الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

02:49 م

أمريكا تعتمد الحمائية رسميًا، الرسوم الجمركية سياسة ثابتة لتعزيز الصناعة المحلية

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 09:28 ص

 الرسوم الجمركية تتحول إلى سياسة دولة في أمريكا

الرسوم الجمركية تتحول إلى سياسة دولة في أمريكا

ميرنا البكري

في الوقت الذي يترقب فيه العالم قرار المحكمة العليا الأمريكية بشأن قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، أوضحت الإدارة الأمريكية الحالية أن هذه الرسوم ستستمر سواء أيدتها المحكمة أم رفضتها، وهو ما يؤكد أن التعريفات الجمركية قد تحولت من مجرد إجراء مؤقت إلى جزء أصيل وراسخ من السياسة الاقتصادية الأمريكية الجديدة.

الأساس القانوني للرسوم وتجاوز الصلاحيات

تنظر المحكمة العليا حالياً في مدى قانونية استخدام ترامب لقانون الطوارئ الاقتصادية لعام 1977 لفرض رسوم جمركية ضخمة على واردات من دول كالصين والهند، وقد كانت المحاكم الأدنى ترى أن ترامب تجاوز صلاحياته الدستورية، لأنه استخدم قانون الطوارئ لأغراض تجارية بحتة وليس لأغراض أمنية، وهو ما يخالف الغرض الأصلي للقانون.

لكن الإدارة الأمريكية الجديدة تراهن على موقفها، حيث صرح وزير الخزانة سكوت بيسنت بأن الحكومة لديها مسوغات قانونية بديلة، مثل قانون التجارة 1974 أو قانون الرسوم 1930، والتي تتيح لها فرض تعريفات جمركية قد تصل إلى 50% إذا لزم الأمر، مما يعني أن سقوط القانون الحالي لن يغير من استراتيجية فرض الرسوم.

تكلفة الحماية الجمركية على المستهلك والشركات

أصبحت الشركات الأمريكية في مأزق حقيقي، فكما أوضح بيل كانادي، رئيس شركة OTC للتقنيات الصناعية، أن شركته نقلت إنتاجها من الصين إلى الهند هرباً من الرسوم، لكن الرسوم الجديدة أبقت التكلفة كما هي، بل وزادت سوءًا، هذا يكشف عن فقدان الشركات لمرونتها، حيث أصبح كل بديل لسلاسل التوريد السابقة أكثر تكلفة، وهذا المشهد ينذر بدخول الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة من حروب الرسوم التي تؤدي إلى اضطراب سلاسل التوريد وزيادة الأعباء والتكلفة على المستهلك الأمريكي نفسه.

اقرأ أيضًا:-

ترامب يحذر من كارثة اقتصادية، مصير التعريفات الجمركية في يد المحكمة العليا

ترامب: حال إلغاء المحكمة العليا الرسوم قد نصبح من دول العالم الثالث

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ترامب يربط العجز التجاري بالأمن القومي

دافع ترامب بشراسة عن سياسته، معتبراً أن الولايات المتحدة "انتُهبت لعقود" من قبل حلفائها وخصومها، وأن الحل الوحيد هو الرد بالمثل، وهو أول رئيس في تاريخ أمريكا يستخدم قانون الطوارئ لتطبيق تعريفات جمركية واسعة النطاق، معتبراً أن العجز التجاري الأمريكي الذي وصل إلى 1.2 تريليون دولار في عام 2024 يمثل حالة طوارئ وطنية، وتتركز فكرته ببساطة على أن العجز التجاري تهديد للأمن القومي، وأن الرسوم هي السلاح الأمثل لإعادة التوازن وحماية الصناعة الأمريكية.

إدمان الإيرادات الجمركية والفجوة المالية

من الجانب المالي، جلبت هذه الرسوم للحكومة الأمريكية 118 مليار دولار زيادة في الإيرادات الجمركية عام 2025، وساهمت في تقليص العجز الفيدرالي إلى 1.7 تريليون دولار، رغم ذلك، يرى الاقتصاديون أن الرسوم تشكل فخاً اقتصاديًا، فقد تحولت هذه الإيرادات إلى مصدر دخل هام، وأي إدارة قادمة ستخشى إلغائها تجنباً لوقوع فجوة مالية ضخمة، أي أن أمريكا دخلت مرحلة "إدمان الإيرادات الجمركية".

الرسوم ترفع التضخم وتبدد المكاسب

في الوقت نفسه، نتج عن هذه الرسوم ارتفاع في معدل التضخم بحوالي 0.4 نقطة مئوية، وهو ما يعني أن الأسعار أصبحت أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، فما تكسبه الحكومة من إيرادات جمركية، يدفعه المواطن في صورة أسعار أعلى، مما يقلل من صافي الفائدة الاقتصادية.

الرسوم كوسيلة لإعادة هيكلة الاقتصاد

يعتقد ترامب والإدارة الحالية أن الرسوم أصبحت ركيزة أساسية للسياسة الاقتصادية الأمريكية الجديدة، حيث تشمل الحماية الجمركية قطاعات استراتيجية متعددة من السيارات والرقائق وصولًا إلى الروبوتات والطيران.

أشار المحامي تيم برايتبيل بوضوح إلى أن هذه الإدارة تعتبر الرسوم حجر الأساس في سياساتها، وعلى الشركات بناء خططها على هذا الأساس. هذا يعني أن أمريكا تتجه نحو مرحلة "الحمائية المنظمة"، حيث تُستخدم الرسوم كوسيلة لإعادة هيكلة الاقتصاد وحماية الصناعات الحيوية، بدلاً من أن تكون مجرد أداة للضغط التجاري.

انعكاسات قرار المحكمة على التضخم والنمو

إذا أيدت المحكمة العليا قانونية الرسوم، فسيكون ذلك بمثابة شرعنة كاملة للحمائية الأمريكية، وقد يتبعه ارتفاعات جديدة في التعريفات، خاصة على الصين والاتحاد الأوروبي. أما إذا ألغت القانون، فستلجأ الإدارة فورًا إلى القوانين البديلة، وقد توسع نطاق الرسوم تحت مبرر “الأمن الاقتصادي”، في كلتا الحالتين، يستمر عدم اليقين للشركات الأمريكية، وتواصل سلاسل التوريد العالمية التكيف مع نظام تجاري أقل انفتاحًا، أما بالنسبة للتضخم، فإن استمرار الرسوم سيجعل الفيدرالي حذراً للغاية في خفض الفائدة، مما قد يعني تباطؤاً محتملًا في النمو خلال عام 2026..

أصبحت قصة الرسوم الجمركية عنوانًا لمرحلة جديدة في الاقتصاد الأمريكي، لقد نجح ترامب، سواء كان في الحكم أو خارجه، في تغيير طريقة تفكير واشنطن تجاه التجارة، حيث عادت الحمائية لتكون أداة رسمية، ونتج عن هذا التحول عالم أكثر انقسامًا، وأسواق أكثر اضطرابًا، ومستهلك أمريكي يدفع ثمن هذه السياسة التي تولدت من رحم حالة الطوارئ وأصبحت الآن هي القاعدة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search