«المال السياسي» يُربك انتخابات النواب 2025 ويهدد بإلغائها.. والدولة تتدخل انتصارًا لـ «النزاهة»

الإثنين، 17 نوفمبر 2025 09:00 م

المرحلة الاولى لانتخابات مجلس النواب 2025

كتب- تهامى البندارى

تشهد الساحة السياسية حالة من الجدل المتصاعد، بعد بروز وقائع وصور تكشف تنامي نفوذ ما يعرف بـ«المال السياسي» خلال المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025، وسط شكاوى من مرشحين وناخبين بشأن ممارسات تهدد نزاهة الاستحقاق وتثير تساؤلات حول عدالة المنافسة وتأثيرها على إرادة الناخبين.

وقائع شراء أصوات وكراتين سلع أمام اللجان

يرى مراقبون، أن المرحلة الأولى للانتخابات شابها وقائع ومخالفات عدة تستدعي التحقيق، من بينها انتشار فيديوهات توثق شراء أصوات الناخبين مقابل 200 جنيه، وأخرى تُظهر وجود كراتين زيت وسكر أمام بعض اللجان في الجيزة وبني سويف وأسيوط، في مشاهد تعكس مدى تغلغل المال السياسي.

تهديد مباشر لنزاهة الانتخابات

تشير تلك الخروقات الواضحة إلى أن المال السياسي يمثل أحد أخطر التهديدات التي تواجه الانتخابات البرلمانية، حيث تحولت العملية الديمقراطية من وسيلة للتعبير عن إرادة المواطن إلى ساحة صراع مالي يحسم نتيجته من يمتلك الإنفاق الأكبر، عبر حملات مضللة أو شراء أصوات، في تناقض مع مبادئ «الجمهورية الجديدة» التي ينشدها المصريون بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

برلمان مهدد بالضعف أمام سطوة النفوذ المالي

بدا واضحًا، أن استمرار ظاهرة المال السياسي يضرب في عمق مشروع وأهداف ومحاور الجمهورية الجديدة، ويخلق بيئة انتخابية غير عادلة ربما تنتج برلمانًا ضعيفًا غير قادر على أداء دوره التشريعي والرقابي ومحاسبة الفاسدين، وتصبح فيه الكلمة العليا لأصحاب النفوذ المالي على حساب أصحاب الرؤى والخبرة والمشروعات الوطنية.

انسحاب مرشحين احتجاجًا على تجاوزات رغم الوصول للإعادة

وصلت التجاوزات إلى حد إعلان بعض المرشحين انسحابهم من السباق رغم تأهلهم لجولة الإعادة وفقًا للفرز الأولي، وأعلن عماد الغنيمي، المرشح على المقعد الفردي بالدائرة الثامنة بالبحيرة، والتي تضم مركزي إيتاي البارود وشبراخيت، انسحابه من الانتخابات رغم تأهله للإعادة.

كما أعلنت النائبة نشوى الديب، المرشحة عن دائرة إمبابة بالجيزة، انسحابها قبل بدء التصويت، مؤكدة أن قرارها جاء بسبب «غياب معايير النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص»، على حد وصفها.

وقالت "الديب" في بيان لها: «خضت هذه الانتخابات مؤمنة بروح الجمهورية الجديدة وروح المنافسة الشريفة، إلا أن ما شهدته من مخالفات واضحة وغياب لمعايير العدالة والنزاهة، جعل الاستمرار أمرًا لا يتفق مع قناعاتي ولا مع المبادئ التي أؤمن بها، وأعلن انسحابي الكامل من هذه الانتخابات دفاعًا عن قيم الديمقراطية الحقيقية وحق المواطن في اختيار حر ونزيه».

تدخل رئاسي حاسم لإعادة الانضباط

قبل يوم واحد من إعلان نتيجة المرحلة الأولى، تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بقوة وفي توقيت حاسم، مؤكدًا أنه لن يأتي نائب إلى البرلمان دون إرادة الناخبين، وأن المنافسة يجب أن تتم بالنزاهة والشفافية المطلقة.

وجاء حديث الرئيس بعد رصد انتهاكات وتجاوزات ملأت الدنيا صراخًا، رآها الجميع وتابعتها القيادة السياسية والأجهزة المختصة، بصورة لا تحتمل الانتظار طويلًا، ليتدخل سريعًا في محاولة أشبه بإنقاذ الغريق من موت محقق، رافعًا شعارًا واضحًا: "نحن دولة قانون" ولا مجال للمحسوبية.

تكليفات مباشرة للهيئة الوطنية للانتخابات

خلال كلمة هامة اليوم الاثنين، دعا الرئيس السيسي، الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى فحص كل الأحداث والمخالفات التي جرت خلال المرحلة الأولى، والتدقيق في كافة الطعون المقدمة.

وكتب الرئيس على صفحته الرسمية بموقع "فيس بوك": «وصلتني الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية، وتخضع تلك الأحداث للفحص من الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي هيئة مستقلة وفقًا لقانونها».

كما كلف الرئيس الهيئة بمنح مندوب كل مرشح صورة من كشف حصر الأصوات، وعدم التردد في اتخاذ القرار الصحيح حال تعذر الوصول لإرادة الناخبين الحقيقية، سواء بإلغاء المرحلة كاملة أو إلغاء بعض الدوائر وإعادة الانتخابات فيها لاحقًا.

بعد دقائق من كلمة الرئيس السيسي، تواصلت «إيجي إن» مع المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، وقال تابع قرأ كلمة رئيس الجمهورية، بشان ضرورة التحقيق في بعض خروقات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب.

وقال المستشار "بدوي"، إنه من المقرر عقد مؤتمر صحفي، لإيضاح بعض المستجدات الخاصة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب بكل شفافية،

الهيئة الوطنية للانتخابات: لا تهاون مع أي خروقات

كلمة الرئيس السيسي، التي حملت معانٍ كثيرة وعميقة، أراد خلالها أن يعلنها صراحة بأن “المواطن هو صانع نتيجة الانتخابات”، وتحقيق كافة معايير النزاهة والحياد، دفعت الهيئة الوطنية للانتخابات، بالفعل، إلى عقد مؤتمر صحفي استثنائي، مساء اليوم الاثنين، للرد على الاستفسارات التي شغلت كثيرين، وقالت إنها تلقت 88 تظلمًا، وتتصدي لجميع التظلمات في أي وقت إلى ما قبل إعلان نتيجة المرحلة الأولى غدًا الثلاثاء.

أكدت الهيئة الوطنية للانتخابات، في ردها على أسئلة الصحفيين، أن أي إخلال بالإجراءات القانونية ربما يؤدي لإعادة الانتخابات أو إبطال الدائرة بالكامل، مشددًا على استقلال الهيئة وصلاحيتها الكاملة في اتخاذ هذه القرارات.

ترقب واسع قبل إعلان النتائج

ويظل تدخل الرئيس السيسي، وما أعقبه من تصريحات هامة للهيئة القضائية المسؤولة عن إعلان نتائج الانتخابات، محور اهتمام الشارع السياسي، بينما تترقب الأنظار نتيجة الغد التي ربما تحمل مفاجآت، في أعقاب توجيهات الرئيس السيسي، وسط آمال بأن تعكس النتائج إرادة حقيقية للمواطنين الساعين إلى غرفة تشريعية منضبطة وواعية ومدركة لحساسية اللحظة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.