستمرة في تكاليف الإنتاج، ويُقدر حجم الاستهلاك السنوي للورق في مصر بحوالي 500 ألف طن، بينما لا يتجاوز حجم الإنتاج المحلي 200 ألف طن، ما يجعل السوق المحلي شديد الاعتماد على الاستيراد، خاصة من دول شمال شرق آسيا، وبالطبع أكثر تأثرًا بالتقلبات العالمية في الأسعار والطاقة.

أما أسعار إيجارات الأجنحة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، فقد شهدت الدولة الجاري استعدادها ارتفاعات قياسية، وفق ما تم الإعلان عنه من قبل وزارة الثقافة المصرية، فإن  تكلفة الاشتراك لمساحة 9 أمتار مربعة بلغت تقريبًا 24,300 جنيه، بينما وصلت مساحة 18 مترًا مربعًا إلى 52,650 جنيهًا، ومساحة 27 مترًا مربعًا إلى 85,050 جنيهًا.
 وشهدت  الأجنحة الأكبر زيادات أكبر، فمساحة 36 مترًا مربعة تصل إلى 121,500 جنيه، و45 مترًا مربعة إلى 162,000 جنيه، و54 مترًا مربعة إلى 206,550 جنيهًا، و63 مترًا مربعة إلى 255,150 جنيهًا، وصولًا إلى 117 مترًا مربعة التي تتجاوز تكلفتها 631,800 جنيه، علاوة على ذلك، حُدد سعر المتر المربع للأجنحة المميزة بـ6,000 جنيه، مع زيادة بنسبة 100% للمساحات الأكبر من 117 مترًا مربعًا، وهو ما يعكس عبئًا ماليًا كبيرًا على الناشرين الصغار الذين يسعون للمشاركة بمساحات محدودة.

وبالنظر إلى الأسعار على مدار السنوات الماضية يوضح حجم الضغوط المتراكمة على الناشرين، ففي دورتي 2021 و2022، حافظت الهيئة على سعر المتر الواحد عند 1,200 جنيه للناشرين المصريين، ما شكل دعمًا مباشرًا لتخفيف الأعباء بعد تبعات جائحة كورونا، أما في دورة 2023، فقد شهدت أول موجة زيادة فعلية، مع التحول إلى التسعير بالدولار بالنسبة للناشرين العرب والأجانب، حيث بلغ سعر جناح 9 أمتار نحو 1,110 دولار، بينما تراوحت الأسعار للمساحات الأكبر بين 131 و141 دولارًا للمتر، واستمرت الزيادة في الدورة التالية 2024، لتصل تكلفة جناح 9 أمتار للناشرين المصريين إلى 13,500 جنيه، مع زيادة نسبتها 50% للمساحات الأكبر من 36 مترًا مربعًا، وهو ما دفع الناشرين إلى إعادة النظر في حجم مشاركتهم ومخططاتهم للطباعة.

في دورة 2025، ارتفع سعر جناح 9 أمتار إلى 16,605 جنيه، بينما بلغ جناح 18 مترًا 33,210 جنيه، مع استمرار ارتفاع الأسعار للمعارض الأكبر، أما الدورة الحالية 2026، فقد شهدت زيادة حادة لتصبح تكلفة جناح 9 أمتار مربعة 24,300 جنيه، أي ارتفاع بنسبة 60% تقريبًا عن الدورة السابقة، في حين وصل جناح 18 مترًا مربعًا إلى 52,650 جنيه، بزيادة تقارب 67%، فيما تجاوزت بعض المساحات الأكبر الضعف مقارنة بالدورات الماضية، مما يضع تحديات ضخمة أمام الناشرين للحفاظ على توازن ميزانياتهم.

ارتفاع الأسعار لم يقتصر على إيجارات الأجنحة فقط، بل انعكس على أسعار الكتب، إذ أدى ارتفاع تكاليف الورق والطباعة وإيجارات الأجنحة إلى زيادة أسعار البيع النهائي للكتاب، مما يقلل القدرة الشرائية للجمهور، ويضعف الطلب على القراءة، خصوصًا في ظل تضخم متزايد وأزمات اقتصادية حادة أثرت على سلوك المستهلكين، كما أن ارتفاع التكاليف أدى إلى خروج العديد من الناشرين من السوق، أو تقليص حجم إنتاجهم، وهو ما يهدد التنوع الثقافي الذي كان يتميز به المعرض سنويًا.

5.5 مليون زائر في الـ56 عام 2025

بالرغم من هذه الضغوط، يواصل المعرض تحقيق أرقام قياسية في عدد الزوار، فقد سجلت الدورة الـ56 عام 2025 حوالي 5.5 مليون زائر، مقارنة بنحو 4.8 مليون زائر في 2024، وأكثر من 3.5 مليون زائر في 2023، هذا النمو الكبير في أعداد الزوار لا يعكس بالضرورة زيادة في المبيعات الفعلية للكتب، إذ تشير البيانات إلى أن جزءًا كبيرًا من الزوار يقتصر على حضور المعرض للتنزه أو تناول الطعام، بينما تقل نسبة الشراء الفعلي للكتب.

الأرقام والتحليلات السابقة توضح أن سوق النشر المصري يواجه أزمة مالية هيكلية تتفاقم عامًا بعد عام، نتيجة ارتفاع تكاليف الورق والطباعة وأسعار إيجارات الأجنحة، ما يهدد استدامة المعرض كمنصة ثقافية، ولإنقاذ صناعة النشر، هناك حاجة عاجلة لتدخل هيكلي من الدولة والهيئة العامة للكتاب، من خلال خفض تكاليف الأجنحة وتقديم دعم للناشرين، وتطوير آليات التوزيع والنشر الرقمي، بما يضمن استمرار صناعة الكتاب كمكون أساسي للقوة الناعمة المصرية والحفاظ على مكانة معرض القاهرة الدولي للكتاب في المنطقة العربية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search