هل تدفع سياسات ماسك منصة «إكس» إلى مزيد من التراجع؟

الأربعاء، 03 ديسمبر 2025 10:03 ص

إيلون ماسك

بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة إكس في أكتوبر 2022، تتزايد المؤشرات التي تعكس تراجعًا واضحًا في مستوى التفاعل والتأثير، وسط جدل متصاعد حول سياسات المنصة التحريرية وعلاقتها بطموحات مالكها السياسية، إضافة إلى موجة انسحاب ملحوظة من جانب المعلنين.

ويرى مختصون أن ما تشهده إكس لم يعد مجرد تحولات تقنية أو اقتصادية، بل أصبح انعكاسًا مباشرًا لرؤية ماسك الأيديولوجية وطريقته في توظيف المنصة ضمن مشروع نفوذ سياسي أوسع.

هبوط لافت في معدلات التفاعل داخل منصة إكس

وتكشف بيانات حديثة عن هبوط لافت في معدلات التفاعل داخل منصة إكس، إذ أظهر تحليل إحصائي نشره موقع Proxidize في أكتوبر الماضي أن معدل التفاعل الكلي انخفض بنسبة 48.3% خلال عام واحد فقط، متراجعًا من 0.029% في 2024 إلى 0.015% في 2025.

وتراجعت وتيرة نشر العلامات التجارية بنحو الثلث تقريبًا، وهبط متوسط عدد التغريدات الأسبوعية للحسابات التجارية من 3.31 إلى 2.16، بالتوازي مع انخفاض متوسط زمن الاستخدام اليومي من أكثر من 30 دقيقة إلى نحو 11 دقيقة فقط، وهو ما يعكس تحولًا في سلوك المستخدمين مع صعود منصات الفيديو القصير.

انخفاض عدد مستخدمي «إكس» على الهواتف المحمولة

الباحث في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التوليدي الدكتور فادي عمروش يؤكد أن هذه المؤشرات تدعم فرضية تراجع المتابعة على المنصة، مشيرًا إلى بيانات سيميلر ويب التي أظهرت انخفاض عدد مستخدمي إكس على الهواتف المحمولة من 388.5 مليون مستخدم في منتصف 2023 إلى 311.1 مليون في 2025، بخسارة تتجاوز 75 مليون مستخدم.

ولفت إلى تراجع متوسط الإعجابات لكل منشور من 37.8 في 2023 إلى 31.4 في 2024، بنسبة تقارب 17%، وأرجع ذلك إلى الاستقطاب الحاد حول شخصية ماسك، وتغيير الخوارزميات، وسياسات توثيق الحسابات المدفوعة، إلى جانب تقييد الوصول المجاني للواجهة البرمجية، وهو ما أضعف التفاعل غير المدفوع وأثر في طبيعة النقاش العام داخل المنصة.

تأسيس ماسك لحزب سياسي جديد باسم «America Party»

ومع صعود ماسك لاعبًا سياسيًا بارزًا في الولايات المتحدة، تزايدت المخاوف بشأن تداخل السياسة مع إدارة المنصة، فقد كشفت بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية عن تقديمه تبرعات تجاوزت ربع مليار دولار خلال انتخابات 2024 لدعم دونالد ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين.

وفي يوليو 2025 أعلن عبر إكس تأسيس حزب سياسي جديد باسم America Party، في خطوة اعتُبرت انتقالًا من موقع الممول السياسي إلى فاعل مباشر في المشهد السياسي، مستندًا إلى نفوذه على المنصة.

استحواذ ماسك شكّل أكبر تحول في تاريخ منصة إكس

ويرى أستاذ الإعلام الرقمي الدكتور الأخضر شادلي أن استحواذ ماسك شكّل أكبر تحول في تاريخ إكس، موضحًا أن سياسات تويتر قبل الاستحواذ كانت تقوم على ضبط المحتوى ومكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة عبر آليات تحقق ولجان مستقلة، إلا أن المرحلة الجديدة شهدت، بحسب وصفه، انحيازًا متزايدًا لخطاب حرية التعبير المرتبط بتحالفات ماسك السياسية، ما أضعف المعايير المهنية وفتح الباب لحملات تضليل، وحوّل المنصة إلى أداة نفوذ سياسي عالمي أكثر من كونها مجرد شبكة تواصل اجتماعي.

منصة إكس توفر بيئة آمنة للعلامات التجارية

وانعكس هذا التحول سلبًا على ثقة المعلنين، ووفق تقرير صادر عن شركة Kantar في سبتمبر 2024، اعتبر 4% فقط من المعلنين أن إكس توفر بيئة آمنة للعلامات التجارية، مقابل نسب أعلى بكثير لمنصات مثل جوجل ويوتيوب.

وأظهر التقرير أن 26% من المسوقين يخططون لخفض إنفاقهم الإعلاني على إكس خلال 2025، وأعلنت شركات كبرى مثل آبل وديزني وآي بي إم وباراماونت ووورنر براذرز وقف إعلاناتها بسبب مخاوف من ظهور محتوى مثير للجدل بجوار إعلاناتها وضبابية سياسات المحتوى.

إعادة بناء ثقة المستخدمين والمعلنين عبر تحسين معايير الأمان

ومع انتقال الميزانيات الإعلانية إلى منصات أكثر استقراراً مثل يوتيوب وتيك توك وميتا وأمازون، يؤكد مختصون أن فرصة عودة إكس لا تزال قائمة، لكنها مرهونة بإعادة بناء ثقة المستخدمين والمعلنين عبر تحسين معايير الأمان، وتكريس الشفافية في سياسات المحتوى والإعلانات، وتحقيق توازن حقيقي بين حرية التعبير وضبط المحتوى الضار، وفي المحصلة، يبدو أن مستقبل «إكس» سيظل معلقاً بين طموحات مالكها السياسية، وحسابات السوق، وصبر المستخدمين في مشهد رقمي سريع التغير.