أزمة سلسلة القيمة العالمية، ارتفاع تكاليف الديون والهروب العاجل للشركات من الصين
السبت، 06 ديسمبر 2025 10:07 ص
سلع استهلاكية سريعة التداول
ميرنا البكري
تشهد سلاسل القيمة العالمية تحولا جذريا غير مسبوق، مدعوما بتصاعد المخاطر الجيوسياسية التي أصبحت المُحرك الأبرز للاستراتيجيات الاقتصادية، كما تواجه السلع الاستهلاكية سريعة التداول (FMCG) مجموعة تحديات بدءًا من ارتفاع وتيرة الصراعات العسكرية وصولًا إلى السياسات التجارية الأمريكية (الرسوم الجمركية) التي أدت إلى ارتفاع كارثي في التعريفات الجمركية الأمريكية على السلع المستوردة من 3.3% في عام 2024 لـ 22.4% في عام 2025.
سببت السياسة التجارية الجديدة الخاصة بأمريكا عدة نتائج سلبية، فارتفعت تكاليف التوريد والإنتاج بشكل جنوني، وإذا استمر التصاعد في التعريفات الجمركية، فقد يخسر العالم حوالي 4.4 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2025 لـ 2026 بحسب تقرير الـ Euromonitor.
نوضح في هذا التحليل قراءة معمقة لآثار هذه الدورة الجيوسياسية على استراتيجيات سلسلة القيمة، كما يسلط الضوء على ضرورة تبني نماذج الإنتاج المعيارية والمرونة التشغيلية مقابل التكلفة الباهظة للتمويل والإنتاج الجديد في ظل تحدي المحافظة على الاستفادة من كفاءة مراكز التصنيع الرئيسية كالصين.

التحول الجذري في التصنيع، الهروب السريع من "فخ الصين"
كانت الشركات الكبيرة مثل يونيليفر ونستله تعمل باستراتيجية تُسمى بـ "الصين + 1"، وهي كانت خطة بسيطة فبدلًا من أن يتم تصنيع كل شيء بالصين فيتم نقل جزء صغير من الإنتاج لدول أخرى كفيتنام أو المكسيك.
أصبح الآن الوضع مختلف تمامًا، فوفقًا لتقرير Euromonitor، اتجهت الشركات لإعادة توطين عاجلة وكبيرة وذلك لأن 72.3% من الشركات يُتوقع أن تضربها التعريفات الجمركية الجديدة ضربة قوية للغاية خلال السنة المقبلة.
فتركز هذه الشركات حاليًا على استراتيجيتين للنجاة منها، المرونة، أي التغيير السريع في خطط الإنتاج والتوريد، والإنتاج المعياري أهم ما يحتاج تركيز، فلم يعد المصنع مجرد مبنى ضخم ثابت ومخصص لمنتج واحد فقط، فأصبح المصنع عبارة عن وحدات إنتاج مستقلة.
على سبيل المثال، يونيليفر تستثمر في مصانع بالذكاء الاصطناعي لكي تغير الإنتاج بضغطة زر وبدون تعطيل، كما أن نستلة توسع مصانعها التي تعمل بنظام "وحدات إنتاج مستقلة" في المكسيك وبولندا لكي تتكيف بسرعة، فتتبع هذه الشركات استراتيجية تسمى بالتصنيع المرن لكي أسرع من أي أزمة جيوسياسية أو قانون جديد
"فاتورة الجمارك" تجبر المصانع على تغيير مواقعها
أصبحت السياسات التجارية تجبر الشركات على اتخاذ قرارات "هجرة" إنتاج قاسية، حينما فرضت أمريكا تعريفات 50% على الواردات من الهند، والكثير من الشركات هندية قررت نقل الإنتاج تماماً، مثل "بيرل جلوبال" للملابس التي قررت تتجه لبنجلاديش وإندونيسيا وفيتنام نظرًا لأن التعريفة هناك أقل.
فقررت شركة "فاديلال" للآيس كريم أن تفتح مصنعا في أمريكا نفسها لكي لا تضطر إلى دفع جمارك على الآيس كريم التي تستورده من الهند حتى الشركات المعروفة كـ (Shein) التي كانت تعتمد بشكل كبير على سرعة إنتاج الصين، اضطرت لنقل جزء من إنتاجها وفتح مخازن في أمريكا لكي تخفف الضغط، مما يوضح أن الشركات تنظر إلى التعريفات على أنها عبء كارثي وعلى استعداد لدفع فاتورة النقل والإنشاء الضخمة لكي تهرب منها.

المخاطر الجيوسياسية تحتم التوازن بين كفاءة الصين وضرورة التنويع
رغم كل محاولات الهروب وإعادة التوطين، ما زالت الصين القلب النابض للتصنيع العالمي في مجالات عديدة كالمنسوجات والألعاب، لكن المشكلة تكمن في أن الشركات تعتمد على الموردين الصينيين في مكونات أساسية، والكفاءة الرهيبة وسلسلة الإمداد المتكاملة الخاصة بالصين من الصعب أن تتكرر في أي مكان آخر بسهولة.
أدركت الشركات الكبيرة أن الخروج الكامل من الصين يعتبر "انتحارا اقتصاديا"، لذلك هي لم تقم بخروج كامل بل أنشئت سلاسل إمداد موازية في أماكن أخرى أي الشركة الآن تستفيد من الكفاءة الرخيصة للصين، وفي نفس الوقت تؤمن نفسها من أي عقوبات مفاجئة بإنها جاهزة لتنتج من مكان آخر، مما يسمى بتقليل المخاطر وليس الخروج التام.
يتضح من التقرير أن ما حدث ليس أزمة عابرة حسب، بل تغيير هيكلي في طريقة عمل التجارة العالمية، فالمخاطر الجيوسياسية لن تهدئ قريبًا، والتوترات واللوائح الجديدة ستغير الخريطة.
أبرز التوقعات الفترة المقبلة
1.قد تصرف الشركات مبالغ ضخمة لكي تستطيع إدراك من أين تأتي البضاعة، ومن المورد الأساسي للمورد الذي تتعامل معه.
2.قد تسيطر المصانع المرنة التي تستطيع تغيير منتجها بين يوم وليلة على المشهد، وهذا سيكون شرطا أساسيا للبقاء في السوق.
3.كل تكاليف النقل وإعادة التوطين وبناء سلاسل إمداد موازية والإنتاج في مصانع أغلى، فسيأتي على المستهلك النهائي عبء ارتفاع الأسعار على FMCG.
اقرأ أيضًا:-
"تمكين التصنيع محليًا" خطوة للاندماج في سلاسل القيمة العالمية

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص فيالصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
طفرة مشاريع وتوظيف، مصر ضمن أكبر الاقتصادات العربية في مؤشر مديري المشتريات
06 ديسمبر 2025 11:56 ص
تقرير "يورومونيتور": العالم يدخل 2026 في توازن هش، ومخاطر الديون والمناخ تتجاوز التضخم
03 ديسمبر 2025 05:00 م
لماذا تتجه شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى إلى الأسواق الناشئة؟، الهند نموذجًا
03 ديسمبر 2025 01:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً